حصلت الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية التي أقيمت عقب ثورة 25 يناير في آخر مجلس نواب مننتخب في مصر عام 2011 على ثلثي مقاعد البرلمان، وجاءت جماعة الاخوان في المقدمة بينما تلتها أحزاب التيار السلفي متمثل في حزب النور. فهل يستمر الوضع في الانتخابات الحالية أم يتغير خاصة مع خروج الاخوان من اللعبة السياسية وحظر حزب الحرية والعدالة على خلفية اعتبار جماعة الإخوان المسلمون جماعة إرهابية؟

حصلت الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية التي أقيمت عقب ثورة 25 يناير في آخر مجلس نواب مننتخب في مصر عام 2011 على ثلثي مقاعد البرلمان، وجاءت جماعة الاخوان في المقدمة بينما تلتها أحزاب التيار السلفي متمثل في حزب النور. فهل يستمر الوضع في الانتخابات الحالية أم يتغير خاصة مع خروج الاخوان من اللعبة السياسية وحظر حزب الحرية والعدالة على خلفية اعتبار جماعة الإخوان المسلمون جماعة إرهابية؟

ويشير محمد الهادي الباحث في شئون التيارات الاسلامية إلى أن الأحزاب الإسلامية الموجودة حتى الآن تتمثل في حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الاسلامية وحزب الوسط والفضيلة والاصالة والوطن والنور ومصر القوية، والأحزاب القريبة منهم مثل العمل الجديد وغد الثورة وجميعهم أعلنوا عدم خوضهم للانتخابات البرلمانية عدا حزب النور.

النور يلعب منفردا

“فشلت جماعة الإخوان في التسلل للانتخابات البرلمانية سواء بالتحالف مع أحزاب دينية أخرى بعد أن أعلنت معظم تلك الأحزاب التي كانت متحالفة معها عدم المشاركة في الانتخابات مثل حزب الوسط وحزب مصر القوية وحزب غد الثورة أو مشاركة عناصرها في الانتخابات البرلمانية”، هكذا يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ويضيف إن حزب النور هو المكون الإسلامي الوحيد المشارك في الانتخابات وقد تضم قوائمه شخصيات كانت تنتمي لأحزاب إسلامية أخرى أو دعاة من خارج الأحزاب.

جدير بالذكر أن مجلس النواب الجديد، التي ستجرى انتخاباته في 18 و19 من اكتوبر القادم، سيكون مكوّنا من 567 عضو موزعين كالتالي: 420 عضو يتم انتخابهم فردي في 237 دائرة وفق عدد السكان، و 120 عضو يتم انتخابهم بالقوائم من خلال اربع قوائم تتقدم بها ائتلافات الأحزاب.

وأضاف فهمي أن جماعة الإخوان عجزت عن إيجاد أية سبيل للمشاركة عبر الألاعيب مثل الزج بأسماء غير معروفة على قوائم أحزاب أخرى التي كانت تستخدمها بشكل مستمر خلال الفترات الماضية للمشاركة في الانتخابات، لكن الانسحابات التي تمت من جانب بعض القوائم الانتخابية خلال الفترة الأخيرة ستصب في صالح حزب النور وقوائمه في غرب الدلتا والقاهرة.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن المنافسة في القوائم ستنحصر بين قائمتي “في حب مصر” القائمة المحسوبة على النظام وقائمة “النور”، وسيسعى الحزب السلفي إلى إظهار أنه المكون الإسلامي الوحيد في الانتخابات كي يكون لنفسه ظهيرًا شعبيًّا في الانتخابات.

الاسلاميون ينتقدون العداء للديمقراطية

من ناحيته يتساءل أحمد ماهر عضو الهيئة العليا لحزب الوسط ذو المرجعية الاسلامية مستنكرا “من هم أعضاء جماعة الاخوان الذين سيخوضون الانتخابات في الوقت الذي يمكث فيه أعضاء الصف الأول والثاني والثالث منهم في السجون؟”

ويضيف “المنطق يقول إن الإخوان لن يخوضوا الانتخابات لاعتبارات أولها سياسية لأن لديهم قناعة بأن النظام الحالي جاء بقرار عسكري وبالتالي فإن وجود اي انتخابات في تلك المرحلة لا تعد شرعية ثانيا بسبب الظـــروف الداخــلـــية والهيــكلية للإخوان ووجود عدد كبير في السجون”. وقال “اعتقد انه لا الإخوان ولا التيارات الإسلامية أو أحزاب لها مرجعية إسلامية ستخوض الانتخابات لان الوضع الحالي صعب جدا وليس مثل الوضع أيام مبارك ليتمكنوا من الدخول عبر أحزاب أخرى أو فردي، ولا يوجد في الوضع الحالي حديث عن أجواء انتخابات حقيقية لكي نتحدث في هذا الأمر”.

وأكد ماهر أن حزب الوسط مقاطع للانتخابات مقاطعة نهائية وتم الإعلان عن هذا منذ فترة، مضيفا “ما زلنا على موقفنا لاننا نعتبر ما يحدث “مشهدا مسرحيا” أكثر مما هو انتخابات حقيقية وهي في النهاية محسومة وبالتالي لا توجد انتخابات حقيقية ولا أجواء يستطيع من خلالها الشعب أن يختار ويصوت”.

وأضاف “من يطالب الرئيس بحل البرلمان في حال حصول السلفيين على نسبة 60٪ من مقاعد البرلمان  من الليبراليين واليسارييين يطالب بشيء لن يحدث من الأساس ولكن هذا يدل على عداء حقيقي من هؤلاء الأشخاص للديمقراطية وعدم ايمان بها وانها بالنسبة لهم شعارات ليس أكثر. وهذا يتضح منذ وجود مرسي فإنه جاء بالانتخاب وكان يجب ان يرحل ويأتي غيره بالانتخابات أيضا أو استطلاع رأي ولكن حدث ما حدث فكيف أن يأتي برلمان وحقق نسبة 60٪ من أي تيار ليبرالي أو سلفي أو إخواني أو مدني ويقوم رئيس الدولة بحله فأين الفصل بين السلطات واين احترام الديمقراطية وهذا يعكس ان الديمقراطية لديهم مفهوم هش وغير حقيقي وهي مرتبطة بمصالحهم”.

حملة لمنع الأحزاب الدينية

الأحزاب ذات المرجعية الدينية تثير جدلا منذ نشأتها، فالدستور يحظر قيام أحزاب على أساس ديني، والأحزاب من ناحيتها تقول إنها ذات مرجعية دينية فقط. المستشار نجيب جبرائيل عضو اللجنة الاستشارية لحملة انطلقت مؤخرا تحت شعار “لا للاحزاب الدينية” من أجل حظر الأحزاب الدينية. ويقول جبرائيل معلقا على تدشين الحملة “إن ذلك ياتي في اطار تطبيق مواد الدستور الذي أجمع عليه الشعب، والذي ينص في المادة 74 على عدم قيام أحزاب على أساس ديني ولتشكيل برلمان يعكس ارادة الشعب، فالاحزاب الدينية تمثل خطورة شديدة على مرحلة الانتقال الديمقراطي”.

جبرائيل أكد أن حملته تتحرك في اتجاهين، الأول شعبي بتجميع استمارات وتوقيعات للمطالبة بحل الاحزاب الدينية وتوعية المواطنين بخطورتها، والثاني الاتجاه القانوني باللجوء إلى القضاء من أجل حل الأحزاب القائمة على أساس ديني على أن تقدم الحملة التوقيعات للقضاء مرفق بها مستندات بممارسات هذه الأحزاب.

ويضيف بأن الدولة تريد عمل توازنات سياسية ومجتمعية وتكملة مشوار خارطة الطريق باقامة الانتخابات البرلمانية ولا يمكنها حل الاحزاب إلا بحكم قضائي وفقا للدستور، موجها الاتهام لما وصفه بالأحزاب الكرتونية التي لا تعمل في الشارع بأنها السبب وراء سيطرة التوجهات الدينية.

الفصل للقضاء

من ناحيته يرفض الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية الحملات المناوئة للاحزاب الاسلامية، ويقول “إن القوانين والدساتير في صفنا ولا تعترف بجمع قطاع من توقيعات ضد حزب سياسي، وتوجد جهات قضائية نترك لها الفصل في مدى قانونية الحزب، إذ لا يمكن أن يكون قرار حل حزب النور بناء على رغبة بعض الناس في هذا الأمر وحتى إذا تمكنوا من تجميع عدد التوقيعات التي يبحثون عنها أمر لا يهمنا لأن حزب النور شارك في وضع الدستور وساهم في نجاح خارطة الطريق”.

وأضاف بأن السلفيين فصيل وطني وقف ضد جماعة الاخواتن وشارك في خارطة الطريق بداية من إقرار الدستور ومرورا بالانتخابات الرئاسية والآن الانتخابات البرلمانية المقبلة. متابعا “اننا سنحتكم لصندوق الانتخابات وهو ما سيعكس شعبية حقيقية على الارض ولا داعي لاقصاء حزب النور”.

15 %

في النهاية يشير أحمد بان الخبير في شئون الحركات الاسلامية إلى أننا لسنا بحاجه إلى تأكيد خطر الأحزاب الدينية على الحياة السياسية خاصة بعد تجربة جماعة الاخوان في الحكم التي هضمها الشعب جيدا بالشكل الذي يحول دون الانخداع بشعار او سلوك او برنامج، ويقول “لست ضد حل الاحزاب الدينية ولكن فقط مع ان يجري ذلك وفق سياق منضبط بالدستور والقانون والمواثيق الدولية للحقوق والحريات ويضيف بأن هذه الاحزاب بلغت نحو 15 حزبا من بين أكثر من 100 حزب مصري بمعنى انها تمثل 15 % من جملة الاحزاب وهذا الرقم يمثل دلالة ان هذا هو الحجم الحقيقي للاسلاميين في مصر”.

ويؤكد بأن أن الطريق الأمثل لمواجهة الاحزاب الدينية هو نشأة أحزاب حقيقية تنشغل بتقوية بنيانها الفكري وتنظيمها السياسي وانضاج برامج جادة قادرة على الاشتباك مع مشاكل الناس اليومية وتقديم بدائل للمصريين.

يستخلص بان في النهاية أن الاخوان على الأرجح لن يشاركوا في الانتخابات بأي صورة، وأن السلفيين سيحلون محل جماعة الاخوان، لكنهم لن يشكلوا رقما صعبا في البرلمان القادم، وإنما سيعود التيار الاسلامي إلى حجمه الحقيقي على الأرض بما لا يمثل أكثر من 15 % مع أكثر الارقام تفاؤلا.