على عكس كثيرين من المطمئنين لحال البلاد، يرى عبد الفتاح مورو، النائب الأول لرئيس البرلمان التونسي، أن الوضع السياسي والاقتصادي بات مثيرا للقلق مع تصاعد الاحتجاجات المطلبية وعجز الدولة عن تلبية مطالب المحتجين.

ويحذر موور من انفراط عقد التحالف الحكومي الرباعي، واصفا الحكومة بأنها تحالف ”صامت” دون برامج أو أهداف واضحة.

وعن الوضع في صفوف حركة النهضة يتحدث القيادي الإسلامي عن مشروع لتحويل الحركة إلى حزب حقيقي، بحيث ينفصل النشاط الدعوي بشكل تام عن النشاط الحزبي.

على عكس كثيرين من المطمئنين لحال البلاد، يرى عبد الفتاح مورو، النائب الأول لرئيس البرلمان التونسي، أن الوضع السياسي والاقتصادي بات مثيرا للقلق مع تصاعد الاحتجاجات المطلبية وعجز الدولة عن تلبية مطالب المحتجين.

ويحذر موور من انفراط عقد التحالف الحكومي الرباعي، واصفا الحكومة بأنها تحالف ”صامت” دون برامج أو أهداف واضحة.

وعن الوضع في صفوف حركة النهضة يتحدث القيادي الإسلامي عن مشروع لتحويل الحركة إلى حزب حقيقي، بحيث ينفصل النشاط الدعوي بشكل تام عن النشاط الحزبي.

مراسلون: هل ستترشح لرئاسة حركة النهضة في المؤتمر المقبل، وهل راجع راشد الغنوشي موقفه الرافض للترشح؟  

عبد الفتاح مورو: حقيقة، لا رغبة لي في ذلك وليس من بين حساباتي الترشح لهذا المنصب. بالنسبة للشيخ راشد الغنوشي فهو بصدد تقييم موقفه النهائي لأن ما أعرب عنه من رغبة في عدم الترشح لقي معارضة داخل الحركة وخارجها ويبدو أنه  بصدد مراجعة موقفه بالشكل الذي قد يرجح أحد الموقفين.

س: هل من تغيرات ستدخل على خط الحركة السياسي في الفترة المقبلة؟  

ج: الجديد الآن وما نسعى إليه هو تحويل حركة النهضة لحزب بأتم معنى الكلمة، وحزب يتحمل مسؤولية المرحلة، تتطور مؤسساته ويتميز عمله بالوضوح في الأهداف السياسية ويدخل دماء جديدة إليه ويقدم  وجوه وكوادر جديدة.

س: هل يعني ذلك التخلي عن الجانب الدعوي والاكتفاء بالحزبي؟

ج: لا جدال فيه أن الواقع الراهن يقتضي ذلك. بالنسبة لقيادات الحركة فإن الفصل بين الحزبي والدعوي لن يمنعهم من القيام بواجباتهم الدعوية وإنما ليس في إطار حزبي بل في اطار قانوني معلن عنه ومعترف به، لأن التداخل بين المهام يحدث اشكاليات.

العمل الدعوي عمل مستمر ودائم أما السياسي فهو عمل ظرفي يتأثر بتقلبات الوضع وقد نكون اليوم في الحكم ونفقد هذا الموقع غدا فأي معنى لجمع الدعوي والسياسي معا؟

س: هل يعتبر الوضع في مصر ومآل جماعة الإخوان المسلمين فيها دافعا مؤثرا في هذا الخيار؟

ج: لا شك في ذلك. أثر الوضع في مصر تأثيرا كبيرا وكان له وقعه في الخيارات والتوجهات ودفع نحو الوفاق الوطني. وعلى كل حال خشيت حركة النهضة أن يسيل الدم التونسي فوق الأرض التونسية، لذلك تنازلت عن الكثير من استحقاقاتها لفائدة المصلحة الوطنية.

س: حركة النهضة لها علاقات قوية في الداخل الليبي. هل تتدخل للوساطة؟ وكيف تقيم الدور الرسمي التونسي في المسألة الليبية؟

ج: التونسيون عموما والنهضة معنيون بالأمن والاستقرار في ليبيا، لذلك فكل ما يدفع نحو استقرارها نحن راغبون فيه مع إعلاننا عدم التدخل في الشأن الليبي.

نحن لسنا في جانب طرف على حساب طرف. وعلى كل حال الموقف الرسمي من ليبيا شهد توترات وتأثرات في الفترة الماضية لأنه شهد انحياز طرف على طرف، لكن الموقف السياسي اليوم صفا وأصبح لا يرى موجبا للانحياز لطرف على حساب آخر، صحيح أن المغرب يضطلع بدور في مسار الحوار الليبي لكن يمكن أن تضطلع تونس مستقبلا بتنظيم جانب من الحوار الوطني الليبي.

س: كيف تقيمون الوضع العام في البلاد؟

ج: الوضع مقلق صراحة، اقتصاديا وقبل ذلك اجتماعيا فهو يقوم على إضرابات متتالية ومطلبية ملحة. هذا الوضع متعب وهو يميز تونس دونا عن بقية العالم ولا وجود لنمط مشابه له اقليميا ودوليا.

نحن في وضع تأسيسي لا يحتمل كل هذا الضغط والمطلبية. اليوم تتفاقم الأزمة في ظل المطلبية الملحة، وكل يعض يد المجتمع ليؤلمه، ويحدث ضغطا من أجل حقه. لا جدال في أن الوضع الاجتماعي متأزم والاحتياج موجود لكن لا ينبغي تعطيل مصالح حيوية للدولة.

ما الغاية من هذه التحركات؟ إن كانت الغاية تحطيم الحكومة فإن هذه التحركات قد تجاوزت ذلك إلى مرحلة تحطيم الدولة واسقاط هيكلها. أخشى حقيقة أن يتمادى هذا الوضع ولا نجد حكماء يمنعون تداعي الوضع.

س: كيف تقيمون أداء الحكومة؟

ج: الوضع الاجتماعي هو المؤثر على الوضع السياسي، فالحكومة وجدت نفسها أمام خصومات متعددة وأرهقت بالمطلبية، ولم تجد الوقت لإعداد مشاريع طويلة المدى أو متوسطة أو قصيرة المدى. وهي مطالبة بالرد على المطلبية.

كما يبدو لي أن هذه الحكومة لا تشكل وحدة متكاملة فهناك وزراء يعملون بطريقة منفصلة وكأنهم لا يشكلون جزءا من الحكومة وهذا خطير جدا في حال استمراره وسينتهي بها إلى التفكك. وخطورة الوضع تجعلني أرتقب رجة كبيرة بعد ثلاثة اشهر إذا لم يقع حل المشكل الاجتماعي.

س: هل تعتبر أن التحالف الرباعي الحاكم (نداء تونس والنهضة والوطني الحر وآفاق) سيصمد خلال هذه المرحلة؟

ج: التحالف الحكومي هو تحالف لم تحدد له أهداف أو برامج واضحة. كان تحالفا بالصمت والسكوت مراعاة  لدقة المرحلة وخطورتها، بعض الأحزاب داخلها خلافات ويشترط بعض أعضائها أن لا يجلس مع أطراف من ذات الحزب. ينبغي أن يتحدد أطراف التحالف وأهدافه وبرنامجه ليتبين من في صفه ومن يعارضه وذلك لبيان الجهة المسؤولة عن تنفيذ البرنامج.

ج: هل جرد البرلمان من ثقله، وبات مركز الثقل اليوم هو رئاسة الجمهورية؟

س: تمنينا لو أن هناك من يحكم البلاد فعلا لما آل الوضع إلى ما آل إليه اليوم. لا وجود لقوة ضاغطة اليوم في الساحة. البرلمان لم يتخلف عن مهامه الدستورية. الوضع يفرض عليه أن ينتج قوانين بسرعة، ولكن يتعذر عليه القيام بذلك في السرعة المطلوبة لقصر المدة وضعف الامكانيات ولتشعب مهامه وتراكم المشاريع القوانين والمراسيم التي لم تتم المصادقة عليه وترى المجلس يحاول الوصول إلى انجاز ما يطلب منه لكن إذا ما تم قياسه بمتطلبات المرحلة فهو قليل.  

س: وبالنسبة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كيف ترون دوره؟

ج: رئاسة الجمهورية هي مرجعية أدبية ووفاقية، وحتى إذا وقع افراغها من المهام التنفيذية فإن رئيس الجمهورية له أن يجعل هذا الفراغ مملوءا بالمبادرات التي تساعد على الوفاق الوطني وهذا لم يحصل إلى الآن وهو مدعاة للاستغراب مع أننا في حاجة لسلطة وفاقية تدعو الجميع للجلوس حول طاولة الحوار.

س: هل يقوم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة اليوم بهذا الدور؟

ج: الشيخ راشد الغنوشي يعمل على مستوى حزبه ويمد يده لكل الأطراف السياسية وهذا لن يثمر إلا إذا لقي تجاوبا مع بقية الأطراف، ويبدو أن التجاوب حاليا لا يتجاوز الجانب الاعتباري فقط.  

س: شابت العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية توتر خلال هذه الفترة، ألا ترون أن ذلك سيخلف خلافا عميقا بين السلطتين؟

ج: أنا لا أتصور أن هناك خصومة بين السلطتين، فكل منها تعمل على حدة. النواب نواب عن الشعب ويقررون بعيدا عن الضغوط. إذا تحدثنا عن تنازع فإنه يصبح في إطار محاولة سلطةٍ بسط هيمنتها على أخرى، وفي النظام الديمقراطي لا تبسط أي سلطة نفوذها على أخرى ولا وجود لديمقراطية دون رقابة. كل تراقب الأخرى.