“أنا البايدة بنت النظام البايد وأنا القايدة مدام غاب القايد”، كلمات قصيدة كتبتها ليلى المكي ورددتها في بعض التجمعات الشعبية ووسط المظاهرات في الشوارع. قصيدة  أثارت الرأي العام التونسي، واعتبر البعض صاحبتها مدّاحة بن علي، فيما لم ير البعض الآخر في القصيدة سوى محاولة شاعرة مغمورة تبحث عن الشهرة والأضواء، لتغيب فترة وتظهر هذه المرة بحملة مناشدة لترشح بن علي (المقيم حالياً في السعودية) للرئاسة.

“أنا البايدة بنت النظام البايد وأنا القايدة مدام غاب القايد”، كلمات قصيدة كتبتها ليلى المكي ورددتها في بعض التجمعات الشعبية ووسط المظاهرات في الشوارع. قصيدة  أثارت الرأي العام التونسي، واعتبر البعض صاحبتها مدّاحة بن علي، فيما لم ير البعض الآخر في القصيدة سوى محاولة شاعرة مغمورة تبحث عن الشهرة والأضواء، لتغيب فترة وتظهر هذه المرة بحملة مناشدة لترشح بن علي (المقيم حالياً في السعودية) للرئاسة.

مراسلون التقت ليلى مكي للحديث عن خفايا حملة المناشدة التي تقودها، وعن علاقتها ببن علي وبالتجمع (الحزب الحاكم سابقاً)، وعن مواقفها التي استنكرها عدد من التونسيين فكان الحوار التالي:

 

مراسلون: من خلال مبادرتك التي أطلقتيها في 3 أيلول/سبتمبر 2014 والتي تهدف إلى جمع تواقيع عبر حملتك “معاً لرفع التحديات وبن علي رجل الإنجازات” هل تطمحين فعلاً إلى إعادة الرئيس السابق لقيادة المرحلة الجديدة للبلاد بعد ثورة أطاحت به في 2011؟

الشاعرة: فعلاً، تهدف حملتي إلى عودة الرئيس السابق إلى أرض الوطن، لهذا قمت بإيداع مطلب لدى وزارة الداخلية لطلب ترخيص حملة المناشدة لبن علي (حصلت مراسلون على نسخة منه)؛ ولأني تربيت على مبادئ دولة القانون والمؤسسات سأنتظر موافقة وزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو على قبول مطلبي لانطلق في حملتي، وسأجوب الشوارع لجمع التواقيع.

وفي حال رفض مطلبي يكفيني شرف المحاولة وإيصال صوت الأغلبية الصامتة التي تكن حباً للزعيم والقائد بن علي، ولن يبقى لنا آنذاك سواء انتظار ما سيقرره الصندوق.

س –  ما غايتك من اختيار اسم الحملة “معاً لرفع التحديات”، وهو نفس شعار الحملة الانتخابية للرئيس السابق بن علي سنة 2009؟

 ج- أنا تجمعية (نسبة لحزب التجمع الحاكم سابقاً)، وأفتخر بذلك، لهذا فإن شعار الحملة يجب أن تكون له صلة مع الماضي. وشعار “رفع التحديات” ينسجم مع الصورة القديمة.

س- هل أنت متأكدة من قدرتك على جمع العدد الكافي من التوقيعات؟

ج- أنا واثقة من أن حملة المناشدة لسيادة الرئيس ستشهد تزاحماً من أجل التوقيع لعودته وشعبه لن يخذله، وستكون مفاجأة للجميع.

س- لكن الشعب التونسي رفع شعار “خبز وماء وبن علي لا ” بعد أن خبر الظلم ومصادرة الحريات وديكتاتورية النظام السابق لما يزيد عن 23 سنة؛  فماهي الصفات التي ترينها في بن علي كقائد لتونس ولا يراها شعبه؟

ج- بن علي حقق العدالة الاجتماعية، ووفر لشعبه الغذاء والأمن والاستقرار، وتلك هي مقومات الحياة منذ بدء الخليقة، وهذا في نظري مقياس النجاح لأي قائد أو رجل دولة.

وفي عهد بن علي كانت تونس بلد الأمن والأمان، يكفي أن الارهاب كان رابضاً في معقله ولم يدخل بلادنا إلا بعد رحيل حارسها الأمين ( تقصد الرئيس السابق).

كما أن روح الإسلام تجسدت في عهد بن علي من خلال مشاريع لنصرة الفقراء، وهو مالم ألمسه عملياً في عهد الترويكا (الثلاثي الحاكم بعد انتخابات 2011) .

س- لكن ما يحدث اليوم من تدهور أمني واجتماعي واقتصادي هو نتيجة لفشل المنظومة القديمة؟

لا، النظام السابق لم يفشل مطلقاً، بدليل أننا دولة استطاعت أن تنمو اقتصادياً واجتماعياً. ورغم قلة مواردها الطبيعية، استثمرت في الرأسمال البشري لتحقق التقدم والنجاح، فقد راهنت تونس على التعليم، وهذا الفضل يعود حتماً إلى الحبيب بورقيبة أول رئيس لها وكذلك لخلفه بن علي.

س- ألا تعد حملتك خيانة لروح الثورة وطعنة غادرة لعائلات الشهداء وهدراً لدمائهم بعد كل ما تحمله التونسيون للتخلص من بن علي وحكمه؟

ج- أنا لا أعتبرها خيانة بقدر ما أعتبرها تصحيحاً للمسار، لأن الشعب يشعر بالندم اليوم، فماذا استفاد من الثورة؟ لقد كان نصيبه منها الاغتيالات وتغلغل الإرهاب وفقدان الدولة لهيبتها. صحيح هي ثورة الكرامة، لكن الحقيقة هي أن كرامة التونسي سلبت وهدرت.

س- الثورة التونسية أتاحت لشعبها حرية التعبير وأرست الخطوات الأولى لبناء ديمقراطية جديدة، فهل تنكرين ذلك؟

ج- عفواً، أنا أرفض هذه الديمقراطية المبنية على الازدواجية في الخطاب والتلاعب بعقول الشباب وترحيلهم للجهاد بحجة “الدين”. أرفض هذه الديمقراطية التي تستغل هشاشة الوعي الثقافي وتنتهز الفقراء لتبيعهم أوهاماً انتخابية.

س- تزخر تونس بمثقفيها ونخبها، وهم قادرون على قيادة البلاد وإدارة شؤونها، فهل من المعقول الاستنجاد بمن تمت الإطاحة به وهو ملاحق قضائياً، بل هو في نظر البعض جثة قد تجاوز السبعين سنة؟

ج- انتمائي للتجمع مكنني من رصد الخلل الذي كان عليه عن كثب، فقلة ممن كانوا يعملون بتفانٍ، أما الأغلبية الساحقة فقد كانوا يعيثون في البلاد فساداً. وحبي لبن علي وانتمائي للتجمع لا يتعارض مع انتقادي لما كان من وضع.

وأنا لا أعتبر بن علي جثة، بل جميع المتواجدين على الساحة السياسية هم جثث ماعدا البعض منهم الذين ظلوا أوفياء لمبادئهم السياسية.

فمثلاً الباجي القائد السبسي مترشح للرئاسة، وهو يفوق بن علي سناً، ومن المعلوم أنه كان وزيراً في عهده، فهل من المعقول أن أدعم الفروع وأتخلى عن الأصل!

س- الجميع يعرف أن ليلى الطرابلسي (زوجة بن علي) وعائلتها كانوا حكام تونس الفعليين في السنوات الأخيرة للنظام، فهل دعوتك لإعادة بن علي تعني ضمنياً عودتهم أيضاً؟

ج- أنا متأكدة أن بن علي هو من أدار البلاد إلى آخر لحظة حتى 14 كانون ثان/يناير 2011، لكن هناك جنوداً في الخفاء هم من كانوا يبثون الشائعات والأكاذيب، وهم من قصدهم بن علي في خطابه الأخير مساء 13 كانون ثان/يناير حين قال “غلطوني” (أوقعوني في الخطأ). وكغيري من المواطنين سمعت عن سرقات عائلة الطرابلسي واستغلال نفوذهم لكن لا صلة لي بهم.

س- تصرين على إعادة كرامة بن علي وهيبته المفقودة، لكن ما نفع ذلك اليوم؟

ج- تمنيت سابقاً أن أبلغ صوتي لحاكم قرطاج وأرجوه أن يترك الحكم ويخرج من الباب الكبير، أي أن يترك الحكم بين أيادي أمينة، لكن للأسف لم يتحقق ذلك. وها أنا اليوم عاقدة العزم على العمل من أجل عودة بن علي إلى تونس، إن لم يكن كرئيس للبلاد، فيكفيني شرفاً إعادة هيبته وكرامته المهدورة من قبل المتملقين ومن باعوا ضمائرهم.

س- وزراء بن علي سابقاً، مثل كمال مرجان ومنذر الزنايدي وعبد الرحيم الزواري، يعودون إلى الواجهة من جديد ويتنافسون من أجل الوصول إلى كرسي الرئاسة في قصر قرطاج؛ فما تعليقك؟

ج- المنافسة حق مشروع للجميع، لكني سأظل مخلصة لبن علي. وإحقاقاً للحق، فإن الأقرب إلى قلبي من بينهم هو منذر الزنايدي (آخر وزير للصحة قبل الثورة)، لأنه لم يخن ولم ينقلب على ولي نعمته (بن علي)، لهذا أراه أحسن خلف لأحسن سلف.

وفي المقابل أعترف بأنني صدمت بتملص كمال مرجان ومحمد جغام من علاقتهما بالنظام القديم، وانقلابهما عليه وتنكرهما له، بل وصفا بن علي بسارق الشعب وهذا ما أصابني بخيبة أمل.

إن الحزب الوحيد الذي لم يتملص من التجمع هو حزب الحركة الدستورية لمؤسسه حامد القروي (الذي تولى منصب الوزير الأول في عهد بن علي لمدة عشر سنوات 1989 – 1999).                                        

س- ولإثبات ولاءك لبن علي نظمت قصيدة “البايدة بنت النظام البايد”، التي أثارت سلسلة من الانتقادات بلغ حد التهجم على شخصك ومطالبتك بالاعتذار للشعب التونسي على ما فعلت؟

ج- نعم صحيح، وأقول إن الله هو من يحيي ويميت، لهذا سأناصر ما أراه حقاً، وإن مت سأموت شهيدة بن علي وأنا مازلت على عهدي لبن علي ولن أتراجع.

س- مهما فعلت بن علي لن يعود رئيساً، لقد ولى زمنه، فهل سنجدك مستقبلاً تمدحين الرئيس المقبل للبلاد؟

ج – قطعا لا.. كتبت لبن علي لأني لمست فيه الجانب الإنساني واقتنعت بأنه كان يمكن أن يقدم الكثير للبلاد لولا المحيطين به. وكتبت أيضاً مرثية في الزعيم الحبيب بورقيبة، لأنه قدم الكثير للبلاد. وسأخصص كتاباً كاملاً للحديث عن بن علي. ولكني لن أكتب للرئيس القادم.