مرت ثلاثة أشهر منذ إطلاق الرصاصة الأولى لعملية الكرامة التي يقودها اللواء خليفة حفتر في الشرق الليبي، ضد تنظيم أنصار الشريعة وتشكيلات مسلحة أخرى، لكن تساؤلات صارت تطرح عن النتائج التي حققتها الكرامة حتى الآن.

الناطق الرسمي باسم العملية محمد الحجازي قال في حوار سابق مع “مراسلون” إن قواته في مدينة بنغازي “قطعت أوصال الطرف الأخر”، الذي شبهه بمن “يلفظ أنفاسه الأخيرة”.

مرت ثلاثة أشهر منذ إطلاق الرصاصة الأولى لعملية الكرامة التي يقودها اللواء خليفة حفتر في الشرق الليبي، ضد تنظيم أنصار الشريعة وتشكيلات مسلحة أخرى، لكن تساؤلات صارت تطرح عن النتائج التي حققتها الكرامة حتى الآن.

الناطق الرسمي باسم العملية محمد الحجازي قال في حوار سابق مع “مراسلون” إن قواته في مدينة بنغازي “قطعت أوصال الطرف الأخر”، الذي شبهه بمن “يلفظ أنفاسه الأخيرة”.

لكن انسحاب القوات الخاصة المعروفة بالصاعقة، من معاقلها في بنغازي بعد معركة “أدخلوا عليهم الباب” التي شنها “مجلس ثوار بنغازي” في العشر الأواخر من رمضان، شكك في امكانية تحقيق أي انتصار لقوات حفتر على الأرض، خصوصا أن “مجلس ثوار بنغازي” الذي ينضوي تحته تنظيم أنصار الشريعة والتشكيلات الأخرى المتحالفة معه سيطر بعدها على معسكرات الجيش في المدينة وعلى مواقع حساسة أخرى. 

غياب الرؤية

من جهته أصدر المركز الليبي للبحوث والتنمية في آب/أغسطس الحالي تحليلاً سياسيا أشار فيه إلى ما أحدثته خسارة المقرات من “هزيمة نفسية” لكوادر قوات الصاعقة و”شك وقلق وخيبة” لدى مؤيديها، الذين وصفهم المركز بأنهم “أغلبية سكان المدينة”، ما يستوجب قوة دفع معنوية كبيرة للتغلب على هذه الآثار “التي يصعب تلافيها”.

المركز أرجع الهزيمة لأسباب عدة من بينها “غياب الرؤية والاستراتيجية العسكرية” لعملية الكرامة التي قاتلت الصاعقة تحت رايتها، وافتقارها لأدنى مقومات إدارة العمليات القتالية “حيث وجدت الصاعقة نفسها لوحدها مقطوعة من أي مدد ودعم لوجستي من قبل قيادة العملية، باستثناء الغطاء الجوي الذي لم يفلح في وقف تقدم قوات مجلس ثوار بنغازي”.

ورجح أن يكون ما وصفه بـ”تقاعس قيادة الكرامة” في دعم الصاعقة سبباً في تخلي عدد من أفراد الأخيرة عن القتال وهجرهم مواقعهم.

وهذا ما لا يتفق معه الخبير العسكري العقيد أحمد بوزيد، الذي وصف لـ “مراسلون” ما حصل بأنه انسحاب جاء بعد دراسة للموقف، وصعوبة الرد على أفراد أنصار الشريعة الذين قاموا بإطلاق النار من داخل المنازل والأماكن العامة.

بوزيد قال إن قيادة الصاعقة اتبعت الخطة العسكرية القائلة بالهجوم من الخارج بدل الدفاع من الداخل وعدم الدفاع عن موقع يكلف خسائر كبيرة، وذلك بحسبه ما صار يكبد قوات أنصار الشريعة كثيراً من الخسائر، في إشارة للاشتباكات الأخيرة التي تخوضها الصاعقة وقوات من عملية الكرامة مع التنظيم في منطقة بو عطني.

خوف على المدنيين

انطلاقة الكرامة كانت قوية بهجوم بري مباغت في 16 أيار/مايو الماضي على معسكرات تابعة لكتيبة “راف الله السحاتي” و كتيبة “17 فبراير” وتنظيم أنصار الشريعة.

لكن بعدها اقتصرت عملياتها على ضربات جوية لتمركزات تنظيم أنصار الشريعة في بنغازي، أو لمواقع بمدينة درنة (شرق بنغازي 300 كم)، أو بقصف متبادل بمدفعية الهاوزر وصواريخ جراد مع اشتباكات برية بين حين وآخر دون وجود سيطرة على الأرض بالإضافة لتبنيها هجوما غامضاً بالطيران في 18 آب/أغسطس على قوات موالية لمدينة مصراتة والتيار الإسلامي، تخوض حربا في طرابلس ضد قوات موالية لمدينة الزنتان، وهو الهجوم الذي قالت الحكومة الليبية إنه تم بطائرتين مجهولتين.

ومع هذا فإن العقيد بوزيد يرى أن الوضع العسكري لعملية الكرامة يسير مساراً حسناً، وأن مشكلتها الوحيدة هي مواجهتها مجموعة من العصابات غير المدربة عسكريا والمعتمدة على الكثافة النارية، ما يمنع الرد المركز والسريع خشية من إصابة المدنيين.

سلة واحدة

يؤخذ أيضاً على قيادة عملية الكرامة أنها وضعت جميع التشكيلات والدروع المسلحة في بنغازي في سلة واحدة مع تنظيم أنصار الشريعة، بدل محاورتهم وتحييدهم دون قتال لعزل التنظيم، ما وحد جهود هذه التشكيلات وقوى شوكتها.

وفي هذا الصدد سبق للحجازي أن قال لـ “مراسلون” إنهم دعوا أفراد الدروع – الذين يقاتلون مع مجلس الثوار – للرجوع إلى “حاضنة الوطن”، ووعدوهم بمساعدتهم وتوفير الوظائف لكنهم بحسبه “أغلقوا باب الحوار”.

هذا الخطأ لم يتداركه الطرف الآخر كذلك، عندما توعد المسؤول العام لتنظيم أنصار الشريعة محمد الزهاوي في 27 مايو الماضي بفتح “أبواب الجحيم على حفتر والمنطقة برمتها”، مهدداً بأن “أهل التوحيد في المنطقة بل وفي العالم بأسره لن يخذلوا أبدا أهل التوحيد في ليبيا” إزاء “إصرار حفتر ومن سار في دربه “.

بيان الزهاوي تعرض للنقد من التيار الإسلامي، حتى أن مجلس البحوث والدراسات الإسلامية بدار الإفتاء الليبية وصفه بأنه دعوة للعنف وعدم حرص على وحدة الكلمة في سابقة هي الأولى من نوعها، لكنه لم يدفع قادة الكرامة إلى مراجعة مواقفهم.

الصحفية كريمة إدريسي قالت في تصريح لمراسلون “وضع الجميع في سلة واحدة خطأ لو أنه تم عمدا، وقد يكون تخطيطا عسكريا مسبقا لتطهير ليبيا من كل الكتائب، إن صح شعار التطهير”.

إدريسي أضافت “أنكر حفتر في حوار سابق لي معه وضعه الجميع في سلة واحدة، وقال إنه يعرف الفرق جيداً بين كتيبة وأخرى”.

وتساءلت “هل كانت تلك الكتائب ستنضم حقا لحفتر ضد الطرف الآخر؟، وهل خسر حفتر حقاً حليفاً قوياً كان سيعجل بفوزه في الحرب التي يخوضها؟”.

حسنات ولكن؟

رغم كل ما سبق يحسب لعملية الكرامة إعادتها الروح للأجهزة الأمنية في الشرق الليبي، وعودة حالة الاستنفار ونقاط الاستيقاف التي كان كثير منها قد اختفى متأثرا بوقع ما يحدث في بنغازي من اغتيالات وتفجيرات.

ناهيك عن تمكن الأجهزة الأمنية في مدن الشرق غير مرة من اعتقال أشخاص يشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، وهو ما لم يكن ممكن حدوثه قبل انطلاق العملية.

إلا أن الإعلامي سعد الدينالي يرى أن وقفة جادة من الحكومة والبرلمان هي ما يعيد الروح للأجهزة الأمنية، وأن عملية الكرامة ما لم تحظى باعتراف السلطات الشرعية ودعمها فإنها ستزيد الأمور سوءاً.

أضاف “يسجل للكرامة قيامها بما عجزت عنه الدولة وتجميعها ما تبقى من الجيش بشكل منظم، أما ضبط الأمن فمسألة تضامنية لا تحققها عملية أو حركة بمفردها”.

كلام الدينالي عن دعم السلطات للكرامة هو ما صرح به أكثر من نائب في مجلس النواب، وهو ما يمكن أن يأخذ طريقه للتنفيذ بعد قرار الأخير تعيين أحد قادتها العقيد عبد الرازق الناظوري رئيساً للأركان العامة الليبية.