وابلٌ من الرصاص اخترق جسد علي الصنعاني بعد خروجه من مسجد “الحسابات العسكرية”  في مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، ليسجل اسمه كأول ضحايا الاغتيال في شهر رمضان.

الصنعاني (34 عاماً) الذي كان يعمل إماماً وخطيباً في ذلك المسجد المواقع في حي سيدي حسن فقد حياته بعد أن أمّ المصلين في صلاة صبح الأول من رمضان، ليتبع اسمه قائمة طويلة من الضحايا في شهر الصيام.

أمن مشوّش

وابلٌ من الرصاص اخترق جسد علي الصنعاني بعد خروجه من مسجد “الحسابات العسكرية”  في مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، ليسجل اسمه كأول ضحايا الاغتيال في شهر رمضان.

الصنعاني (34 عاماً) الذي كان يعمل إماماً وخطيباً في ذلك المسجد المواقع في حي سيدي حسن فقد حياته بعد أن أمّ المصلين في صلاة صبح الأول من رمضان، ليتبع اسمه قائمة طويلة من الضحايا في شهر الصيام.

أمن مشوّش

بعد مرور أكثر من نصف شهر رمضان لا زالت وتيرة القتل في المدينة ترتفع. اغتيالات ومشاجرات، ناهيك عن الجثث التي يُعثر عليها بين الحين والآخر من قبل التحريات الأمنية أو مواطنين مارين  بالصدفة، ولا تُعرف ظروف أو طريقة قتل أصحابها، ولا حتى هوياتهم أحياناً.

المتحدث باسم الغرفة الأمنية المشتركة بنغازي إبراهيم الشرع يؤكد لـ “مراسلون” أن المجرمين عادةً “لا يبالون بحرمة الأشهر الحرام، وازدياد حوادث القتل في رمضان هذا العام أكبر دليل على ذلك”.

الشرع أوضح أن الوضع الأمني في بنغازي “مشوش” بالرغم من أن المدينة شهدت نشاطاً ملحوظاً للأجهزة الأمنية في وقت سابق أدى إلى “القبض على بعض المجرمين المتورطين في قضايا خطيرة”.

ولكن الهجوم الذي وقع مطلع شهر أيار/مايو الماضي على مديرية الأمن الوطني وكتيبة “الصاعقة 21″، اضطر الوحدات العسكرية للرجوع للخلف والدفاع عن نفسها، بحسب الشرع.

الأجهزة الأمنية تتعرض لـ”هجمة شرسة”، حيث يتم استهداف منتسبيها لمجرد نزولهم إلى الشارع، سواء كانوا من الجيش أو الشرطة، وقد فقد هذان الجهازان “العديد من الشهداء عقب نزولهم للشوارع لتأمين المدينة” يقول الشرع.

موت بالجملة

[ibimage==13664==Small_Image==none==self==null]

 أكثر من 25 حادثة قتل واغتيال شهدتها المدينة في شهر رمضان، فبعد اغتيال علي الصنعاني لم تمهل آلة الاغتيالات في بنغازي العقيد موسى المجبري، الذي تلقفته يد الموت رمياً بالرصاص بعد خروجه من صلاة التراويح في ذات اليوم الذي اغتيل فيه الصنعاني.

أما الثاني من رمضان فقد شهد اغتيال أحد منتسبي سلاح الجو إبراهيم بن غربية، بينما شهد اليوم الرابع من ذات الشهر اغتيال مؤذن مسجد عبدالله عابد، وضابط تحقيق في البحث الجنائي ورفيقه، وجميعهم قُتلوا رمياً بالرصاص من قبل مجهولين.

ولكن خامس أيام الشهر اسيكون عالقا أكثر من أي يوم في أذهان أهالي بنغازي، حيث شهد مقتل 10 اشخاص، بينهم خطيبا مسجد ومترجم في الإنتربول وعقيد في سلاح الجو، بالإضافة إلى أربعة مواطنين لقوا حتفهم بعد سقوط صاروخ على سيارتهم التي كانوا يستقلونها، لينتهي ذلك اليوم على نبأ العثور على جثتين وجدتا بالقرب من منطقة “جيرة” جنوب بنغازي.

اغتيالات ومشاجرات

ليست الاغتيالات هي أداة القتل الوحيدة في بنغازي، بل هناك قتلى سقطوا جراء القصف العشوائي الذي تشهده المدينة بعد انطلاق ما تعرف “بعملية الكرامة” التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ويستخدم منفذوها سلاح الجو لضرب مواقع تنظيم أنصار الشريعة بحسب تأكيداتهم.

كما سقط آخرون ضحايا للمشاجرات التي تشهد هي الأخرى انتشاراً واسعاً في أرجاء المدينة. وتم العثور مؤخراً على خمس جثث مجهولة الهوية في منطقة “جروثة” غرب بنغازي، يُعتقد أنهم قضوا في مشاجرة.

ومع ارتفاع عدد الجثث المجهولة يوضح الشرع أن منها ما يبقى لوقت طويل في ثلاجة الموتى لعدم التعرف عليها. وقال إنه يتم فتح محاضر استدلالية وابتدائية لتوثيق الجريمة ومن ثم تصويرها وأخذ عينة من الحمض النووي DNA من الجثة ليتم التعرف على هويتها لاحقاً.

وعن التحقيقات في قضايا القتل الكثيرة تحدث الشرع عن دعاوى معلقة لأجل غير معروف، “والأدلة الجنائية التي تعتمد على البصمة وكلاب الأثر غير موجودة أصلاً في بنغازي، لذلك أساسيات التحقيق في الجريمة غير موجودة”.

مستنقع القتل

يصف محمد السعيطي المتحدث باسم لجنة إدارة الأزمة في بنغازي الوضع الأمني في بنغازي بأنه “متأزم جداً”.

وبالرغم من مناقشة ملف الأمن مراراً خلال اجتماعات اللجنة، والتي كان آخرها بحضور وزير العدل صلاح المرغني المكلف برئاسة ديوان مجلس الوزراء بنغازي، إلا أن الاجتماعات “لم تثمر عن أية نتائج مرضية قد تنتشل المدينة من مستنقع القتل العميق”، على حد تعبير السعيطي.

السعيطي يعتقد بأن الملف الأمني لم يلق الدعم الكافي من قبل الحكومة المؤقتة، وبناءً على ذلك يقول لـ “مراسلون” بأنه طلب من وزير العدل توفير دعم كبير لهذا الملف حتى يعود الأمان للمدينة.

وفي ذات السياق عقد السعيطي سلسلة اجتماعات مع الأطراف المتنازعة في المدينة، والمتمثلة في قيادات تنظيم أنصار الشريعة وقادة عملية الكرامة التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وذلك لإيجاد حلول للمناطق التي تتعرض للقصف، على حد قوله.

بيان فضفاض

الحكومة المؤقتة التي أكدت مراراً سعيها لحل الأزمة، أصدرت بياناً دعت فيه المؤسسات الأمنية والعسكرية في بنغازي إلى القيام بواجبها الوطني والنزول إلى الشوارع لتأمين المدينة ومؤسساتها وبسط الأمن فيها.

خروج جميع الأطراف المتقاتلة من المدينة ووقف القتال فوراً كان أحد مطالب الحكومة في البيان، ولكن دون أن تميز الجهة المكلفة بالحماية والأخرى التي يجب عليها أن تخلي المدينة.

ولم يغفل البيان التذكير بأن القتال الذي يدور في المدينة منذ فترة طويلة واستعملت فيه مختلف أنواع الأسلحة بين أطراف عدة وفي مناطق آهلة بالسكان، تسبب في وفيات كثيرة وإحداث إصابات متعددة للسكان الآمنين، بالإضافة إلى عرقلة سير الحياة في بنغازي، دون أن تطرح حلاً واضحاً لهذه الأزمة.

اتهامات متبادلة

عملية الكرامة التي انطلقت في الأساس لوقف الاغتيالات والقتل في بنغازي، أصبحت واحدة من أسباب الموت المباشر لمشاركين وغير مشاركين في القتال.

ورغم أن قادتها أعلنوا في وقت سابق القبض على خمسة أشخاص قالوا إنهم ينتمون لتنظيم القاعدة، متهمين إياهم بالضلوع في الاغتيالات التي حدثت بين صفوف الجيش والشرطة، في المقابل أعلن مجلس شورى ثوار بنغازي استهدافه بالسجن لكل من ثبت انتماؤه  لعملية الكرامة سواء بالمشاركة أو الدعم او التحريض.

وأطلق مجلس الشورى هو الآخر نفس الاتهامات فيما يتعلق بالقتل والاغتيالات، مؤكداً على أنه لا مجال لإطلاق سراح أي أسير لدى مجلس الشورى إلا بعد خروج كل الأسرى من سجون أتباع عملية الكرامة.

جهات عديدة

[ibimage==13670==Small_Image==none==self==null]

 الشيخ حسن الشريف – العضو المؤسس في اتحاد علماء ليبيا – يقول في حديث لـ”مراسلون” أن الاغتيالات هي “أشد ما يكون من الإفساد في الأرض لأنه يبث العداوة والبغضاء بين القبائل والفصائل”.

وهو يعتقد بأنه لا يمكن تحديد من يقوم بالاغتيال إلا بوجود تحقيقات، وأنه من غير العدل إلقاء الاتهامات جزافا، “لأن ليبيا دولة مفتوحة الحدود لكل دول العالم ناهيك عن دول الجوار والاستخبارات الأجنبية المتواجدة في كل مكان”.

ويضيف “أن اتهام جهة واحدة دون غيرها يعتبر جريمة، لأن الجهات التي تقوم بالاغتيالات عديدة. منها المتطرفون من كل جانب، وكذلك هناك يد سوداء غرضها بث الفتنة بين أبناء الوطن الواحد”.

هذا الرأي وغيره مما يدعو للروية والحذر في توجيه الاتهامات حتى يكون هناك تحقيقات لا يجد قبولاً عند أهالي الضحايا، الذين هم إما من الجيش والشرطة المفترض بهما عمل التحقيقات في جرائم القتل، أو من رجال الدين ذوي التوجهات المعتدلة الذين يفترض بهم مواجهة الفكر المتطرف أحد المتهمين بارتكاب القتل.