“لو قفلتم ألف ألف حساب .. ولو بالفحم سنكتب على أسوار الشوارع .. دائماً ينتصر الوطن” هذا ما كتبه رئيس تحرير صحيفة ليبيا الجديدة محمود المصراتي على حسابه الشخصي الجديد بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بعد إغلاق حسابه الأصلي.

المصراتي ليس الوحيد الذي يتعرض حسابه على الموقع الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى الليبيين بعد الثورة للإقفال .

“لو قفلتم ألف ألف حساب .. ولو بالفحم سنكتب على أسوار الشوارع .. دائماً ينتصر الوطن” هذا ما كتبه رئيس تحرير صحيفة ليبيا الجديدة محمود المصراتي على حسابه الشخصي الجديد بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بعد إغلاق حسابه الأصلي.

المصراتي ليس الوحيد الذي يتعرض حسابه على الموقع الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى الليبيين بعد الثورة للإقفال .

فقد أغلقت خلال شهر تموز/ يوليو الجاري عدة حسابات شخصية لناشطين وصحافيين وسياسيين جراء حملة من البلاغات، وإدارة موقع فيسبوك طلبت من أصحاب هذه الحسابات إثبات هوياتهم حتى تتم إعادة تفعيل الحسابات.

الرابط الأكبر بين جميع المتضررين كان انتقادهم لتيار الإسلام السياسي وقوات الدروع المحسوبة على التيار.

ويأتي على رأس القائمة مسؤول ملف الإعلام في المجلس الوطني الانتقالي المنتهية مدته محمود شمام، وهو شخصية تعرف بقدرتها على مخاطبة الشارع الليبي، ومعروفة بانتقادها لـ “حزب العدالة والبناء” و”كتلة الوفاء لدم الشهداء” اللتان تمثلان تيار الإسلام السياسي، ولتصرفات درع الوسطى المحسوب على مدينة مصراتة.

كما شمل الإقفال صفحات الصحفيين فتحي بن عيسى وحسين المسلاتي وعريش سعيد وطه الكريوي والمدون عمر القويري والناشط السياسي عبد المعز بانون الذي تعرض بعدها للاختطاف ولازال مصيره مجهولاً، إضافة إلى الناشط في الحراك الفيدرالي أسامة الجارد والكاتب سليم الرقعي.

ولم يسلم السياسيون من ذلك إذ أغلقت صفحتا عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته أسماء سريبة، والنائب الفائز في الانتخابات البرلمانية عن دائرة بنغازي زياد دغيم وهو الآخر ناقد لاذع للتيار الإسلامي.

بالإضافة إلى الصفحة الخاصة بقناة “ليبيا الدولية” وهي قناة فضائية تتبنى خطاب قوى التحالف الوطني التي يتزعمها الدكتور محمود جبريل .

تكميم للأفواه

الناشط الفيدرالي أسامة الجارد قال لـ “مراسلون” إن إغلاق الصفحات تمّ بدون أسباب مقنعة أو واضحة.

وأضاف “لقد جرى إغلاق عدد من الصفحات الإخبارية الأخرى التي تنقل أخبار لأعداد كبيرة من المتابعين وهو أمر يعتبر تضييقاً على العمل الإعلامي ومحاولة لتكميم الأفواه”.

وربط الجارد بين ذلك وبين ما كان يحدث في زمن القذافي قائلاً  “لقد  تم إغلاق صفحتي الشخصية “برقاويّ حر” في منتصف عام 2009 مع أكثر من مئة صفحة ليبية من قبل إدارة  فيسبوك وبدون وجود دلائل على عمليات قرصنة أو ما شابه، مع العلم أننا في ذلك الوقت لم نخالف أيا من قوانين الموقع أو سياسات الخصوصية بل كنا نتصدى للنظام السابق”.

غلق متعمد؟

في حين أكدت الصحفية نرجس الغرياني على أن بعض الناشطين تعرضوا لهذه العملية فعلاً، لكنها رأت أن الكثيرين منهم يُروجون لـ”غلق صفحاتهم لمآرب شخصية كاستعطاف المواطن  أو التخلص مما دونوه على تلك الصفحات”.

وقالت الغرياني “هذا الأمر تُسأل عنه إدارة الفيسبوك، و إن اعتبر ضمن سياسات تكميم الأفواه لكنه مرتبط بالليبيين أنفسهم، فلا يُغلق حساب لأي مشترك على موقع الفيسبوك إلا بسبب بلاغات أشخاص آخرين عبر حساباتهم إلى إدارة الفيسبوك أو من قبل جهات مسؤولة من الدولة”.

وأضافت “مع هذا فإنني أستنكر غلق حساب أي شخص مهما كان توجهه أو ما يكتبه عبر حسابه الشخصي لسبب وحيد و هو اعتقادي بأن سياسة تكميم الأفواه ولت إلى غير رجعة”.

إيقاف بطلب رسمي

لم تتبنَ أي جهة معروفة المسؤولية عن حملة البلاغات لكن بعض المتضررين اتهموا تيار الإسلام السياسي بالوقوف وراءها.

الكاتب سليم الرقعي أحد هؤلاء إذ قال في تدوينة عبر حسابه الشخصي على فيسبوك أن من وصفها بـ”العصابة الحاكمة في ليبيا” تقوم بمخاطبة شركة الفيسبوك بخطابات رسمية ممهورة بختم الدولة الليبية تطالبها بإقفال حسابات بعض المعارضين لها والرافضين لطريقة “حكمها لليبيا”. موجهاً أصابع الاتهام إلى جماعة الأخوان وتنظيم القاعدة تحديداً.

الرقعي أضاف أن الجهة المُخاطِبة تدعي أن الناشطين ينتحلون أسماء أشخاص آخرين، وذلك كان السبب بحسبه لإغلاق عدة صفحات من بينها صفحته.

وطالب الرقعي من يكتب على موقع الفيسبوك باسمه مراسلة إدارة الموقع وإرسال نسخ من بطاقات الهوية كجواز السفر لإثبات صحة معلوماتهم كحل نهائي لمحاوﻻت الإيقاف والإغلاق.

بينما تساءل الصحفي حسين المسلاتي عبر تدوينة على صفحته “تم إيقاف حسابي (مؤقتاً) بحجة التحقق من بياناتي .. لا أعرف هل صحيح للتحقق منها أم هي مؤامرة من التيار الإسلامي”.

الإسلاميون ينفون

عضو حزب “العدالة والبناء” الشيخ أبوبكر بلال نفى من جهته ضلوع أعضاء حزبه في إقفال صفحات الناشطين والصحفيين.

وقال بلال لـ “مراسلون” إن “اتهام التيار الإسلامي والإخوان على وجه الخصوص بإقفال حسابات بعض الناشطين أمر بعيد الاحتمال لأن التأثير في جمهور الفيسبوك يكون عبر الصفحات التي تحظى بملايين الإعجابات ولا يكون من خلال الحسابات الشخصية التي لا يتجاوز عدد المضافين فيها خمسة آلاف شخص”.

وتابع بلال “لو وضع التيار الإسلامي بمكوناته المختلفة خطة لإغلاق القنوات الالكترونية التي تهاجمهم لكانت هذه الصفحات التي تعج بالملايين أولى من إغلاق الحسابات التي لا تتجاوز الآلاف”.

في المقابل يتهم بلال بعض أصحاب هذه الحسابات بإغلاقها بأنفسهم “نظرا للتحولات التي حدثت على الأرض والتي لا تتماشى مع ما كتبوا في السابق في صفحاتهم”.

صفحات مؤججة

رئيس “المركز الليبي لحرية الصحافة والإعلام” محمد الناجم قال لـ “مراسلون” إن إغلاق الحسابات الشخصية على موقع الفيس بوك أو صفحات الانترنت تضييق على الحريات العامة وحرية التعبير في المجتمع الليبي التي ولدت بعد 17 فبراير.

لكنه نوه أن بعضاً من أصحاب هذه الصفحات “سبب لما يحصل في البلاد” ، وسبب في “تأجيج الوضع وإثارة النعرات القبلية والجهوية وسكب الزيت على النار في ظل الوضع الحرج الذي تعيشه البلاد”.

ولفت إلى أن المركز وعبر وحدة رصد و توثيق الانتهاكات قام بمتابعة ومراقبة الكثير من هذه الصفحات ورصد الكثير من “الخطاب التحريضي”.

وجود خطاب تحريضي يدعو “للعنف والكراهية ” يعد تجاوزاً للحريات العامة وحرية التعبير، يؤكد الناجم، وبالتالي “وجب التنبيه مرة واثنين ومن ثم لا مانع في إغلاق بعض هذه الصفحات”.

كما أوصى بضرورة مراقبة خطاب هذه الصفحات وإجراء حوارات فيما بين أصحابها لتجنب خطاب قد يضر بالاستقرار المجتمعي وللرقي بلغة الحوار ومراعاة وجود خطاب متوازن لا يقصي الطرف الأخر أو يخونه عبر حملات التخوين والتشويه ولغة الكراهية.

تحريض متبادل

الناجم نفى بدوره ما أورده عدد من أصحاب تلك الصفحات بوقوف التيار الإسلامي خلف حملة البلاغات قائلاً إن “الأمر لا يتعلق بحملة يشنها تيار ضد تيار أخر على الانترنت بل يتعلق بوجود خطاب تحريضي يشن من قبل شخصيات محسوبة على الطرفين”.

وأضاف “ليس من باب الدفاع عن الإسلاميين لكنني لاحظت من خلال عملية الرصد اليومية لما ينشر عبر مواقع الانترنت أن الكثير من الصفحات المحسوبة على الإسلاميين أقفلت”.

واستشهد بإغلاق صفحتي “طه الزاوي” و”فبراير مستمرة”، وبتعرض صفحة “سيدات ليبيا” التي أبدى تحفظه على الخطاب الذي تنتهجه، إلى بلاغات لإقفالها أكثر من مرة.