الانتخابات البرلمانية هي الاستحقاق الثالث والأخير في خريطة الطريق المصرية، بعد الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية اللذان عقدا هذا العام. وبالرغم من عدم تحديد موعد رسمي للانتخابات البرلمانية بعد فقد بدأ المتطلعون للترشح رحلتهم للبحث عن قائمة حزبية للانضمام إليها لضمان الدعم الشعبي والحزبي لها، سواء بالدعاية أو بإعتبارها البوابة الوحيدة للوصول إلى كرسي البرلمان.

الانتخابات البرلمانية هي الاستحقاق الثالث والأخير في خريطة الطريق المصرية، بعد الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية اللذان عقدا هذا العام. وبالرغم من عدم تحديد موعد رسمي للانتخابات البرلمانية بعد فقد بدأ المتطلعون للترشح رحلتهم للبحث عن قائمة حزبية للانضمام إليها لضمان الدعم الشعبي والحزبي لها، سواء بالدعاية أو بإعتبارها البوابة الوحيدة للوصول إلى كرسي البرلمان.

قانون مباشرة الحقوق السياسية المنظم للانتخابات، والذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور في الرابع من حزيران/يونيو الماضي، أفرد مساحة أكبر للمقاعد الفردية. وينص على تخصيص 420 مقعد للنظام الفردي و120 مقعد فقط للقوائم الحزبية المغلقة، وهو ما  يجعل التركيبة البرلمانية المرتقبة مختلفة كثيرا عن البرلمان السابق الذي هيمنت عليه الكتلة الإسلامية بشقيها الإخواني والسلفي، حين خُصص ثلثا مقاعد البرلمان لنظام القائمة المغلقة (360 مقعد) والثلث الآخر للفردي (180 مقعد).

“مناسب للفلول”

نبيل عوض الله، وهو صاحب مكتب دعاية وإعلان بالفيوم وعضو بحزب المصريين الأحرار، ينتقد القانون، لأن الترشح بالنظام الفردي ليس بالأمر السهل كما يبدو، إذ يتطلب أموالا ونفوذا يفوق طاقة الكثيرين. ويؤكد أنه سيخوض الانتخابات البرلمانية على قائمة حزبه عن “الصعيد”، لأن الترشح على المقاعد الفردية “يحتاج إلى المال الكثير، ويتطلب من لديه صفات الفلول”.

ويرى أن الانتخابات هي “تربيطات بين العائلات”، وأن الصعيد يعتمد في الانتخابات على تلك التربيطات، وليس للحزب فضل في نجاح المرشحين. وأشار إلى أنه يعتمد في معركته الانتخابية على عائلته الممتدة على مستوى الجمهورية، حيث يضمن قرابة 400 ألف صوت في هذه القائمة على مستوى “الصعيد” على حد قوله.

“استكمال المسيرة”

يضم الدكتور نصر الزغبي، عضو مجلس الشعب السابق عن قائمة “الثورة مستمرة” بالفيوم، صوته إلى صوت منتقدي القانون الجديد معتبرا إياه “لا يخدم التنوع الحزبي”، ولا يعطي فرصة كافية للنمو والتطور.

ويقول “الزغبي” إنه حاول الانضمام إلى حزب سياسي خلال الأسابيع الماضية للترشح على قوائم إحداها، ولكنه كان يبحث في الأساس عن مبادئ الحزب ومدى إنحيازه لغالبية الشعب، ولم يجد هذه الشروط متحققة في أي منها حتى اليوم، ففضل الترشح فردي.

ويعتزم الزغبي الترشح لعضوية البرلمان المقبل، من أجل استكمال مسيرته في البرلمان ممثلا للثوار بالمحافظة، على حد وصفه، بعد أن قضي في المجلس السابق قرابة 4 أشهر فقط، عضوا فيه، من أجل تحقيق ما كان يطمح به.

ويؤكد على أن الدورة البرلمانية المقبلة هامة جدا في تاريخ مصر، لأن البرلمان سيكون منوط به تأسيس “دولة مدنية حقيقية، دولة للقانون، حيث يوجد بالدستور مواد جيدة جدا، ولكنها تحتاج إلى تشريعات، وإلا تحولت لنصوص على ورق”.

“عودة نظام مبارك”

يعزو الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، تخصيص مساحة أكبر للمقاعد الفردية بأن الناخب المصري اعتاد على هذا النظام، وأنه يتشجع للمشاركة في انتخاب أشخاص أكثر من انتخاب أحزاب. لكنه يرى أن القانون الجديد يكرس العودة لنظام “مبارك”، وليس هو الأفضل لمصر، حسب قوله.

ويؤكد أن الهدف من هذا القانون “أن يكون البرلمان القادم “هشّ”، لا يضم تكتلات سياسية، حتى يعيد فعليا دستور 71 ، من أجل أن يعطي الفرصة للرئيس إصدار القوانين بنفسه نظرا لعدم وجود اتفاق بين أعضاء البرلمان وقتها، لأن كل عضو سيكون تكتل بمفرده. على الرغم من أن “السيسي بحاجة إلى وجود أحزاب وتكتلات سياسية لها رؤى محددة”.

ويشير إلى أن النظام الأفضل في الانتخابات البرلمانية هو القائمة النسبية الحزبية، لأنه يمنح الفرصة للأحزاب في دخول البرلمان ويمنع مساوئ النظام الفردي من العصبيات والطائفية وسيطرة المال.

“الأحزاب فتنة”

عبيد عبدالقوي عبيد، الشاب البالغ من العمر ،31 سنة، وهو نجل البرلماني السابق عن الحزب الوطني المنحل، متمسك بالترشح على المقاعد الفردية عن دائرة بندر الفيوم، معتبرا أن الأحزاب السياسية “فتنة”، ومن ينضم إليها فهو يفعل ذلك من أجل رؤسائها وليس برامجها.

واستغل “عبيد” حلول شهر رمضان لتعليق لافتات كبيرة وسط المدينة لتهنئة المواطنين بهذه المناسبة، كما أحضر فرقة “تنورة” ووزع إمسكيات رمضانية وفوانيس على المارة في شارع النادي قبيل ثلاثة أيام من حلول الشهر، ولم ينتظر الترشح رسميا، وإنما بدأ التحرك سريعا.

يقول عبيد “لا أنكر أنني كنت في الحزب الوطني “المنحل”، وأقول عن نفسي كلما هاجمني أحد “أنا فلول وتبت إلى الله..ولم أكن أضر أحد أبدا لدرجة الناس يقولون لي حاليا: أنت فلول لكن على قلبنا زي العسل”.

واختلف الأمر مع عبدالمنعم عبدالعليم، 36 سنة، أصغر عضو مجلس شوري سابق، عن حزب النور “السلفي”، الذي حصل على 25 بالمائة من مقاعد البرلمان السابق، والذي يتمسك بعدم الترشح في البرلمان القادم سوى من خلال حزبه.

ويرى “عبدالعليم”، أن البرلمان المقبل يعد من أخطر البرلمانات، لأنه يكون على خلفية دستور جديد، وسيعمل على إصدار تشريعات كثيرة جدا لأن الوقت حرج، والوضع الأمني متدهور. ويقول “في الغالب سيدخل البرلمان أصحاب النفوذ ورجال الأعمال وبعض بقايا النظام السابق”.

“قانون قاس على الأحزاب”

اختلفت ردود أفعال الأحزاب السياسية على القانون الجديد. إذ يرى الدكتور صابر عطا، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، ورئيس لجنة الوفد العامة بالفيوم، أن القانون الجديد للانتخابات البرلمانية، يحمي الانتماء الحزبي وحق الناخب على مرشحه، بألا يغير صفته الانتخابية وانتمائه السياسي عقب نجاحه، وإلا تسقط عضويته من البرلمان،  “وهو ما كنا نطالب به من قبل”.

ويشير عطا، إلى أن الحزب يدعم مرشحيه من خلال إعداد قائمة مرشحين جيدة، وأن يكون له فرصة للنجاح في المعركة. ولم يعترض عضو الهيئة العليا للوفد على الاستعانة بمرشحين كان لهم انتماء سابق بالحزب الوطني المنحل طالما كان المرشح “شريفا”، ولم يرتكب أي مخالفات.

أما أحمد ربيع، أمين حزب المصريين الأحرار بمحافظة الفيوم، فيختلف معه في الرأي، حيث يرى أن قانون الانتخابات الجديد قاس على الأحزاب السياسية المصرية ووضعها في مأزق، وخاصة الأحزاب الصغيرة، حيث يعتبر الـ 120 مقعدا التي يحددها القانون للقوائم الحزبية غير كافية.

ويشير إلى أن الأحزاب السياسية تواجه مساوئ هذا القانون حاليا، بالتحالفات فيما بينها، “وهذا أمر جيد إذا تم بعيدا عن الإستعانة بفلول الحزب الوطني، حتى يكون هناك مجلس شعب قوي، لكي لا تعود مصر إلى الصفر من جديد”.

ويؤكد ربيع أيضا أن قانون الانتخابات البرلمانية السابق لم يكن داعما للأحزاب السياسية، وأن الأحزاب كانت تتوقع أن يتم تضييق الدوائر الانتخابية في القانون الجديد. مشيرا إلى أنه كان يتمنى أن تكون الانتخابات بالقائمة النسبية المفتوحة، لأنها تجمع بين الانتماء الحزبي والإختيار من بين مرشحي القائمة الواحدة.