مراسلون التقى السياسي الليبي محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بليبيا، ووجه إليه أسئلة تلخص جملة ما يواجهه الحزب من اتهامات على الصعيد الوطني.

هنا نص الحوار

بماذا ردت عليكم دار الإفتاء بعد البيان الذي عاتبتموها فيه على فتوى رفض حكومة الوفاق؟

مراسلون التقى السياسي الليبي محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بليبيا، ووجه إليه أسئلة تلخص جملة ما يواجهه الحزب من اتهامات على الصعيد الوطني.

هنا نص الحوار

بماذا ردت عليكم دار الإفتاء بعد البيان الذي عاتبتموها فيه على فتوى رفض حكومة الوفاق؟

نحن لسنا في انتظار رد من دار الإفتاء، لأن ما عرضناه ليس تحليلاً أو تخمينا، إنما حقائق بالنصوص القطعية من مذكرة الاتفاق، فقد بيّنا أن دار الإفتاء استندت إلى معلومات غير دقيقة أو بالأحرى غير صحيحة، وقلنا ذلك بوضوح إن المجلس الرئاسي دخل ليبيا على قطعة بحرية ليبية، وهذا أمر يقيني لا يحتمل نصف الحل، على عكس ما قالت دار الإفتاء.

دار الإفتاء قالوا أيضاً إن المجلس الأعلى للدولة هو مجلس استشاري ليس له أي صلاحيات، لكن القاصي والداني، يدرك لو يرجع إلى المذكرة، أن مجلس الدولة لديه صلاحيات كبيرة جداً، تتعلق بتعديل الإعلان الدستوري، بسحب الثقة من الحكومة والمناصب السيادية وبتقرير مصير الدستور، فنحن لسنا في معرض الرد على ذلك، نحن بيّنا الحقائق التي لا تقبل الجدل، ومن يجادل فليرجع لمذكرة الاتفاق السياسي.

انتشر مقطع فيديو لك عبر صفحات التواصل الاجتماعي الأيام الماضية تقول فيه إن البرلمان الليبي وقع في الفخ فيما يتعلق بفقرة صلاحيات تعديل الإعلان الدستوري، هل يجوز الانخراط في الحوار بعقلية تدبير المكائد القانونية؟

هذا المقطع سُجل في قاعة بها المئات من المواطنين، وربما أكثر من المئات، وللأسف فإن مقطع الفيديو فُهم بطريقة خاطئة، أنا قلت إن أطراف الحوار تحايلت على الخصمين الرئيسين “المؤتمر والبرلمان”، لأن كلاً منهما يدعي الشرعية، فنحن عملنا خدعة أو حيلة لتقريب وجهات النظر، وابتكرناً نصا يسمح لكل من البرلمان والمؤتمر بتعديل الإعلان الدستوري، وهو ما يسمى في لغة الحوار “الغموض البنّاء”، وهي طريقة للتقريب بين وجهات النظر، موجودة حتى في تراثنا الإسلامي.

تلقى حزبكم ضربة كبيرة بخسارته في انتخابات مجلس النواب في يونيو 2014 عكس المكاسب التي حققها في انتخابات المؤتمر الوطني، لماذا؟

هذا الكلام ليس له أساس من الصحة، ببساطة لأن انتخابات البرلمان لم تدخل فيها الأحزاب أصلاً. نحن لم نشارك، ليست لدينا كتلة في البرلمان، لدينا كتلة في المؤتمر الوطني، ربما لدينا أعضاء دخلوا مستقلين للبرلمان، لكن لا يوجد لدينا عمل حزبي أو كتلة في البرلمان “مجلس النواب”.

هل صحيح أن حوار الصخيرات كان هو السبيل الوحيد أمام حزب العدالة والبناء للعودة للعملية السياسية في ليبيا، خاصة بعد نتائج انتخابات مجلس النواب؟

هذه بعض المغالطات التي يجري وراءها البعض، فمجلس النواب لم تشارك فيه الأحزاب، وهذا للأسف قصور من السياسيين، والحقيقة الساطعة مثل الشمس أن مجلس النواب انتخب على أساس فردي.

أما موضوع الصخيرات، فنحن نعتقد جازمين أن حل مشكلة ليبيا والخروج من الأزمة والانقسام لا يأتي إلا بالجلوس على طاولة الحوار، ونجزم أن حزب العدالة والبناء كان رأس الحربة في نجاح الحوار يإيجابياته وسلبياته، وحزب العدالة والبناء يتحملها وتحسب له، لكن لا أحد يشكك في أن حزب العدالة والبناء قد قاد الحوار في الطرف الغربي في ليبيا، بدون أي منازع، اعتقاداً منا بأنه المخرج لليبيا، نعتقد أننا قمنا بما نستطيع، نحن نريد أن تصبح ليبيا دولة، وتوضع العربة على السكة، وأن تدخل الأحزاب لتتنافس في العملية السياسية، الآن ليس وقت مكاسب، الآن هو العمل بوطنية بامتياز لا يخضع حتى لأجندة حزبية، هذه الأحزاب قد تتغير وتذهب أسماؤها، فالمهم أن يبقى الوطن وأن نجد ليبيا لكي نجد ميداناً نتنافس فيه على العملية السياسية.

خلافكم مع المؤتمر الوطني ومشاركتكم في حوار الصخيرات، كان بمثابة القفز من السفينة قبل غرقها حسب قول بعض النشطاء، ما ردك؟

ما أراه أن المؤتمر الوطني العام ليست قبة البرلمان، وليست الجدران والخرسانة. المؤتمر الوطني هو إرادة أعضاء المؤتمر الوطني، ونحن ندرك من البداية أن أغلبهم يعتقدون جازمين أنه لا حل في ليبيا إلا الحل السياسي والحوار، ولكن رئاسة المؤتمر تحديداً استخدمت أساليب غير ديمقراطية في تعطيل الجلسات ومنعها أحياناً، والالتفاف على اللائحة الداخلية، حتى لم يتبق من المؤتمر سوى رئيسه ومعه 15 عضواً فقط، فالمؤتمر الوطني هو إرادة الأعضاء، والأعضاء الذين يتجاوزون المائة انضموا للمجلس الأعلى للدولة، وهذا تأكيد على كلامي.

اتهم حزبكم بالسعي للنيل من المؤتمر الوطني بعد تحميلكم إياه مسؤولية سقوط الطائرة العمودية التي كانت تقل عدداً من قادة التشكيلات المسلحة وضباط عسكريين وموظفين بالبنوك غرب ليبيا في أكتوبر العام الماضي؟ هل لدى الحزب ما يثبت أن المؤتمر يتحمل ذلك فعلاً؟

هذا غير صحيح، الحزب حمّل المؤتمر الوطني مسؤولية عدم فتح الطريق الرابط بين طرابلس وغربها، ما جعل المواطن يستخدم الزوارق وطائرات الإسعاف الضعيفة، ولهذا السبب، كانت مسؤولية غير مباشرة، لأن هناك حكومة ولديها ميزانيتها، وبالتالي فإن الحزب حمّل المؤتمر مسؤوليته غير المباشرة عن سقوط الطائرة.

 في أحد تصريحاتك ذكرت أن الحزب حُمّل أخطاء التيارات الإسلامية السياسية في ليبيا. ما هي هذه الأخطاء، ولماذا حملت لكم أنتم دون غيركم؟

أنا أقول إن بعض الذين يُحسبون على التيار الإسلامي، وأغلبهم من الأفراد ليس لديهم أي انتماء، سوى عاطفة إسلامية، وهذه العاطفة كثيراً ما تكون نظرتها بعيدة عن الواقع، وهؤلاء جميعاً يُصنفون على أنهم من التيار الإسلامي، وحزب العدالة والبناء يُصنف على أنه حزب وطني ذو مرجعية إسلامية، ولكن الحقيقة أثبتت أن التيار الوطني المعتدل هو الأقرب لحزب العدالة والبناء، و بالتالي فإن المنطقة الرمادية التي بها جموع الشعب الليبي من “المسلمين” الوطنيين هم أقرب لحزب العدالة والبناء من الذين يدعون أنهم إسلاميون، ويختلفون اختلافاً جذريا مع اجتهادات حزب العدالة والبناء.

فحزبنا يؤمن بالتداول السلمي على السلطة، وقيام دولة المؤسسات والقانون، والديمقراطية كوسيلة لنجاح العملية السياسية، ولكن للأسف دائماً نتحمل ممارسات أفراد غير مسؤولين والتي غالبا تُنسب لحزب العدالة والبناء.

بعد استقالة أعضاء بارزين من حزبكم اتهموا الحزب بأنه انحرف عن رسالته وأن قياداته انفردوا بالقرار دون الرجوع للأعضاء وأخذ المشورة؟

أولاً، الأحزاب مؤسسات مفتوحة، وبالتالي فإن حركة العضوية فيها مرنة، ولا شك أن الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية، لا سيما داخل مؤسسة مثل حزب العدالة والبناء وهي مؤسسة فاعلة لها اجتهاداتها و موجودة في بؤرة الاحداث، فإننا نحترم كل الآراء.

ولكن في ذات الوقت، ما جاء في سؤالكم كان منذ فترة طويلة، تحديدا إبان اجتهاد الحزب بشأن الانحياز للحوار الليبي – الليبي برعاية الأمم المتحدة، واعتباره المخرج الأساسي للأزمة الليبية، هنا كانت بعض الآراء التي ترى أن حكم المحكمة يكفي لحل مشكلة ليبيا، لكن قيادة الحزب كانت تدرك أن حكم المحكمة على الرغم من أنه كان صحيحا، وبالرغم من أن أمنياتنا كانت أن يلتزم المجتمع الدولي بما قرره القضاء الليبي، ولكن قدمنا قضية ليبيا وتوحيد صفوفها قبل كل شيء، وجعلنا ذلك هو همنا الأساسي، فكانت قيادة الحزب لها اجتهاد في أن حكم المحكمة  لن يحل المشكلة، وبالتالي اتجهت للحوار، بطبيعة الحال هناك بعض الأعضاء لم يعجبهم هذا الأمر، وأقول بكل وضوح إن أكثر من 90% منهم تراجعوا عن موقفهم اليوم، وأصبحوا يقتنعون بصواب اجتهاد الحزب من الأساس.

يتهمكم الطرف المقابل لكم بأن انتماءات الحزب تتجاوز حدود ليبيا، بمعنى أن الحزب ذو ارتباط سياسي وعقائدي وثيق بجماعة الإخوان في مصر وحزب النهضة بتونس وحزب العدالة والتنمية في تركيا، كيف تدافعون عن أنفسكم أمام هذا الاتهام؟

حزب العدالة والبناء هو حزب ليبي، وأجندته ليبية صرفة، وليس له أي ارتباط بغيره، أما الحديث على أن حزب العدالة والبناء يصنف من جملة الأحزاب الوسطية الممتدة في شرق العالم العربي، نعم حزب العدالة والبناء كمدرسة وسطية فكرية أقرب إلى حزب العدالة والتنمية في المغرب، وحزب العدالة والتنمية في تركيا، وحزب النهضة في تونس، وغيرها من الأحزاب.

هذا كمدرسة فكرية معتدلة لها اجتهاد سياسي، وتمثل مشروعا حضاريا معتدلا وسطيا، يسعى إلى ترسيخ هوية الأمة الإسلامية، ولكن على ذكر الانتماءات، فنقول إن هناك تيارات سياسية أخرى، مرتمية ارتماء كاملا في دول الجوار لا نريد ذكرها، نحن نشترك مع غيرنا في بعض الأفكار العامة، ولكن ليست لدينا أي ارتباطات أو علاقات بأي جهات أخرى إلا بمجتمعنا الليبي.

 أخيراً أود سؤالك كيف تقيّم العمليات العسكرية في بنغازي؟

لا شك أنها عمليات تسببت في انتهاكات كبيرة جداً لم تحصل حتى في حرب التحرير ضد القذافي، بسبب استغلال حفتر لفزاعة الإرهاب، ونحن للأسف دائماً ننسى أو نتناسى الأحداث.

السيد حفتر خرج على قناة العربية قبل أن يرفع شماعة الإرهاب أيام حكومة زيدان، وقال إنه احتل طرابلس، وإنه على المؤسسات أن تُسلم، وأعلن تجميد الإعلان الدستوري، ثم لما عجز عن تنفيذ هذا الأمر، ذهب إلى بنغازي وعسكر في معسكر الرجمة وأعلن أنه سيبدأ حربا على الإرهاب.

نحن لا ننكر وجود الجماعات الإرهابية المتطرفة في كل ليبيا، وأعلنت عن وجودها في درنة وصبراتة وسرت وفي بنغازي، لكن النظرة الموضوعية المنصفة أن هناك بعض الجماعات المسلحة تحمل فكر داعش التكفيري وهناك ثوار صادقين يختلفون سياسياً مع حفتر، ويرون أنه مشروع عسكري انقلابي يجب مقاومته، وهذه هي الحقيقة.

عندما كانت الحرب بين داعش والليبيين هُزم داعش في أيام، هُزم في درنة وصبراتة، ولكن عندما كانت الحرب لأغراض أخرى في بنغازي لم يُهزم داعش، لأن الأمر ليس كما يروج له البعض أنه حرب على الإرهاب، مع اعترافنا بأن هذه المجموعات موجودة فعلا في ليبيا كما ذكرت لك.