لم تكن صفاء، الشابة المنقبة، تعلم أنها ستتعرض لمضايقات أمنية حينما كانت تتجّول وسط العاصمة تونس لاقتناء مستلزمات زواجها القريب إلى حدّ تفتيشها وإهانتها لأنها ترتدي النقاب كما قالت.

تلك الحادثة غيرت في قناعاتها كليا فهي ترى بأن ارتداء النقاب اليوم أصبح يثير شبهة الإرهاب بعدما أصبح عقب الثورة الشعبية ضربا من ضروب حرية اللباس والمعتقد، وفق تعبيرها.

لم تكن صفاء، الشابة المنقبة، تعلم أنها ستتعرض لمضايقات أمنية حينما كانت تتجّول وسط العاصمة تونس لاقتناء مستلزمات زواجها القريب إلى حدّ تفتيشها وإهانتها لأنها ترتدي النقاب كما قالت.

تلك الحادثة غيرت في قناعاتها كليا فهي ترى بأن ارتداء النقاب اليوم أصبح يثير شبهة الإرهاب بعدما أصبح عقب الثورة الشعبية ضربا من ضروب حرية اللباس والمعتقد، وفق تعبيرها.

تقول صفاء (23 عاما) إنها ارتدت النقاب عن قناعة قبل عامين بعد التحاقها بجامعة العلوم الإنسانية بتونس، مؤكدة بأنها ترفض نزعه حتى إن لزم الأمر تخليها كلياً عن الدراسة.

وتضيف بشيء من الغضب “أنا حرة في أن أرتدي النقاب أو أن أخلعه. لا حق لأحد في أن يسلبني حريتي”، معربة عن مخاوفها في نفس الوقت من تصاعد الانتهاكات ضد المنقبات.

تتغذى مخاوف صفاء في ظلّ تصاعد دعوات بعض الأطراف في تونس لسن قانون يحجّر ارتداء النقاب في الأماكن العامة عقب القبض على منقبات تورطن في عمليات إرهابية.

وكانت وزارة الداخلية أعلنت سابقا عن تورط منقبات في حمل السلاح ضدّ الأمنيين وفي ضلوعهن في تهريب الأسلحة وصناعة المتفجرات إضافة إلى تنكر مشتبه بهم بزي منقبات.

وقد بلغ الجدل المحتدم حول منع النقاب إلى حدّ تناقض تصريحات وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ الذي صرح بإجازة منع النقاب، وتصريحات مفتي الجمهورية الذي خالفه هذا الرأي.

قبل ذلك كانت وزارة شؤون المرأة حظرت ارتداء النقاب داخل رياض الأطفال والمحاضن بهدف حماية الأطفال من كل محاولات “التسلط الفكري” الذي يؤثر على شخصيتهم.

ولا يقتصر منع النقاب في هذه الفضاءات التربوية فحسب، فقد تفجرت سابقا معركة داخل الجامعات التي قررت منع دخول الطالبات المنقبات للامتحانات دون الكشف عن وجوههن.

ومن وجهة نظر رئيس مرصد الحقوق والحريات بتونس المحامي أنور أولاد علي (غالبا ما يترافع في قضايا المتهمين بالإرهاب) فإن التوجه لمنع ارتداء النقاب والتضييق من حرية اللباس أمر يمس من جوهر الحريات المكتسبة.

وأعرب عن قلقه من أن يعيد التضييق على المنقبات سياسة الدولة البوليسية السابقة، مبرزا أنّ نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بدأ بالتضييق على النقاب والحجاب وصولا للصلاة. وأبدى اعتراضا شديدا على سن قانون يمنع لباس النقاب.

ورفض المتحدث باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي (أقصى اليسار) منع النقاب في البلاد، مشيرا إلى أنّ حرية اللباس والمعتقد مضمونة.

غير أنه أشار إلى تفهمه للإجراءات الأمنية لحماية أمن البلاد في ظل تصاعد التهديدات الأمنية، معتبرا أنه بإمكان السلطات الأمنية اتخاذ إجراءات في اطار القانون لحماية أمن البلاد.

لكن المتحدث باسم حزب التحرير الإسلامي رضا بالحاج (أقصى اليمين)  أعلن عن تأييده منع ارتداء النقاب بشكل مزيف وتنكري مثلما فعل بعض المشتبه بهم لأن في ذلك “خطرا” على البلاد.

ويرى الباحث في الحضارة والفكر الإسلامي غفران الحسايني بأنّ تفاقم ظاهرة استعمال النقاب من قبل عناصر إرهابية أو إجرامية للتستر والتخفي له “تداعيات سلبية” على المجتمع.

ويقول “النقاب يبقى حرية شخصية تهم اللباس والضمير لكن شرط أن لا يتحول ذلك إلى ممارسة تجلب الخطر والمفسدة للمجتمع”.