في وسط البلد، بقلب العاصمة المصرية، تقبع “زاوية”، قاعة السينما الجديدة التي أسستها ماريان خوري لتقدم أفقا جديدا، وسينما تختلف عن الصورة النمطية الرائجة للسينما الأمريكية. تحقق حلم المنتجة والمخرجة ماريان خوري، ابنة شقيقة المخرج العالمي يوسف شاهين. حلم راودها طويلا في تقديم “سينما للأفلام اللي مابتنزلش السينما”.

في وسط البلد، بقلب العاصمة المصرية، تقبع “زاوية”، قاعة السينما الجديدة التي أسستها ماريان خوري لتقدم أفقا جديدا، وسينما تختلف عن الصورة النمطية الرائجة للسينما الأمريكية. تحقق حلم المنتجة والمخرجة ماريان خوري، ابنة شقيقة المخرج العالمي يوسف شاهين. حلم راودها طويلا في تقديم “سينما للأفلام اللي مابتنزلش السينما”.

ماريان صاحبة الخبرة الواسعة من خلال عملها في شركة “أفلام مصر العالمية”، وتجربتها في “مهرجان الفيلم الأوروبي” اعتمدت على الشباب في مجمل تفاصيل العمل إيمانا منها بأن “زاوية” هي مكان تناقل الخبرات وانتقال المعرفة. أما الحلم القادم، فهو نشر مفهوم “زاوية” ليكون فضاءً موازيا للأفلام المستقلة المتميزة في مجمعات السينما على طول محافظات مصر.

مراسلون: كيف نشأت فكرة قاعة عرض “زاوية”؟
ماريان خوري: كانت الفكرة الأساسية هي التنوع في العروض، والابتعاد عن الصوت الأوحد للأفلام الأمريكية التجارية. فمن حق الجمهور أن يشاهد ويتعرف على موضوعات وعلى سينما مختلفة. “زاوية” كانت فكرة تراودني منذ عشر سنوات لتكون واجهة تعرض كل ما هو مختلف ومتميز.

وما هي دلالات الاسم بالنسبة لك ؟
هي فكرة الزاوية والفضاء المكاني، زاوية الرؤية والمنظور الذي نرى من خلاله العالم. وتاريخيا، الزاوية بمعنى المدرسة التي يجتمع فيها الناس ويتم تداول المعرفة، ولا أرى هذا المعنى المقدس بعيدا عن السينما، لأنها يجب أن ينظر إليها باحترام، وهذا ما جعلنا نستبعد فكرة الاستراحة التي تقطع مشاهدة العرض السينمائي وتفصل المشاهد عن الأحداث، أردنا أن نعيد للفرجة متعتها من جديد.

هل كان نجاح دورات “مهرجان الفيلم الأوروبي” الذي تنظمينه في القاهرة والاسكندرية حافزا لإطلاق دار عرض تختص في السينما الغير تجارية والتي لا يألفها الجمهور المصري؟ وكيف راهنتِ على جمهور لا يميل بطبيعته للمغامرة؟

بدأنا تجربة مهرجان الفيلم الأوروبي منذ عشرة سنوات (مجمل دوراته سبع دورات حدث انقطاع في 2004 وعاود من جديد) وهو معني بعرض أفلام أوروبية منتخبة أو لاقت نجاحا في مهرجانات عالمية. وكنا من قبل نعمل على توزيع أفلام منتقاة أو تنظيم اسابيع للأفلام النوعية، فكانت دار عرض “زاوية” هي التطور الطبيعي لشغلنا، أن يكون هناك مكان دائم وثابت على مدار العام كله وليس مجرد أسابيع.
ولاشك أن نجاح مهرجان الفيلم الأوروبي كان حافزا مهما لإتمام مبادرة زاوية، حيث وصلنا في آخر دورات المهرجان إلى عشرة آلاف زائر في ثلاث قاعات خلال عشرة أيام. ولا تنسي أن انتقال الناس ومجيئهم إلى وسط البلد على مقربة من التحرير له دلالته أيضا، على عكس قاعة عرض “سينمانيا” التي أسسناها في مول تجاري “سيتي ستارز” لكنها لم يكتب لها النجاح، حيث جمهور المول التجاري غير مهييء لذلك، أما اليوم فقد درسنا جيدا مبادرة “زاوية” قبل إطلاقها، مستفيدين بالطبع بخبرة شركة أفلام مصر العالمية ذات السمعة الدولية.  كما نراهن أيضا على محور “التعليم والسينما” الذي بدأناه منذ فترة عن طريق مناقشة الفيلم المعروض مع مخرجه.

وما هي تحديدا فكرة “التعليم والسينما”، في إطار جمهور من تلميذات المدارس الخاصة الموجودين اليوم والذي جاء لمشاهدة الفيلم السعودي “وجدة”؟

نحن على اتصال بمؤسسات أوروبية تعمل على استخدام السينما في المراحل التعليمية، حيث نهدف إلى التعليم بالسينما ومن خلالها، فنقوم بجلب مختصين لتقديم محاضرة نموذجية أو ورشة عمل، وهذا ما فعلناه مرارا في مهرجان الفيلم الأوروبي على سبيل المثال حين قدمنا دورة ثلاثة أيام لطلبة الرسوم المتحركة مع مخرج فرنسي.  كما دعونا خبير لتدريب المدرسين كيف يوظفون الفن السابع في مجال تعليم الرياضيات. حتى الآن دعونا طلبة وطالبات مدارس خاصة، وكانت تجربة المدارس الحكومية من خلال منظات المجتمع المدني، لكننا نطمح مستقبلا في العمل المباشر مع وزارة التعليم.
كما تقوم فكرة “زاوية” في الأساس على نقل المعرفة بين الأجيال، ولهذا أوكل المسئوليات المختلفة لمجموعة من الشباب نديم سالم (التعليم والسينما)، ويوسف الشاذلي (الإدارة)، وعلياء أيمن (تنظيم البرامج) ومنة الليثي (شبكات التواصل الاجتماعي، وقد تشاركوا جميعهم في إعداد المكان في الديكور والطلاء والجرافيك والدعاية.

ما هي خطتكم المستقبلية و علام ستحرصون في برنامج عروض “زاوية”؟

سيشمل البرنامج فيلما يتجدد أسبوعيا، وسنعيد تقديم أفلام المهرجانات المختلفة مثل مهرجان أدفا الهولندي، وسنظم أسابيع أفلام لقناة آرتيه ARTE الفرنسية الألمانية على سبيل المثال.  نستضيف حاليا العروض السينمائية في إطار مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة D-caf، وننتوي في البرنامج عمل أسبوع لأفلام عبد اللطيف كشيش، وأسبوع للأفلام الحاصلة على جوائز النقاد في مهرجان كان السينمائي. كما يشمل البرنامج “كلاسيكيات الأحد للسينما المصرية ” الذي يعتمد على تقديم أحد المخرجين لفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية على شريط 35 مل حتى تستمتع الأجيال الشابة بمشاهدته على شاشة السينما وليس كما تعرض على التلفزيون.

ما هي الأسس التي تقوم عليها الشراكة مع الفرنسين والبلجيكيين  الذين حضروا افتتاح العرض الثاني لزاوية، أي فيلم الماضي ؟

الشراكة ليست مبنية على التمويل، بل على دعم الأفلام التي نعرضها، حيث قامت شركة “يونيفرانس” بدعم أربعة أفلام فرنسية وترجمتها إلى العربية ومنها الفيلم المعروض حاليا في “زاوية”، وهو فيلم إيراني ناطق بالفرنسية من إخراج أصغر فرهادي. كما تدعم شركة فالوني إيماج البلجيكية (والمعنية بنشر الأفلام الفرنكفونية خارج حدود بلجيكا) عرض فيلم “هنري” الذي سنقدمه قريبا.

يبدو المشهد متناقضا، فأساس فكرة “زاوية” تقوم على تشجيع الأفلام المستقلة والتي تغرد خارج السرب، بينما تنتمين إلى إحدى الشركات العملاقة في الانتاج والتوزيع السينمائي والمتحكمة في سوق الفيلم  المصري. كيف تفسرين ذلك ؟

صحيح أن أفلام مصر العالمية قائمة على أساس شركة عائلية تعني بالثقافة، لكننا لسنا متحكمين تماما في التوزيع ودور العرض، فنحن لسنا مالكين بل مجرد مساهمين في دور العرض المختلفة. أسسنا أكبر شاشة IMAX في مصر 300 متر مربع، لكننا في نفس الوقت نحرص على أن تكون “زاوية” فضاء يدعم الأفلام المستقلة وأن تكون هي وسيلتنا اليوم للمقاومة. هذه الجدلية هي التي صنعت أفلام مصر العالمية، ونهدف بعد أن يشتد عود “زاوية” أن نعيد انتاج نفس المشروع في كل مجمعات السينما في مصر.