يتحدث عبد الستار بن موسى في هذا الحوار عن المخاطر التي تحدق بالمرحلة الانتقالية، مثل الإرهاب وانتهاكات حقوق الانسان والأزمة الاجتماعية والاقتصادية، ودور المجتمع المدني التونسي في مواجهتها.

هل كان حصولكم على جائزة نوبل بفضل الاتحاد العام التونسي للشغل؟

يتحدث عبد الستار بن موسى في هذا الحوار عن المخاطر التي تحدق بالمرحلة الانتقالية، مثل الإرهاب وانتهاكات حقوق الانسان والأزمة الاجتماعية والاقتصادية، ودور المجتمع المدني التونسي في مواجهتها.

هل كان حصولكم على جائزة نوبل بفضل الاتحاد العام التونسي للشغل؟

في الحقيقة كنا نتوقع أن يحصل الاتحاد العام التونسي للشغل على الجائزة باعتباره كان ينتظرها منذ السنة الماضية (2014) حيث احتل المرتبة الثانية. وباعتبار أن الرسالة التي وجهها السنة الماضية جامعيون تونسيون إلى لجنة إسناد الجائزة رشحوا فيها منظمة الشغيلة لنيل الجائزة وأبرزوا مبادرتها في إطلاق الحوار الوطني من أجل دعوة مختلف الأطراف إلى التفاوض لتجاوز الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتأزمة في تونس خلال صيف 2013. وقد جلبت هذه الرسالة أنظار العالم إلى نجاح تجربة الحوار الوطني في تونس.

لكن بالنظر إلى حجم المنافسة وعدد الملفات المترشحة (273 ملفا توزعت إلى 68 منظمة و205 شخصية) وهو رقم قياسي في تاريخ جائزة نوبل (ثاني أعلى رقم سجل للمترشحين منذ تأسيس الجائزة)، يعتبر حصول منظمتنا مع بقية أطراف رباعي الحوار الوطني مفاجئة سارة وغير متوقعة. مفاجئة لن ينساها التونسيون عبر تاريخهم الحاضر واللاحق.

من يمكن اعتباره الفائز الأول بعد تتويج المنظمات الراعية للحوار؟

فعلا هذا تكريم تاريخي يتجاوز المنظمات الأربعة ليكرم بدرجة أولى كافة شهداء الوطن وشهداء الثورة. إنها جائزة لتونس ولجميع التونسيين والتونسيات دون استثناء.

لقد جاءت هذه الجائزة في وقتها المناسب، باعتبارها أول رسالة جدية من العالم لدعم الانتقال الديمقراطي في تونس وفي منطقتنا، ولتبرهن على أن تونس موحدة في محاربة الإرهاب وتحقيق الرهانات التي قامت من أجلها الثورة.

زلّ لسانك، وعوض كلمة حوار وطني نطقت في افتتاح الحوار الوطني كلمة “حمار” وطني. واستغل الرافضون في جدوى الحوار هذا الخطأ وجعلوه للتهكم والتندر. ماذا تقول لهم اليوم؟

(مبتسما) أقول لهم نعم لقد تحصل أول حمار في العالم على جائزة نوبل للسلام. الرباعي الراعي للحوار الوطني تحصل على جائزة عالمية نافس عليها بالخصوص كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والبابا فرانسيس وكذلك جون كيري وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف. لعل زلة اللسان كانت هي سر النجاح.

رغم الإشادة بالجائزة فإن بعض المراقبين ما زالوا متوجسين من الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي في البلاد. ما رأيك؟

نعم هذا صحيح لا يجب أن تخفي الجائزة على أحد بأن مازالت تونس تواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية ناهيك الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ساهمت في تراجع القطاع السياحي الذي يمثل عصب الاقتصاد الوطني. لكن دور الرباعي الراعي للحوار لن يتوقف عند هذا الحد، فمثلما ساهمنا في المرور من مرحلة المؤسسات المؤقتة إلى مرحلة المؤسسات الدائمة سنساهم من موقعنا كمكون من مكونات المجتمع المدني في الوصول بالبلاد إلى بر الأمان.

هل تعتقد بأن المجتمع المدني التونسي أصبح قادرا فعلا على تأمين الانتقال رغم كل المخاطر والتحديات؟

تاريخيا كان للمجتمع المدني دور كبير في حياة التونسيين. فاتحاد الشغل مثلا له تاريخ كبير في النضال والتفاوض وكان حاضنة لكل القوى السياسية والكفاءات الثقافية. كذلك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان كانت دائما إلى جانب الحق وضد الظلم على الرغم من محاولات التدجين والسيطرة عليها زمن نظام بن علي والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين واتحاد الأعراف كذلك. وهناك منظمات أخرى فاعلة في المجتمع نتعامل معها وهي تشارك في الشأن العام.

ولعل من معاني إسناد الجائزة لرباعي الحوار الوطني هو الاعتراف بالدور الريادي للمجتمع المدني في تونس وبجهوده لإنقاذ البلاد. وآمل أن يظل المجتمع المدني سلطة مضادة مهما كانت طبيعة السلطة القائمة وأن يلعب دوره في كل القضايا والملفات الكبرى والإصلاحات.

بمنحكم جائزة نوبل للسلام ماهي الرسالة التي أرادت اللجنة النرويجية أن توصلها إلى تونس وبقية العالم؟

هي أولاً رسالة لكل مكونات الشعب التونسي حتى يتوحد لرفع كل التحديات الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومقاومة الإرهاب.

من جهة أخرى هي رسالة قوية لكل الدول العربية للخروج من أزماتها وذلك بإرساء مبدأ الحوار وآمل أن تكون الجائزة مصدر إلهام لكل من يسعى إلى تعزيز السلام والديمقراطية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وباقي دول العالم.

الجائزة أيضا رسالة أمل رائعة لكل الشعوب التي تكافح من أجل الحرية والديمقراطية. فالكراهية والتطرف والحرب والإرهاب لا يمكن أن تكون إلا طريقا نحو الموت. ونحن ندعوهم إلى اتباع سبيل الحوار والتوحد من أجل مصلحة بلدانهم.

كيف يمكن استثمار الجائزة خاصة من الناحية الاقتصادية؟

كما ذكرت الجائزة هي اعتراف بأن تونس يمكن فيها الحياة والعيش بسلام والاستثمار أيضا. وبحصولنا على أهم جائزة دولية للسلام انتشر اسم تونس في كامل أرجاء العالم وأصبحت بلادنا تتصدر جميع نشرات الأخبار العالمية وهو أهم تسويق لتونس وصورتها.

لو تحدثنا عن قيمة الجائزة ومتى تتسلمونها وكيف تنوون صرفها؟

تسليم الجائزة كما تم التصريح بذلك سيكون يوم 10 ديسمبر/كانون الأول القادم بالعاصمة النرويجية أوسلو، وقيمتها أيضا كما بلغني هو 972 ألف دولار أي حوالي مليون و900 ألف دينار تونسي. وكما ذكرت لك سابقا عملنا هو تطوعي وسيبقى في خدمة الشأن العام ولا نترقب أجرا. أما بخصوص المبلغ فالرابطة لها مكتبها التنفيذي ولها قواعدها في كامل أنحاء البلاد (حوالي 40 فرعا بأهم مدن البلاد شمالا وجنوبا). وعندما نتحصل على مبلغ الجائزة سنناقش داخل هياكل الرابطة مصيره. لكن أهم مشكل يعترضنا هو افتقادنا لمقر يليق بالرابطة ويمكننا من تنظيم الاجتماعات واستقبال المتظلمين والضيوف في فضاء مريح.

على ذكر المتظلمين هل مازالت تصل الى مقر الرابطة ملفات تعذيب أو اضطهاد في تونس؟

طبعا ما زالنا نتلقى بعض التشكيات ونحن نتوقع أن تكون هناك دائما انتهاكات قد تكون فردية في بعض الأحيان. ولكن من واجبنا أن نفضح هذه التجاوزات ونتصدى لها. الرابطة التونسية ستواصل القيام بواجبها والدفاع عن المظلومين والتصدي إلى كل الانتهاكات مهما كان مصدرها.