أثار مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أعدته الحكومة المصرية، ويأتي في ظل غياب برلمان منتخب، غضب وقلق قطاع كبير من الصحفيين المصريين، خاصة أنه تضمن مواد تفرض المزيد من القيود على ممارسة عملهم، وسط حالة من الضجر بسبب التضييق الأمني، والقبض على عدد منهم، لكن البعض يراه مقبولا في ظروف استثنائية.

وفيما نفت الحكومة مساس القانون بحرية الإعلام، أكد نقابيون ومدافعون عن حرية الصحافة، أنهم يقفون صفا واحدا مع الدولة في حربها على الإرهاب، لكنهم لن يقبلوا بتقييد حرية الصحافة، وحق الحصول على المعلومات من مصادر متعددة.

أثار مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أعدته الحكومة المصرية، ويأتي في ظل غياب برلمان منتخب، غضب وقلق قطاع كبير من الصحفيين المصريين، خاصة أنه تضمن مواد تفرض المزيد من القيود على ممارسة عملهم، وسط حالة من الضجر بسبب التضييق الأمني، والقبض على عدد منهم، لكن البعض يراه مقبولا في ظروف استثنائية.

وفيما نفت الحكومة مساس القانون بحرية الإعلام، أكد نقابيون ومدافعون عن حرية الصحافة، أنهم يقفون صفا واحدا مع الدولة في حربها على الإرهاب، لكنهم لن يقبلوا بتقييد حرية الصحافة، وحق الحصول على المعلومات من مصادر متعددة.

جدير بالذكر أن مصر تحتل المرتبة رقم ١٥٨ من بين ١٨٠ دولة وفق مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2015.

اعتراضات من نقابة الصحفيين

الجدل حول مشروع القانون احتدم في الأيام الأخيرة. فقد”أقسم” رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب أن “الصحافة غير مستهدفة” بقانون مكافحة الإرهاب، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، يوم الأربعاء (8 يوليو 2015)، حسب صحيفة “المصري اليوم”.

فيما قال جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، على موقع تويتر “محلب بيقول للصحفيين: لن نحبس الصحفيين وهو حابس 64 صحفي! وفيه صحفيين عارفين إن فيه صحفيين محبوسين، وصدقوه ، وشكروه، وعيونهم دمعت”، ثم قام بنشر رابط لقائمة تضم 62 صحفيا بالسجون المصرية.

والتقى رئيس الحكومة وعدد من وزراءه أعضاء من مجلس نقابة الصحفيين إضافة إلى بعض رؤساء التحرير، الأربعاء ٨ يوليو، للمناقشة حول التحفظات التي يبديها الاعلاميون على مواد القانون، ووعدت الحكومة بدراستها، وانتظارها لمقترحات نقابة الصحفيين.

وكانت نقابة الصحفيين قالت في بيان إن مجلسها “ليس في مجال الاعتراض على سن تشريع عصري يستطيع مجابهة الموجة الجديدة من الإرهاب بكل حسم وحزم، لكن مجلس النقابة الذي حملته الجماعة الصحفية شرف مسئولية وأمانة الدفاع عن مصالحها وصون حرية واستقلال الصحافة، يؤكد أنه سيقف بكل حسم وحزم أيضا، في مواجهة أي مواد مدسوسة تنال من تلك الحرية التي ناضلت أجيال متعاقبة من الصحفيين من أجل نيلها”.

وأعلنت النقابة عن رفضها لخمس مواد في القانون، هي المواد: 26،27، 29، 33، 37،  وأشارت إلى تواصلها  مع النقابات المهنية الأخرى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، من أجل الاتفاق على موقف موحد لمواجهة تلك المواد التي تقيد حرية الصحافة، وتعيد عقوبة الحبس. ووصفت تلك المواد بأنها “خطيرة” و”تنال من حق المجتمع في معرفة الحقائق، وحرية الصحافة والإعلام في استقاء المعلومات من مصادرها المختلفة”.

“قوانين سيئة السمعة”

تضمن المواد الإشكالية حظرا لتسجيل أو تصوير جلسات محاكمة قضايا الإرهاب(المادة ٣٧)، ومعاقبة من ينشر أخبارا تتعلق بقضايا الإرهاب وتتنافى مع التصريحات الرسمية بالسجن(المادة ٣٣). كما يحظر القانون الجديد جمع أي معلومات عن منفذي أحكام القانون بغرض إلحاق الأذى بهم(المادة ٢٩). وقالت آيات عبد الهادي، مديرة وحدة البحث والتوثيق في “مرصد صحفيون ضد التعذيب”، إن المرصد منذ اللحظة الأولى أعرب عن رفضه المطلق لبعض مواد القانون (26،27، 29، 33، 37)، وأن تلك المواد تضيف المزيد من القيود الموجودة أصلا على حرية الصحافة.

وجاء في بيان للمرصد أن القانون المقترح يضاف إلى “سلسلة من القوانين سيئة السمعة صدرت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وكان الهدف منها تقييد الصحافة، إلا أن الأمر تغير بعد دستور 2014 والذي نص صراحة على إلغاء الحبس في قضايا النشر و تسهيل الحصول على المعلومات ليأتي قانون الإرهاب ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن عامين في قضايا النشر المتعلقة بالإرهاب.”

وأوضحت مديرة البحث والتوثيق بالمرصد أنه في الوقت الذي يصدر فيه هذا القانون، نجد أنه لا توجد تشريعات تحمي الصحفي من الاعتداءات، التي يتعرض لها من شتى الجهات الرسمية وغير الرسمية، وحتى من المواطنين في الشارع في بعض الأحيان. وأضافت أنه في الأسبوع الأول من شهر يوليو الحالي، تم احتجاز 12 صحفيا، أفرج عن بعضهم وتم تحرير محاضر لأربعة منهم.

وكشفت عبد الهادي أن إحصاءات المرصد تشير إلى أن هناك 17 صحفيا بعضهم محبوس احتياطيا، وأحيلت أوراق البعض الآخر إلى محكمة الجنايات، فيما صدرت أحكام ضد بعضهم بالفعل، هذا إضافة إلى عدد (لم تحدده) من الصحفيين الذين أخلي سبيلهم على ذمة قضايا.

“الاعلام الالكتروني مستهدف”

وأفرد مشروع القانون مادة خاصة بالتواصل الالكتروني، وهي المادة ٢٧، التي تنص على عقوبة الحبس المشدد لكل من أنشأ أو استخدم موقعا على شبكة الانترنت للترويج لأفكار إرهابية، أو لتضليل السلطات الأمنية. كما تنص على عقوبة السجن المشدد لكل من حاول الحصول على معلومات بطريقة غير مشروعة من على المواقع الالكترونية الحكومية. وقال أحمد أبو القاسم، السكرتير العام لنقابة الصحفيين الإلكترونيين المصريين، إن النقابة بدأت بالتحرك فعليا استعداد لتقديم طعن في عدم دستورية القانون، إذا لم يتم حذف وتعديل المواد المقيدة لحرية الصحافة، لافتا إلى أن الصحفيين الإلكترونيين يقفون جنبا إلى جنب مع نقابة الصحفيين في مواجهة المواد التي تمس حرية الإعلام في هذا القانون.

وأكد أن الإعلام بشكل عام، والإلكتروني بشكل خاص مستهدف من قبل الدولة، مشيرا إلى المادة 27 من القانون، وإجراءات من قبل بعض الوزارات والمحافظين بمنع التعامل مع الصحفيين الإلكترونيين، الذين ليسوا أعضاء بنقابة الصحفيين المصريين التي لا تضم في عضويتها العاملين بمواقع إلكترونية مستقلة عن مطبوعات ورقية أو كالات أنباء معترف بها لديها.

وقالت نقابة الصحفيين الإلكترونيين في بيان لها “لا يمكن مصادرة حق الصحفي في الحصول على معلوماته وقصرها على المصادر الحكومية وهو ما لا يجوز مطلقاً لأن السلطة التنفيذية ليست وصيا أو رقيبا على الصحافة والإعلام.. ولن تكون”.

“لا داعي للمزايدات”

لكن هناك بعض الصحفيين يؤيد تمرير القانون، وينتقدون موقف نقابتهم منه. فتقول محاسن السنوسي، عضو الجمعية العامة لنقابة الصحفيين، على صفحتها بموقع فيس بوك “عفوا، مجلس نقابة الصحفيين.. نحن مع الوطن، فلا تحدثوني عن الحياد”.

وقالت السنوسي -في اتصال هاتفي- إن ما أدى إلى التضييق الأمني هو غياب المهنية لدى بعض الصحفيين، الذين لا يدققون الأخبار، ولا يعتمدون على مصادر موثوق بها، وأشارت إلى أنه كان من الأفضل أن تتبع النقابة أسلوبا علميا بدلا من الضجيج الإعلامي، كأن تقدم مقترحاتها لتعديل القانون. ورأت في لقاء رئيس الحكومة لمجلس النقابة إشارة إيجابية لحل المشكلة.

وقال الكاتب الصحفي مصطفى بكري، في مداخلة على برنامج “القاهرة اليوم” على قناة “اليوم”: إن أمريكا وبلدان أخرى طبقت قوانين لمكافحة الإرهاب، تضرر منها صحفيون، ومؤخرا، تونس أعلنت حالة الطوارئ، فلا داعي للمزايدات، فالدولة في حالة حرب.

وأشار بكري إلى أن المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب، لا تخالف الدستور، كما يقال، لأنها لا تعاقب على وجهات النظر، ولكنها تخص من يبث أخبارا كاذبة متعلقة بالإرهاب، وطالب بالوقف مع الدولة المصرية، مضيفا “أنا لو تجاوزت، أول واحد يتحبس”.

وبينما يدور ذلك الجدل، وتترقب الأوساط الإعلامية قرار الحكومة في الاقتراحات التي تقدمت بها نقابة الصحفيين، الأربعاء الماضي، تتداول وسائل الإعلام استطلاعا للرأي العام أجرته مؤسسة “إجابات” للبحوث التسويقية والدراسات واستطلاعات الرأي العام، يقول إن 83% من المصريين يطالبون بسرعة إصدار قانون مكافحة الإرهاب، لتبقى حرية الصحافة رهينة لقرار السلطة التنفيذية في مصر.