في زيارته الأولى لألمانيا عقب توليه رئاسة الجمهورية قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي بحضور المستشارة أنجيلا ميركل “لولا خروج الشعب المصرى لمكافحة الفاشية الدينية، كنا سنصبح شوية لاجئين” في إشارة إلى مظاهرات المصريين الحاشدة في 30 يونيو ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي. لكن هذا التحول في الساحة السياسية المصرية عمق أيضا من حالة الاستقطاب، ودفع عددا من وسائل الاعلام إلى مهاجمة اللاجئين واتهامهم دون أدلة بدعم جماعة الإخوان المسلمين وعدم الاستقرار في مصر.

في زيارته الأولى لألمانيا عقب توليه رئاسة الجمهورية قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي بحضور المستشارة أنجيلا ميركل “لولا خروج الشعب المصرى لمكافحة الفاشية الدينية، كنا سنصبح شوية لاجئين” في إشارة إلى مظاهرات المصريين الحاشدة في 30 يونيو ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي. لكن هذا التحول في الساحة السياسية المصرية عمق أيضا من حالة الاستقطاب، ودفع عددا من وسائل الاعلام إلى مهاجمة اللاجئين واتهامهم دون أدلة بدعم جماعة الإخوان المسلمين وعدم الاستقرار في مصر.

هجوم وسائل الاعلام المتكرر على اللاجئين، وتحديدا السوريين، جعلهم يعيشون “أسوأ” أيامهم في مصر، ليس فقط على مستوى التعامل الأمني بل أيضا التعامل مع المجتمع المصري الذى شابته الشكوك في ظل استقطاب سياسي حاد وعنف في الشوارع لم تشهد مصر منذ سنوات طوال. 

س . موسى مالكة شقة بمنطقة المعادي قررت فتحها للاجئين السوريين بدون مقابل في نهاية عام 2012 محاولة منها في مساعدة الأسر الوافدة لحين تمكنهم من الحصول على فرصة عمل ودخل مالي ثابت. فوجئت السيدة المصرية بعد 4 أشهر بأن أحد الأشخاص قدم ضدها بلاغا في قسم الشرطة يتهمها باستئجار شقتها لخلية إرهابية أجنبية تعقد اجتماعات عدة يومياً.

استدعت الشرطة مقدم البلاغ، الذى لم تكن لديه أي أدلة على اتهاماته للسيدة. وقال ع. محمد، مقدم البلاغ، أمام الضابط إن “مصر الآن في حالة حرب وأغلب القادمين من خارجها جاءوا لتنفيذ عمليات إرهابية”، وأضاف أن “الشقة يتردد عليها يومياً عدد كبير من غير المصريين وهو لا يعلم ما يدور في تجمعهم داخلها، ولن ينتظر حتى يفاجئ بقوات الأمن تقتحم المنزل وتلقي القبض عليهم وتتهمهم بالتستر على خلية إرهابية!”.

لم يصل الموقف إلى مرحلة التحقيق حيث انهى الضابط البلاغ بشكل ودي، وطالب من صاحبة الشقة التوقف عن تقديم الشقة للاجئين ومراعاة الحالة الأمنية للوطن واحترام خوف وقلق الجيران فاستجابت للطلب وتنازل الجار عن تقديم البلاغ بشكل رسمي.

ص.يعقوب 35 عاما، سوداني الجنسية ويعيش في مصر منذ 7 سنوات، يقول: ” جئت إلى مصر هرباً أثناء معركة تقسيم السودان ، كنت أظن أننا شعب واحد وأننا سيرحب بنا.. أنا أسكن ببيت بمنطقة شعبية بوسط العاصمة، لا يتعامل معنا الجيران خوفاً من أننا نمارس السحر كما يدعون ودليلهم في ذلك رائحة بخور سوداني وحنة تنبعث من بيتنا مختلفة عن ما اعتادوا عليه في مصر، ابني يتعرض للسخرية في مدرسته بسبب جنسيته، وابنتي تتعرض للتحرش يومياً والسخرية من لونها، أضف إلى ذلك تعنت المصالح الحكومية وتعامل الموظفين معنا باعتبارنا متسولين أتينا نستعطفهم في المصلحة الحكومية لا أننا بشر مثل من يتعاملون معهم من المصريين والجنسيات الأخرى وندفع مقابل الخدمات التي نتلقاها”.

و.صابر، 29 عاما سوري الجنسية ويعيش بمصر منذ 3 سنوات، يقول: “نحن نعاني أزمة حقيقية بمصر تتعلق بنظرة المجتمع المصري لنا وكأننا نقاسمهم لقمة العيش ونحصل على فرصهم في العمل يصر البعض على اتهامنا مباشرة أننا سبب أزمة التوظيف في مصر ويعاملنا الكثير من زملاء العمل بحدة شديدة وكذلك خارج العمل دائما ما نواجه بالمشكلات التي تصل أحياناً إلى التعدي بالضرب أو التحرش”.

و.خالد طالبة عراقية، عمرها 21 عاما، تقول: ” أتيت إلى مصر مع أهلي منذ اندلاع الحرب في العراق واضطررت للعمل بائعة في محل ملابس بجانب دراستي لأساعد أهلي في نفقات المعيشة ، منذ أول يوم استلمت فيه عملي أعاني من مضايقات من نسبة كبيرة من الرجال المصريين.. يُنظر إلينا – اللاجئات – باعتبارنا بنات للمتعة وأن عملنا مجرد تغطية لبغاء نمارسه سراً.. التقيت من تحرش بي لفظياً ومن حاول لمسي ومن طلب مني المجيء إلى شقته والتقيت مرة أحد السيدات اللاتي يملكن بيت دعارة بمنطقة الجيزة، ودعتني للعمل معها وحين رفضت قالت لي ” انتِ هتدعي الشرف علي تلاقيكي مش عاوزة حد يقاسمك السبوبة “.

ط.قادر، سوداني وأحد ضحايا ما يعرف إعلاميا بـ ” مذبحة مصطفى محمود للاجئين السودانيين عام 2006 ” أصيب أثناءها بكسر في اليد اليمنى يقول: ” كانت حديقة مسجد مصطفى محمود مكتظة بالنساء والأطفال لكن ذلك لم يمنع قوات الأمن المصرية من التعدي علينا وسقط أمام أعيننا 70 قتيلاً وأمام أجواء محاطة بالكراهية والعنصرية ضدنا قررت الهرب إلى إسرائيل بعد أن فقدت الأمل في أن يسعنا أي مكان بالوطن العربي”.

يحكي قادر: “تسللت إلى الحدود مع مجموعة من السودانيين الآخرين، ورحب بنا في البداية ثم بدأنا نتعرض لتمييز وعنصرية بسبب لوننا وثقافتنا العربية وهوياتنا التي كتب بها الديانة مسلم واختتم الأمر بقانون سنه كنيست الإسرائيلي  عام 2013 يقضي باحتجاز وحبس المهاجرين الأفارقة بشكل عام والسودانيين على نحو خاص لمدة عام دون تهمة أو تقديمهم للعدالة، تسللت مجددا إلى مصر من جديد في 2013 ، وسكنت أنا وأصدقائي وعائلة سودانية أخرى بمنطقة 6 أكتوبر.

وتعقيباً على أوضاع اللاجئين في المجتمع المصري يقول الحقوقي هشام عيسى عضو “المؤسسة المصرية لحقوق اللاجئين” إن اللاجئين في مصر يعانون تزايداً في الانتهاكات يوماً بعد يوم سواء من المجتمع أو من أجهزة الأمن وساهم في ذلك بشكل كبير الإعلام الذي حولهم إلى شبح يهدد حياة المصريين ثم بعد 30 يونيو صورهم باعتبارهم موالين لتنظيمات الإسلام السياسي وسبب العمليات الإرهابية.

ويقول الدكتور محمد مجاهد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: “عنف بعض المواطنين ضد اللاجئين هو أمر جديد على مجتمعنا، فعلى مدار عقود كان المجتمع المصري يرحب بكل وافد عليه ويقاسمه قوته بسعة صدر ، حتى من أتوا مصر محتلين مثل الانجليز كان المجتمع يتوصل لآلية للتعامل مع المدنيين منهم”.

ويضيف أستاذ علم الاجتماع: “لكن الأمر هنا ليس مرتبطا بعنف تجاه اللاجئين فقط بل مرتبط بحالة عنف كاملة يعيشها كل المجتمع ، صور القتلى والدماء تملأ وسائل الإعلام ، والمجتمع سياسياً أصبح منقسما على نفسه وكل طرف يتهم الآخر إما بالكفر أو العمالة ويبرر عنفه ضده.. لم يعد لدينا ثقافة تقبل الآخر وهذا انعكس على اللاجئين الذين يفرغ فيهم قطاع من المجتمع غضبه باعتبارهم الطرف الأضعف داخل مصر”.

ويرى مجاهد أن المجتمع المصري بات بحاجه إلى تأهيل نفسي وبرامج مجتمعية تساعده على تقبل الآخر بينما يجب على وسائل الاعلام عن التحريض ورسائل التخوين لأنها تؤثر بصورة سلبية على السلام المجتمعي.