في “نادي حمو”، مقهى شعبي بالقرب من ميدان المساحة بشارع التحرير بمنطقة الدقي وسط العاصمة المصرية، وعلى بعد خطوات من السفارة اليمنية جلس محمد عبد الله الشاب الثلاثيني ليتناول كوبا من الشاي مع مجموعه من اليمنيين الذي تعرف عليهم خلال ذهابه وايابه من وإلى السفارة اليمنية للبحث عن حل لوضعه في القاهرة.

محمد عالق في هذه المدينة منذ 27 آذار/مارس الماضي، موعد رحلة الطيران التي كانت ستقله إلى مطار صنعاء للعودة إلى وطنه بعد شهرين قضاهما في القاهرة لاجراء بعض الفحوصات الطبية واستئصال ورم حميد بالمعدة.

في “نادي حمو”، مقهى شعبي بالقرب من ميدان المساحة بشارع التحرير بمنطقة الدقي وسط العاصمة المصرية، وعلى بعد خطوات من السفارة اليمنية جلس محمد عبد الله الشاب الثلاثيني ليتناول كوبا من الشاي مع مجموعه من اليمنيين الذي تعرف عليهم خلال ذهابه وايابه من وإلى السفارة اليمنية للبحث عن حل لوضعه في القاهرة.

محمد عالق في هذه المدينة منذ 27 آذار/مارس الماضي، موعد رحلة الطيران التي كانت ستقله إلى مطار صنعاء للعودة إلى وطنه بعد شهرين قضاهما في القاهرة لاجراء بعض الفحوصات الطبية واستئصال ورم حميد بالمعدة.

في جيب محمد حاليا 1500 جنيه مصري (200 دولار امريكي) وهو مبلغ بالكاد يكفي أيام قليله .

محمد ليس اليمني الوحيد الذي ظل في القاهرة عالقا بسبب الحرب الدائرة باليمن خاصة بعد بدء عمليات عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية بالتحالف مع 10 دول أخرى بينها مصر،  “لاعادة الشرعية”  – حسب التصريحات الرسمية للقوات المشاركة. 

العملية العسكرية فرضت حظرا شاملا لحركة الطيران في الاجواء اليمنية. وبحسب مسؤول في السفارة اليمنية بالقاهرة، طلب عدم ذكر اسمه، هناك 3 إلى 4 الاف يمني في مصر قاربت أموالهم على النفاذ وتوقفت عنهم التحويلات المالية، ولا يجدون تكاليف العلاج اللازمة أو مواصلة دفع فاتورة الدراسة بالاضافة لعشرات اليمنيين الذين علقوا في مطار القاهرة بسبب فرض السلطات المصرية لتاشيرة دخول على المواطن اليمني، وهو ما لم يكن معمولا به قبل ذلك، لافتا إلى أن المشكلة تتفاقم يوما بعد يوم.

وقفة احتجاجية على باب السفارة

على باب السفارة هناك لافته مكتوب عليها “أترك رقم هاتفك وصورة من جواز سفرك والمطار الذي تريد الوصول إليه ولاحقا سنرى” هكذا يعلق محمد ويضيف أن السفارة تكرر يوميا ردا دبلوماسيا وهو أنها تبحث سبل الحل مع السلطات المصرية، وهو ما دفع اليمنيون للقيام بوقفه احتجاجية أمام السفارة يوم الثلاثاء 31 مارس/آذار للمطالبة بفتح الاجواء بين القاهرة وصنعاء لتسهيل عودتهم. وأشار محمد إلى وفاة زوجة أحد اليمنيين واضطرارهم لدفنها في مصر وقال: “انا اخاف ان اموت بعيدا عن بلدي ووسط عائلتي”.

أحمد ناصف طالب يمني يدرس في أحد الجامعات المصرية وشارك في الوقفة قال لـ “مراسلون”: “نفذت الاموال منا واعدادنا كبيرة ندرس في أكثر من جامعة ولا نملك المال لمتابعة استكمال الدراسة أو دفع ايجار السكن. ونحصل على 1800 دولار كل 3 أشهر من السفارة ولا نستطيع ان نعيش بدونها ماذا نفعل؟ اذا كانت دول الحزم هي من صنعت الازمة فلماذا لا يبحثون لنا عن حل نحن لم نعتاد هذه الوضع”.

ملحق شؤون المغتربين في مصر ابراهيم الجهمي علق على كلام المواطنين اليمنيين بالقول إن “الوضع صعب جدا  لكننا نقترب من ايجاد حل أزمة الراغبين في العودة إلى اليمن عن طريق السفر لمطارات عمان والسعودية ومنها يدخلون براً  لليمن لكنا لم نتوصل لحلول نهائية ونسعي حاليا لحل مشاكل المرضى والطلاب”.

من ناحيته أكد محمد الكوماني الصحفي بوكالة سبأ اليمنية لـ “مراسلون” أن هناك دول استعدت لفتح اراضيها لاستقبال اليمنيين العالقين، من بينها الاكوادور وعلى نفقتها، مضيفا “الاكوادور طلبت من اليمنيين العالقين في اي دولة أن يقدموا جوازات سفرهم للسفارة الاكوادورية في اي دولة سواء مصر او غيرها وسوف ينقلوهم على حسابهم بتمويل منظمات حقوقية عالمية إلى أن تنتهي الأزمة”.

صندوق تكافل يمني وتضامن مصري

محمد عبد الله يشارك اثنين من زملائه شقة بمنطقة الدقي بايجار يصل الى 2500 جنيه شهريا لكن ما تبقى لديه من مال لا يكفي الا ايجار الشقة واقل من 100 دولار لمصاريفه الشخصية لمدة لا يعلم مداها. ويجتمع مع أصدقاء المقهى اليمنيين مساء كل يوم لبحث اوضاعهم وتدارس الازمة اليمنية– اتفقوا فيما بينهم على عمل صندوق تكافل لمساعدتهم في تنظيم حياتهم اليومية وكل من لديه فائض من الدولارات يعطيها للاخر لكي ييسر احواله.

عبد الله يؤكد أن علاقة المواطنين اليمنيين بالمصريين طيبة جدا وانهم يعيشون دون أي مشكلات وطوال عقود من وجودهم في مصر لم تواجههم اية عواقب.

من جانب أخر يقول عامل المقهى أحمد شعبان انهم يتعاملون مع اليمنيين كمصريين ويتم محاسبتهم على ذات الاسعار معلنا تضامنه معهم. وقال “أعمل في المقهى منذ عشرين عاما وكل زبائننا يمنيون ولكن هذه أصعب محنة يمرون بها ونحن نقف معهم ونطالب حكومتنا المصرية بمساعدتهم حتى تخطي الازمة”.

أما السيد سعيد صاحب سوبر ماركت بمنطقة الدقي فيقول إنه مشفق على اليمنيين الذي لم يعتادوا أوضاعا كهذه في الغربة ويضيف نتعامل معهم كأخوة وما يحدث لا يعنينا منه سوى أن يحافظ الله على وحدتهم وبلادهم ويخرجهم من هذا الوضع الصعب ليعودوا إلى عائلاتهم.

فرض التأشيرة إجراء تعسفي

يرى حمزة الكمالي عضو المؤتمر الوطني اليمني أن فرض السلطات المصرية على المواطن اليمني الحصول على تأشيرة دخول سواء قادما من اليمن او من دولة أخرى هو إجراء تعسفي أدى لاحتجاز العشرات في مطار القاهرة. مضيفا “الأمر في البداية أمكن التغلب عليه عن طريق تواصلنا مع مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية المصري، وأخرجنا دفعة من المواطنين إلا أن الباقي ما زالوا عالقين، ونطالب باعفاء اليمنيين من شرط التأشيرة كما كان معمولا به في السابق”.

مصدر مسؤول بالخطوط الجوية اليمنية قال إن العالقين في المطارات الخارجية من يوم 26 آذار/مارس وحتى 31 من الشهر نفسه بلغ 5 الاف شخص معظمهم في مطارات اسمرة وعمان وبومباي واثيوبيا وبينهم ما يقارب ألفي شخص بمطار القاهرة.

جمال أحمد الذي جاء قادما من السعودية الى مصر لتستكمل زوجته رحلة العلاج فوجيء بمطالبته في المطار بتأشيرة دخول الى مصر وبقي معلقا طوال 36 ساعة مع زوجته المريضة حتى تم اخراجهم من مطار القاهرة لتبدأ رحلة العلاج ولكن التحويل المالي الذين كانوا بانتظاره لن ياتي.

وفي النهاية يتسائل محمد عبد الله عن دور منظمات حقوق الانسان والامم المتحدة واغاثة اللاجئين وقال “ألم يكن دورا واجبا على مصر ان تستضيف ابناء اليمن دون قيد او شرط باعتبارها ام الدنيا وقبلة العرب؟!”.