فوجئ الشارع الليبي في 13 تموز/يوليو الماضي بمقطع فيديو ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه عضو المؤتمر الوطني العام السابق صلاح بادي وهو يقول “الله أكبر ..الله أكبر .. النيران تتصاعد في المطار”، ما كان إيذانا ببدء عملية “قسورة” للسيطرة على مطار طرابلس الدولي.

العملية التي شنتها كتائب من مصراتة -التي ينتمي لها صلاح بادي- ومعها كتائب حليفة أخرى ضد قوات موالية لمدينة الزنتان دفعت مراقبين إلى الحديث عن حرب أهلية- جهوية تندلع بين المدينتين على أراضي العاصمة.

فوجئ الشارع الليبي في 13 تموز/يوليو الماضي بمقطع فيديو ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه عضو المؤتمر الوطني العام السابق صلاح بادي وهو يقول “الله أكبر ..الله أكبر .. النيران تتصاعد في المطار”، ما كان إيذانا ببدء عملية “قسورة” للسيطرة على مطار طرابلس الدولي.

العملية التي شنتها كتائب من مصراتة -التي ينتمي لها صلاح بادي- ومعها كتائب حليفة أخرى ضد قوات موالية لمدينة الزنتان دفعت مراقبين إلى الحديث عن حرب أهلية- جهوية تندلع بين المدينتين على أراضي العاصمة.

لكن الصراع يحمل أيضا صبغة سياسية. ففي حين تحسب مدينة مصراتة على تيار الإسلام السياسي توصف مدينة الزنتان بأنها نصير قويّ لقوى التحالف الوطني.

العاصمة في ظلام

لم تمضِ 24 ساعة على ظهور بادي حتى خرجت الحكومة الليبية لتعلن إصابة 90% من الطائرات الرابضة بمطار طرابلس الدولي وتدمير بعض مرافقه ما أوقف عمله. لكن خسائر عملية قسورة أو “فجر ليبيا” كما سميت لاحقا تجاوزت أسوار المطار وجعلت العاصمة رهينة صراع أدخلها في ظلام دامس جراء الانقطاع المتكرر للكهرباء.

وأدى اشتعال النيران في خزانات الوقود بالعاصمة وفشل كل جهود الإطفاء وتجدد الاشتباكات إلى نزوح عدد كبير من سكان المناطق القريبة من المطار فيما تدفق الآلاف إلى تونس عبر معبر رأس جدير الحدودي  وتسابقت الدول على سحب بعثاتها الدبلوماسية خارج البلاد.

الحكومة التي وقفت عاجزة عن إخماد صوت الرصاص أكدت في بيان صدر في 14 تموز/ يوليو على أنها تتدارس “إستراتيجية طلب محتمل لقوات دولية”، إلا أن أي تدخل لم يلح في الأفق خلا ما شهدته العاصمة من تحليق لطائرات يوم 26 تموز/ يوليو الماضي، عندما قامت الولايات المتحدة التي تقع سفارتها على طريق المطار بإجلاء طاقمها الدبلوماسي عن طريق البر وسط تغطية جوية.

صبغة سياسية

تنضوي معظم الكتائب المتحاربة في مؤسستي الجيش والداخلية، وأغلبها محسوب على مدينتي مصراتة والزنتان اللتان كونتا مراكز قوى داخل العاصمة عقب تحريرها.

إلا أن سيلا من التصريحات لجماعة الأخوان المسلمين وأطراف إسلامية أخرى عزز من فرضية أن الصراع يحمل وجها سياسياً عنوانه تصفيه الحسابات بين التيارين الإسلامي والليبرالي.

وكان موقع “بوابة الوسط” قد نقل عن رئيس حزب العدالة والبناء (جماعة “الإخوان المسلمون”) محمد صوان قوله في تصريح لوكالة أسوشيتد برس إن الهجوم على مطار طرابلس الدولي “عمل مشروع” لأنه يأتي رداً على ما يقوم به اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يحارب الإسلاميين في بنغازي (شرقي البلاد).

كما كتب عضو جماعة الأخوان المسلمين عبدالرزاق العرادي على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك، أن المعركة ليست ضد مدينة بعينها، ولكنها “ضد من يلقي بحممه على مهد الثورة ويعيث في الشرق الحبيب الفساد، يقتل أهله وينشر الرعب والدمار فيه” في إشارة إلى اللواء حفتر.

بيد أن عضو الحزب بوبكر بلال نفى أي تورط لحزبه في العملية، وأكد أن تصريحات العرادي أراء شخصية لا تعكس موقف الجماعة من الأحداث.

كما نفى بلال في حديث إلى “مراسلون” التصريحات المنسوبة إلى رئيس الحزب محمد صوان مؤكدا إنها “مكذوبة وعارية عن الصحة” وأن صوان نفسه صرح لاحقا “بأننا كحزب سياسي لسنا طرفاً في الصراع الدائر في طرابلس”.

فرض شروط

على الرغم من حرص بلال على نفي تورط حزبه في العمليات العسكرية، إلا أنه لا يخفي دعمه لكتائب مصراتة الإسلامية المهاجمة للمطار.

ويقول بلال إن كتائب الزنتان المتمركزة في المطار “تمثل الثورة المضادة في الغرب الليبي” وأنها تتلقى أوامرها من حفتر.

وأضاف “بعد إعلان التحرير التقت مصالح كتائب القذافي المهزومة مع كتائب محسوبة على منطقة الزنتان ممن كانوا من الثوار لكنهم تخلوا عن مبادئ الثورة، ما وفر الحماية لعناصر نظام القذافي المطلوبين للعدالة ومكن الطرفين من الاستيلاء على منافذ حيوية تعود على كتائب الزنتان بأموال طائلة”.

من جهتها ترد أطراف محسوبة على قوى التحالف الوطني على رواية جماعة “الأخوان المسلمون” للأحداث. ويقول عضو الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية صفوان المسوري إن “قيادات القوات المتمركزة في المطار هي فقط من الزنتان وليس معها أي كتائب أخرى، أما الطرف المهاجم فعلى رأسه قادة من مصراتة، ومعه من طرابلس المنتمون إلى الطيف الإسلامي من الإخوان والأصوليين الراديكاليين”.

المسوري حمل الطرف الذي قرر الهجوم على المطار مسؤولية ما حصل من دمار، خاصة مع “نفي الحكومة تكليف هذا الطرف”. معتبراً أن هدف هذه الجماعات “بسط السيطرة على العاصمة وفرض شروطها على الدولة”.

تطاحن على السلطة

المحلل السياسي حسن ندار أكد في تصريح لـ “مراسلون” على اقتران السياسة بالجهوية. وبحسبه فإن “مدينة مصراتة يترأس اثنان من أبنائها حزبي الجبهة الوطنية والعدالة والبناء، ناهيك عن تنامي قوتها العسكرية ما جعلها هدفاً للذين يريدون استعمال السلاح لتحقيق مصالح سياسية، والذين أدخلوها كطرف في الصراع، بينما ينتمي لمدينة الزنتان بعض الرموز الموجودة في قوى التحالف الوطني”.

لكن ذلك لم يمنعه من تحميل المسؤولية لتيار الإسلام السياسي، “فقد تبنى هذا التيار عبر كل رموزه ما يجري جهاراً نهاراً، ولم يكن هناك قتال قبل عملية فجر ليبيا، وهم من قاموا بالهجوم.. حتى أن بعضهم تجاوز الحد وصرح أن هذه الحرب تم الإعداد لها منذ سنتين”.

لكنه استدرك “لقد كشفت عمليتا فجر ليبيا والكرامة ماذا يضمر كل طرف عبر تحركاته العسكرية على الأرض، فقد تحالفت جماعات الإسلام السياسي مع أنصار الشريعة في بنغازي، وخرجت تتفاخر بقتل الجيش والشرطة وفرض سلطتها العسكرية، وتجري محاولات حثيثة لاستباق الوقت والسيطرة على طرابلس وبنغازي، وقطع الطريق على البرلمان الذي نجح في إفشال المخطط الانقلابي”.