لم يستطع خالد التاجوري الموظف الذي يسكن بالإيجار منذ أكثر من سبع سنوات أن يمتلك منزلاً له ولعائلته المكونة من خمسة أفراد حتى بعد قيام الثورة في ليبيا، التي يصف العيش فيها بأنه “أصبح مستحيلاً”.

يقول خالد “المشكلة ليست في أن يعيش الإنسان في بيت مستأجر، إنما في طمع صاحب العقار الذي يزيد قيمة الإيجار من فترة لأخرى، وعلى النحو الذي يريد، حيث لا قوانين تردعه ولا أعراف”.

يصف خالد حال المستأجر بأنه رهينة “للطمع والمزاج، فيبقى بين نارين إما الرضوخ للأمر الواقع أو إخلاء المنزل والمكوث في الشارع”.

لم يستطع خالد التاجوري الموظف الذي يسكن بالإيجار منذ أكثر من سبع سنوات أن يمتلك منزلاً له ولعائلته المكونة من خمسة أفراد حتى بعد قيام الثورة في ليبيا، التي يصف العيش فيها بأنه “أصبح مستحيلاً”.

يقول خالد “المشكلة ليست في أن يعيش الإنسان في بيت مستأجر، إنما في طمع صاحب العقار الذي يزيد قيمة الإيجار من فترة لأخرى، وعلى النحو الذي يريد، حيث لا قوانين تردعه ولا أعراف”.

يصف خالد حال المستأجر بأنه رهينة “للطمع والمزاج، فيبقى بين نارين إما الرضوخ للأمر الواقع أو إخلاء المنزل والمكوث في الشارع”.

ويضيف أن “المشكلة في بلادنا هي غياب القوانين التي تحمي المستأجر من طمع مالك العقار، فكل مالك عقار يحدد قيمة الإيجار التي يريدها”.

هجرة الشركات

شهدت ليبيا منذ حوالي خمس سنوات طفرة عمرانية واسعة، حيث بدأ النظام السابق مشاريع إنشاء لمئات الوحدات السكنية على مستوى البلاد، كادت أن تكون حلاً شبه نهائي للمشكلة التي تفاقمت على مدى عقود دون البحث عن حل جذري لها.

توقفت هذه المشاريع بسبب اندلاع أحداث الثورة وما تبعها من أوضاع أمنية مضطربة، أدت لخروج جميع الشركات الأجنبية من ليبيا، مع أن معظمها قطعت مراحل كبيرة في الإنجاز.

ورغم دعوة الحكومات المتعاقبة منذ آب/أغسطس 2011 إلى عودة هذه الشركات، وتعهدها بتقديم الضمانات اللازمة لها، غير أن التطبيق الفعلي لتلك الضمانات على الأرض لم يكن متاحاً في ظل انتشار السلاح.

وتمثلت آخر المساعي لعودة الشركات في زيارة رئيس الوزراء السابق علي زيدان إلى تركيا مطلع العام 2014، لحث الأخيرة على دفع الشركات التركية للعودة إلى مزاولة أعمالها في المشاريع المتوقفة في ليبيا.

مساعي حكومية

مشكلة خالد وغيره قد تحل بعد ما أكده وزير الإسكان والمرافق علي الشريف، بأن الوزارة تعمل حالياً على تفعيل المشروعات الإسكانية المتوقفة في عدد من المدن الليبية.

الوزير قال في كلمة ألقاها بورشة علمية أقيمت في طرابلس منتصف كانون الثاني/يناير الماضي إن ليبيا أبرمت في السابق عقوداً لإنشاء 260 ألف وحدة سكنية في مختلف المدن والمناطق، وإنه سيتم التعاقد أيضاً على إنشاء مائة وعشرين ألف وحدة سكنية إضافية لحل مشكلة السكن نهائياً.

وطالب الوزير رجال الأعمال والمصرفيين والمخططين العمرانيين والعاملين بالسجل العقاري التعاون مع الوزارة والاستفادة من الخبرات الخارجية، لحل مشكلة الإسكان في ليبيا.

كما ترددت أنباء وتصريحات عن تعاون بين الوزارة والقطاع المصرفي لتسهيل صرف قروض عقارية للشباب. وفي نهاية العام الماضي أعطى مجلس الوزراء الإذن لوزارة الإسكان والمرافق بمباشرة إجراءات التعاقد لإنشاء مشروعات سكنية جديدة بمنطقة الهلال النفطي (وسط وشرق ليبيا).

وبحسب مدير عام مصرف الجمهورية فإن مشكلة السكن وما ترتب عليها من عجز في توفير الوحدات السكنية خلال عام 2009 وصل إلى ما يزيد عن نصف مليون وحدة سكنية، تعتبر من أكبر المشاكل التي خلفها النظام السابق في ليبيا.

واقع الحال

ما قيل عن الحلول التي تعمل عليها الدولة يبقى في إطار الأمنيات بالنسبة لمن يعانون من مشكلة السكن. وتبقى هناك عراقيل عديدة تعوق المواطن من بناء مسكن ملائم وصحي حسب قول خالد، أولها ارتفاع سعر الأراضي الصالحة للبناء خصوصاً في السنوات القليلة الماضية، إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، وارتفاع أسعار الأيدي العاملة بشكل كبير، بسبب تردي الأوضاع الأمنية.

ولا يمكن كذلك إغفال مسألة تدفق اللاجئين الليبيين من المدن التي شهدت دماراً في حرب التحرير على طرابلس وكذلك النازحين السوريين، والذين كان لهم الأثر الأكبر في ارتفاع أسعار إيجار المساكن بالمدينة وصعوبة الحصول عليها، ما زاد من معاناة المواطن الباحث عن مسكن للإيجار.

وهو ما أكده سالم علي الموظف بأحد المكاتب العقارية بطرابلس، والذي قال في حديثه لـ “مراسلون” إن العقار بدأ ازدياد الطلب عليه في نهاية عام 2011، “حيث شهد نزوح بعض العائلات من مدنها وذلك بسبب الاشتباكات التي دارت فيها قبل تحريرها بالكامل، وأيضاً اشتداد الأزمة السورية ووصول اللاجئين السوريين إلى ليبيا زاد من الطلب على السكن”.

اللاجئون السوريون

أبو شحادة هو أحد اللاجئين السوريين الذي يقطن هو وعائلته المتكونة من سبعة أشخاص وبعض من أقاربه في نفس الشارع بمنطقة تاجوراء شرق طرابلس، اشتكى لـ “مراسلون” من غلاء الإيجار وقيام صاحب المنزل بزيادة قيمته من وقت لآخر، الأمر الذي دفعه للعمل هو وأولاده بشكل مضاعف كي يستطيعوا مقارعة أعباء الحياة.

يقول أبو شحادة “أنا أشتغل مع أبنائي بكل طاقتنا في أعمال البناء، ونحاول جاهدين ضمان مبلغ الإيجار الذي يزيد من فترة لأخرى مبكراً، حتى لا يجد صاحب البيت عذراً لإخراجنا منه”.

زاهي محمد صاحب وكالة خدمات عقارية أكد على أن العقار تباينت أسعاره في السنوات القليلة الماضية وبالتحديد العقار المخصص للإيجار. “أصبح السعر يرتفع تدريجياً من قبل ملاك العقارات، فهناك ملاك جشعون وماديون إلى أبعد الحدود ويربطون زيادة قيمة الإيجار أحيانا بما تمنحه الدولة من منح أو علاوات مثلا كعلاوة الأطفال”.

بحسب زاهي فإن “من الصعب على المواطن البسيط استئجار بيت، هذا إن وجد، لأنه لم يعد سهلاً الحصول على منزل ملائم وبسعر مقبول”.

الحديث عن أزمة السكن في ظل الوضع الأمني والسياسي القائم في البلاد قد يراه البعض حديثاً في غير وقته، ولكن بالنسبة لمن يعجزون عن دفع تكاليف إيجار منزل من موظفين أو نازحين لا يجدون عملاً سواءً كانوا ليبيين أم غير ليبيين مهددين بالبقاء في الشوارع، هو حديث في أزمة تتحكم في مسار حياتهم بالكامل.