تحولت خيمة أفراح عائلة هيبة الزوي في مدينة الكفرة (1200 كلم جنوب غرب بنغازي) إلى خيمة عزاء، بعد تلقيهم نبأ وفاة ابنتهم زينب (35 عاماً) التي قضت نحبها في حادث سير على طريق الكفرة، وذلك أثناء عودتها مع أمها وأخويها من بنغازي حيث كانوا يستوفون نواقص زفاف أختهم الوسطى.

حوادث بالجملة   

موت شخص أو عائلة بسبب حادث سير على الطريق الواصلة بين مدينة الكفرة ومدن الشمال خبر تعوّد على سماعه سكان المدينة وما حولها.

تحولت خيمة أفراح عائلة هيبة الزوي في مدينة الكفرة (1200 كلم جنوب غرب بنغازي) إلى خيمة عزاء، بعد تلقيهم نبأ وفاة ابنتهم زينب (35 عاماً) التي قضت نحبها في حادث سير على طريق الكفرة، وذلك أثناء عودتها مع أمها وأخويها من بنغازي حيث كانوا يستوفون نواقص زفاف أختهم الوسطى.

حوادث بالجملة   

موت شخص أو عائلة بسبب حادث سير على الطريق الواصلة بين مدينة الكفرة ومدن الشمال خبر تعوّد على سماعه سكان المدينة وما حولها.

فبعد إغلاق مطار بنينا في بنغازي (شرق ليبيا) وتوقفه عن العمل بسبب الاشتباكات الدائرة في محيطه، أصبح أهالي الكفرة يذهبون لمدينة بنغازي براً لزيارة أقاربهم وشراء بعض المستلزمات التي يحتاجونها، ونظراً لسوء حالة الطريق فإن حوادث السير أصبحت بالجملة.

عائلة هيبة الزوي حملت المسؤولية لكل من تسبب في تأخير أو تعطيل صيانة الطريق، متسائلة “لماذا الكفرة بالذات؟”، أما حديث الجالسين في خيمة العزاء التي نصبت في شهر آب/أغسطس الماضي، فقد كان يقتصر على إحصاء حالات الوفيات التي حصدتها هذه الطريق.

طريق الموت

الطريق الممتدة من الكفرة حتى منطقة “بوزريق” التي تبعد عنها 140 كيلومتراً شمالاً من أكثر الطرق خطورة، وباتت تعرف بـ “طريق الموت” لكثرة الحوادث التي تحصل فيها، وتنتج عنها الوفاة.

وفي عبور لـ “مراسلون” على طول الطريق كان من السهل ملاحظة الأجزاء المتهالكة وغير المعبدة منها، والحفر والمطبات والارتفاعات القريبة جداً من بعضها. كما أن الإضاءة تنعدم فيها ليلًا، ولا وجود للوحات التنبيه والإرشاد والسلامة على جوانبها.

“هذه الطريق أودت بحياة الكثيرين من البشر” يقول ابراهيم بالحسن رئيس جهاز الإسعاف بمدينة الكفرة لـ”مــــراسلـون”، إذ وصل عدد الحوادث على طريق الكفرة – بوزريق في هذا العام إلى حوالي 60 حادثة سير، أي بمعـدل 4 إلى 7 حوداث شهرياً بحسب بالحسن، الذي أكد أيضاً أن أكثر من 25 حالة وفاة تم إحصاؤها منذ أيلول/سبتمبر الماضي.

أبرز المواقف التي يذكرها رئيس جهاز الإسعاف بألم هو وفاة شخص كان يعاني من نزيف داخلي، ولكن ليس النزيف من قتله، بل حادثٌ تعرضت له سيارة الإسعاف التي كانت تقله أثناء مرورها على “طريق الموت”، مما أدى إلى وفاة الحالة وإصابة الطاقم الطبي بجروح.

جهاز الإسعاف يبذل قصارى جهده في نقل الجرحى من مدينة الكفرة إلى مستشفى المدينة أو إلى مدن الشمال (بنغازي واجدابيا) ليتم تلقيهم العلاج، وقد تمكن الجهاز بحسب مديره من إسعاف أكثر من 136 حالة خلال عامي 2013- 2014، منها حالات لم يستطيعوا إنقاذها بسبب وعورة الطريق التي أخرت وصولهم في الوقت المناسب لمدن الشمال.

حلول مؤقتة

“كل الجهات المعنية تدرك معاناة أهل الكفرة من هذا الوضع”، يقول رئيس المجلس المحلي لمدينة الكفرة محمد بوسدينة لـ”مراسلون”، رغم إقراره بأن الأحداث التي تمر بها البلاد هي السبب الرئيس في عدم صيانة هذه الطريق.

وبحسب بوسدينة تم توقيع عقد مع شركة تركية قبل سنتين من الآن لصيانة “طريق الموت”، ولكن الشركة غادرت ليبيا قبل أن تبدأ عملها بسبب غياب الأمن.

المجلس المحلي لم يسلم بهذا الوضع، “فقد تم تكليف منسق قطاع المواصلات بالكفرة من أجل إيجاد حل سريع للطريق، وذلك بتنظيفها من الكثبان الرملية ووضع علامات للمارة وإصلاح ما يمكن إصلاحه، حتى تعود الشركة لاستكمال عملها” يقول رئيس المجلس المحلي، مضيفا أن المجلس خاطب مدير شركة الأشغال العامة بالمنطقة لتوفير الآلات، ومساعدة قطاع المواصلات في تمهيد الطريق للمسافرين.

دون اتصالات

الأسوأ من أن تتعرض لحادث سير في طريق مقطوعة ووعرة هو أن لا تجد تغطية لهاتفك النقال كي تتواصل مع من يمكنه إنقاذك، وهذا بالضبط هو الوضع على طريق الموت.

“انقطاع الاتصالات في مساحات كبيرة على طول الطريق بين الكفرة ومدن الشمال زاد الطين بلة” حسب أبوبكر العيظة منسق قطاع الاتصالات بالكفرة، إذ يمكن أن يؤدي انقطاع الاتصالات في الطريق إلى وفاة الشخص قبل حتى إعطاء معلومة لجهاز الإسعاف للوصول في الوقت المحدد لإنقاذه.

العيضة أيضاً تحدث عن قيام القطاع الذي يرأسه بمخاطبة وزارة الاتصالات من أجل تركيب وتوفير شبكات على طول الطريق المؤدي لمناطق الواحات (600 كلم شمال الكفرة)، ولكن إلى هذه اللحظة “لم يتم تركيبها” يقول العيظة.

مشكلة الاتصالات يزيد من تعقيدها الاعتداءات التي تتعرض لها الشبكة بهدف السرقة أو التخريب من قبل من وصفهم العيظة بـ “ضعاف النفوس”، وقد بدأت تلك الاعتداءات إبان ثورة فبراير ولا زالت مستمرة “على أجهزة هاتف ليبيا والمحطات التي تخص الاتصالات في الطريق وآخرها محطة الألياف البصرية الرابطة بين الكفرة وتازربو”.

إصلاح طريق بطول 140 كلم على بساطته سيشكل تغييراً كبيراً في حياة سكان مدينة الكفرة التي لا يربطها بالعالم سوى تلك الطريق، والتي اضطرت عائلة هيبة الزوي إلى إرسال أفرادها عبرها لاستكمال نواقص الفرح. فكم فرحاً يجب أن ينقلب مأتماً حتى يلتفت المسؤولون عن الطريق إلى معاناة أهل المدينة.