“في البداية، كان الرسم على الجسد مجرد هواية، فقد كنت أقوم برسم الحناء على أيدي أصحابي”، تقول عالية فضالي بينما تجلس في صالونها الكائن بحي الزمالك الراقي بالقرب من وسط القاهرة.

صالون عالية مخصص لرسم “التاتو”الذي عرفه المصريون من عهود قديمة، وما زال العجائز في صعيد مصر يحملونه على أيديهم. فرسومات الأسود والسيوف والصقور لطالما شكلت دلالة على الإقدام والشجاعة وقيم الفروسية التي يتقاسمها رجال المجتمع البدوي، في حين تضع النساء البدويات خطوطا او نقاطاً على ظاهر الكف وعلى أسفل الشفاه والذقن.

في ذلك الوقت لم يكن اسمه “تاتو” بل كان “وشما”، ولم يكن “يرسم” ولكن “يدق”، ومازال ملايين من المسيحيين المصريين يدقون صلبانا ورسوما للمسيح وللعذراء ولعدد من القديسيين على معاصمهم وأذرعهم.

ترى عالية أن “التاتو” أصبح أكثر ثراءً الآن، بعد أن تداخلت روافد كثيرة من حضارات مختلفة لتجعل منه فنا عالميا.

وتتابع عالية مسيرتها مع الرسم على الجسد حيث تقول: “انبهرت عندما تعرفت على فن “التاتو”، فأخذت أقرأ بعناية عن هذا الفن، وقمت بدراسة مختلف مدارس التاتو على المستوى العالمي سواء كانت مدارس أسيوية أو أوروبية أو لاتينية، ثم ازداد تعمقي الشديد وولعي بالممارسة العملية فأخذت ارسم على جسد أقاربي وأصحابي، ثم اتسعت الدائرة حتى انتقلت إلى احتراف هذا الفن كمهنة..وفتحت صالونًا لرسم التاتو”.

وأضافت: “في البداية كان الشباب والشابات يرغبون في التاتو لمجرد الموضة فحسب لكن بمرور الوقت زاد الوعي فأصبح بعضهم يطلب رسم شكل، أو كلمات معينة تعني له قيمة، أو ذكرى في حياته”.

وترى عالية أن هناك اقبال كبير من الشباب والشابات على رسم الوشوم على أجسادهم. فقد كان يأتي للصالون الخاص بها ثلاثة أشخاص بصفة يومية في السنة الماضية، أما الآن فيأتي ستة أشخاص في اليوم.

كما تلاحظ الفنانة أن الفئة العمرية المقبلة على رسم التاتو تبدأ من سن العشرينيات إلى أواخر الثلاثنيات، و قليل في الخمسينات أو الستينات وهؤلاء عادة أجانب أو مصريين عاشوا في أوروبا فترات طويلة.

أما الشباب أقل من ثمانية عشر عامًا “فيجب أن يصطحب أحد من أسرته كي يوقع على ورقة تفيد بعلمه أن التاتو سيكون دائمًا على جسده”، وعادة يكون هذا الإقرار مذيّل بالرقم القومي لولي أمر الشاب.

رسم التاتو ليس رخيص الثمن، فعالية تقول أن ثمن التاتو يتوقف على عدة عوامل منها حجمه، ومدى دقة الرسومات المطلوبة وتشابكها وتعقيدها، ويمكن أن نقول بشكل عام -والحديث لعالية- أن الأسعار تبدأ من خمسمائة جنيه (حوالي ستين يورو) وتصل إلى مائة ألف جنيه – ما يقرب من اثني عشر ألف يورو- بحسب شكل الرسم المطلوب.

ختمت عالية حديثها معنا بتذكرها عدد من طلبات التاتو الغريبة التي يطلبها الزبائن، ولكن أغربها بالنسبة لها كان أجنبيا طلب منها ان ترسم تأشيرة دخول مصر على كتفه.