هي مخرجة سينمائية في رصيدها العديد من الأعمال الوثائقية تحصلت على العديد من الجوائز في تونس، وهي كاتبة عامة لنقابة تقنيي السينما والسمعي البصري وأم لطفلة. المخرجة المعروفة تعرضت لتجربة قادتها إلى السجن، مما أثار موجة من الاهتمام والتعاطف معها. فقد غادرت إيناس بن عثمان، ليلة الجمعة 16 كانون الثاني/جانفي 2015، السجن، وذلك بعد الحكم عليها بشهرين مع إيقاف التنفيذ. وذلك بعد أن تم الحكم عليها، يوم 7 من الشهر نفسه من قبل محكمة الناحية بأريانة بشهري سجن وغرامة مالية وذلك بتهمة “هضم جانب موظف عمومي”.

هي مخرجة سينمائية في رصيدها العديد من الأعمال الوثائقية تحصلت على العديد من الجوائز في تونس، وهي كاتبة عامة لنقابة تقنيي السينما والسمعي البصري وأم لطفلة. المخرجة المعروفة تعرضت لتجربة قادتها إلى السجن، مما أثار موجة من الاهتمام والتعاطف معها. فقد غادرت إيناس بن عثمان، ليلة الجمعة 16 كانون الثاني/جانفي 2015، السجن، وذلك بعد الحكم عليها بشهرين مع إيقاف التنفيذ. وذلك بعد أن تم الحكم عليها، يوم 7 من الشهر نفسه من قبل محكمة الناحية بأريانة بشهري سجن وغرامة مالية وذلك بتهمة “هضم جانب موظف عمومي”. وكانت إيناس بن عثمان قد وقعت ضحية لحملة تشويه عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي فأرادت أن تتقدم بشكوى لمركز الأمن بحي النصر (بالعاصمة) يوم 19 كانون اول/ديسمبر 2014 تتهم فيها عون أمن بالقيام بتلك الحملة.

إلا أن رئيس المركز رفض قبول الشكوى بدعوى أنها موجهة ضد إحدى زميلاته بنفس المركز. وقد حصلت مشادّة كلامية على عين المكان مع أحد أعوان الأمن واستنادا الى محضر حرّر في الإبان تم الاتصال بالنيابة العمومية على الفور وإصدار إذن قضائي بالإيداع بالسجن.

تم إيقاف إيناس بن عثمان ووضعها قيد الحجز وأحيلت القضية الى محكمة الناحية بأريانة مستندين في التهم الموجّهة إليها على الفصل 125 من المجلة الجزائية: “يعاقب بالسجن لمدة عام واحد و120 دينار خطية (غرامة مالية) كل شخص يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها”.

س: ذهبتِ إلى مركز الأمن شاكية فتحولت إلى متهمة وحوكمت بتهمة الاعتداء على موظف عمومي، كيف عشتِ هذه التجربة؟

ج: لقد تم الزج بي في خصومة لا تعنيني. هم مجموعة من النقابيين الأمنيين يتخاصمون فيما بينهم ومنهم زوجي وليد زروق النقابي السابق والأمني المعزول حاليا من طرف وزير العدل السابق نور الدين البحيري، و من أجل استفزاز زوجي زُجّ بي في هذه المعركة، فبالنسبة لهؤلاء زوجي يفضح فسادهم وملفاتهم وبالتالي يجب إسكاته بكل الطرق حتى وإن كانت غير اخلاقية كمثل ما فعلوه معي.

س: ما الذي حصل تحديدا؟

ج: اتصلت بي إحدى الصديقات لتبلغني أن صوري منشورة على الموقع الاجتماعي الفايس بوك في صفحة تعنى بالفضائح والفساد، وهي صور خاصة مصحوبة بتعليق “كوني يسارية وكافرة” والكثير من الثلب في شخصي. لم أُعر الأمر اهتماما في البداية لكن لما أصبح الأمر حملة ممنهجة، قررت التوجه إلى مركز الشرطة لتقديم شكاية ضد من قام بنشر هذه الصور وكنت قد صورت هذه المنشورات كدليل ضده.

لكن ما راعني أنني ذهبت شاكية فتحولت إلى متهمة، وتم توقيفي ثم سجني قرابة الشهر بتهمة الاعتداء على موظف عمومي بالقول، و هذا طبعا لم يحدث قط. خرجت غاضبة لأنهم لم يقبلوا شكايتي وتمتمت بكلمات بيني وبين نفسي بصوت خافت لكن فوجئت برئيس المركز يتجه نحوي ويمنعني من صعود سيارتي وإرجاعي إلى مركز الأمن كوني متهمة.

س: كيف تم التعامل معك أثناء الإيقاف في السجن؟

ج: بدأت هذه التجربة الأليمة منذ إيقافي بمركز  الإيقاف ببوشوشة بالعاصمة لمدة أربعة أيام، ثم تم نقلي إلى السجن المدني للنساء بمنوبة، وهناك عشت أياما صعبة شاهدت خلالها أحداثا وسلوكيات غريبة وخطيرة فتحت أمامي أبوابا كبيرة للعمل لإيصال أصوات السجينات.

أول شيء شعرت به حينما أدخلوني للسجن أن جسمي لم يعد ملكي، هو شعور مؤلم و لم أشعر به من  قبل، خاصة أنني من الأشخاص الذين يؤمنون بالحرية ويدافعون عنها، لقد كانوا يتعاملون معي ويحاولون تذكيري كل لحظة بأنني متهمة ومجرمة لكن المؤسف أن آلاف السجينات هنا لا أحد يدافع عنهم ويوجد منهن البريئات.

س: هل تعرضت إلى عنف جسدي في السجن؟

ج: من حسن حظي أنه يوجد من يدافع عني خارج السجن من منظمات وحقوقيين كما أخذت قضيتي بعدا إعلاميا، لهذا لم يعنفوني جسديا لكنهم مارسوا ضدي عنفا معنويا، كتركي عارية الجسد عنوة في البرد الشديد، كما أنهم حاولوا إهانتي بالسخرية من جسدي، ومنعونني من لباس السراويل الضيقة ومن إسدال شعري أو حتى تصفيفه، حتى أنهم منعوني من شرب دوائي فقد علمت قبل دخولي إلى السجن أني أعاني من وجود كتل في الثدي، لكنهم تراجعوا عن كل هذه التصرفات المشينة، واضطروا إلى معاملتي بحذر بعدما ظهرت حدة الدفاع عني في الشارع التونسي.

س: كيف كانت علاقتك بالسجينات؟

ج: هناك أكثر من سجينة تركت في ذهني حيرة كبيرة وأشعرتني بالألم والقهر وربما المسؤولية لإيصال صوتها. واحدة من السجينات محكومة بخمس سنوات بجرم السرقة، وهي تعمل في رفع القمامة داخل السجن،  توجهت لي و طلبت مني ان أحميها عندما أخرج من السجن، لأنها كانت مجبرة من طرف معاونات السجن على إدخال المخدرات إلى سجينة غنية جدا وتعامل باحترام شديد عكس البقية.

لقد حاولت جاهدة خلال هذه الفترة القصيرة توعية السجينات بحقوقهن، حتى أنه توجد ورقة في رواق السجن تبين لهم حقوقهن الا أنهن يخافون حتى قراءتها، كما صدمت بمنسوب العنصرية ضد المرأة، لقد شاهدت نساء موقوفات بسبب السكر ويقع ضربهن بوحشية لكن الرجل عندما يتم ايقافه بسبب السكر يعاقب بخطية مالية فقط، وهذا صراحة أشعرني بالقهر والظلم.

س: زوجك من سلك الامن، كيف يمكنك التعامل مع هذا المعطى؟

ج: لم أرغب يوم في اقحام نفسي في معركة زوجي ضد فساد السلك الأمني، بل كنت ضد وجود نقابات أمنية حتى أن علاقتي بالأمنيين كانت علاقة متوترة قبل وبعد الثورة، إذ اعتبرتهم أداة الدكتاتورية في العهد السابق، والمسؤولون عن مقتل شهداء الثورة، لكني راجعت تلك القناعات وقلت أن من حق أي هيكل في أي مؤسسة أن يكون له نقابات تدافع عن حقوقه خاصة أني نقابية ولا يمكن إنكار حق الامنيين في تكوين نقابتهم، وهذا قبل أن أتعرف على زوجي.

س: هل يمكن أن نرى عملا سينمائيا يروي أحداث تجربتك؟  

قبل سجني شرعت في تصوير عمل وثائقي حول علاقة مشجعي كرة القدم بالأمن، لكن بعد ما عشته داخل مركز الإيقاف وداخل السجن غيرت وجهتي، صراحة لم أستطع أن أكون محايدة رغم أن عملي يجبرني على الحياد. كما شرعت في كتابة أول فيلم روائي لي لا يتحدث عن تجربتي الشخصية بل سأتناول فيه قصص بعض السجينات اللاتي يبحثن عن إيصال أصواتهن خارج أسوار السجن.

لقد أدخلوني السجن للتشفي من زوجي، لكنهم لم يدركوا أني خرجت من السجن بأفكار قصص استثنائية عن معاناة النساء السجينات وعن النفاق السياسي والخطابات الممجوجة حول حرية المرأة. اكتشفت عالما آخر مسكوت عنه داخل السجون، هناك تنتهك كرامة النساء في كل لحظة وبكل الاشكال.

س: ما هو هذا العالم المسكوت عنه الذي اكتشفته في السجن؟

ج: هذا ما سأسعى لإنجازه في أعمالي القادمة.