مبادرة أطلقها تحالف القوى الوطنية إلى كافة القوى السياسية في ليبيا للجلوس إلى طاولة الحوار، باعتباره المخرج الوحيد لإنقاذ البلاد من الغرق في بحر الخلافات بين قوى يمتلك معظمها أذرعاً عسكرية تلجأ إليها متى احتدت الأمور، قوبلت بالترحيب من أغلب هذه القوى، التي ربما بدأت تدرك أن الطريق الذي تسير فيه مسدود.

ولا أدَلّ على مدى خطورة الموقف من جريمة خطف رئيس الوزراء علي زيدان الخميس الماضي، والتي وصفها في مؤتمر صحفي أعقب إطلاق سراحه، بأنها تأتي في إطار “المماحكات السياسية”، ليذهب فيما بعد إلى وصفها بـ “محاولة انقلاب على الشرعية”.

مبادرة أطلقها تحالف القوى الوطنية إلى كافة القوى السياسية في ليبيا للجلوس إلى طاولة الحوار، باعتباره المخرج الوحيد لإنقاذ البلاد من الغرق في بحر الخلافات بين قوى يمتلك معظمها أذرعاً عسكرية تلجأ إليها متى احتدت الأمور، قوبلت بالترحيب من أغلب هذه القوى، التي ربما بدأت تدرك أن الطريق الذي تسير فيه مسدود.

ولا أدَلّ على مدى خطورة الموقف من جريمة خطف رئيس الوزراء علي زيدان الخميس الماضي، والتي وصفها في مؤتمر صحفي أعقب إطلاق سراحه، بأنها تأتي في إطار “المماحكات السياسية”، ليذهب فيما بعد إلى وصفها بـ “محاولة انقلاب على الشرعية”.

حول هذا الموضوع وغيره التقى مراسلون محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، والذي كان من أوائل المرحبين بفكرة الحوار، وقد أوضح أسباب ترحيبه ضمن نص الحوار التالي:

مراسلون: هل لنا أن نعرف ردكم على دعوة تحالف القوى الوطنية إلى الحوار الوطني؟

صوان: نحن دعونا إلى الحوار أكثر من مرة، وجهنا رسائل إلى أغلب الأطراف بعد الأزمة الحاصلة في ليبيا، والتي تزداد على المستوى الأمني وعلى مستوى النفط وعلى مستوى الخدمات وارتباك الحكومة، أصبحت كل الأطراف تنادي بالحوار، وهذا إجماع طيب فالكل مستعد للحوار.

لقد رحبنا بهذه الدعوة وسنرحب بأي دعوة للحوار، وسوف نتعاطى إيجابياً بحضورنا، ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك نقاش حول الأطراف التي ستشارك في هذا الحوار، والموضوعات الأساسية التي ستُطرح، وأن تعد خارطة طريق لهذا الحوار. يجب أن يكون هناك تخطيط جيد لكي يكون الحوار ناجحاً. قد تجمع مئات الأشخاص ولكن ينتهي اللقاء بأكل الأرز واللحم وينتهي كل شيء.

المجالس واللقاءات التي دعت إلى المصالحة الوطنية هي جهود طيبة، وأنا لا أبخس الناس أشياءهم، ولكن أتمنى أن يكون الحوار مركزاً على الأطراف الرئيسية في العملية السياسية، وأن يخرج عن دعاية أي طرف سياسي، تحالف القوى الوطنية مشكور إذ دعا إلى الحوار، ولكن يجب أن ترعى هذا الحوار جهة محايدة مثل المؤتمر الوطني.

هل كان لزاما أن تبلغ الأزمة هذا المدى حتى تدرك الأطراف السياسية أنه لا مفر من الحوار؟ لمَاذا نقرر متأخرين دائما؟

ربما حداثة التجربة في ليبيا لها دور كبير، وضعف المكونات السياسية كلها في المجتمع الليبي، ضعف التجربة يجعل كل طرف يتمسك برأيه، وربما تبرز الحاجة ملحة لجهة محايدة تجمع الأطراف.

ليبيا فيها بؤر توتر كثيرة جداً، نتيجة للحرب ونتيجة لاثنتين وأربعين سنة (فترة حكم القذافي)، هناك قتلى وجرحى ومدن منكوبة ومهجرون في الداخل ومؤسسات منهارة ومشاكل كثيرة جداً، وبالتالي فكل طرف يقترح حلاً من جهة، نحن في أمس الحاجة إلى جهة ترعى الحوار وتجمع المتخاصمين أو المختلفين، فعندما تأتي المبادرة من طرف سياسي تكون إمكانية النجاح أقل.

وهل قصرت الدولة في الدعوة إلى الحوار؟

دعوة الحكومة إلى الحوار خطأ، لأن الحكومة طرف في المشكلة، الحوار يجب أن تتبناه جهة أخرى محايدة كالمؤتمر، أو طرف سياسي.

ولماذا تعفي المؤتمر من كونه طرفاً في المشكلة، الحكومة لم تأت من الفراغ، وإنما اختارها المؤتمر، وأفرزتها التوازنات بين الكتل السياسية فيه؟

لا شك في أن المؤتمر طرف، ولكني قصدت أن المؤتمر ليس منافساً سياسياً، الأطراف هي بعض الأحزاب كالتحالف والعدالة والجبهة والاتحاد من أجل الوطن، وربما بعض الكتل السياسية التي لها تطلعات سياسية.

ميزة المؤتمر أنه ليس جهة تنفيذية، الحكومة جهة تنفيذية وهذا ما يجعلها محل نقد، من هذا الباب أقول أن المؤتمر ربما يصلح لرعاية الحوار، نحن – حزب العدالة والبناء – طلبنا في يوم من الأيام حتى من الجامعة العربية أن ترعى الحوار كطرف محايد.

ما تعليقكم على قيام الولايات المتحدة بعملية خطف أبي أنس الليبي؟

لا شك أن قيام قوات أمريكية أو قوات من المارينز بخطف مواطن ليبي ونقله إلى جهة خارج ليبيا، يعتبر في الأعراف السياسية انتهاكاً للسيادة، ولا يجوز، ويجب أن يكون هناك موقف واضح من الحكومة.

الحكومة طلبت التوضيح، وجون كيري قال: إن الولايات المتحدة لن تتوقف عن حربها على الإرهاب؟

هذا تدخل صارخ في الشأن الداخلي الليبي وانتهاك للسيادة، ونحن ندين هذا التصرف.

ومن المسؤول في ليبيا عن انتهاك السيادة؟

الحكومة هي المسؤولة، ويجب أن تتخذ خطوات واضحة، لأن ليبيا معترف بها ولها سيادتها، والحكومة هي الجهة الرسمية التي تعبر عن إرادة الشعب الليبي.

هل يُفهم من ذلك أنكم تؤيدون الدعوة إلى إسقاط الحكومة وترون أنها فقدت شرعيتها؟ وما دوركم فيما يقال عن التحرك داخل المؤتمر نحو حجب الثقة عنها؟

أما أن الحكومة فقدت شرعيتها فلا، هي مازالت تستمد شرعيتها من اختيار المؤتمر لها، وأما أنها فشلت فهذا أمر أعلناه صراحة، وقلنا أن الحكومة الحالية فشلت في إدارة الأزمة، وحددنا موضوع الفشل فقلنا إنه يكمن في رئيس الحكومة نفسه، لأن رئيس الحكومة – مع كامل احترامنا له – لم يستطع إدارة الأزمة، والدليل هو الاستقالات المتكررة، استقال وزيرا داخلية على التوالي، واستقال نائب رئيس الوزراء، ورئيس الأركان، وجميعهم قالوا إن المشكلة في رئيس الحكومة، وأنه غير قادر على إدارة الأزمة.

نحن نرى كحزب سياسي أن المشكلة في قدرة رئيس الحكومة على إدارة الدولة، نحن نعتقد أن كفاءات كثير من الوزراء عالية، وأنهم قائمون بواجبهم، لكن الوزارات السيادية خاصة وزارة الأمن التي هي الداخلية يشرف عليها رئيس الوزراء مباشرة، وبالتالي لم يستطع رئيس الوزراء حتى الآن أن يدير الأزمة بطريقة صحيحة.

إذا كانت الاستقالة دليلاً على الفشل، فما ردكم على استقالة رئيس كتلة العدالة والبناء في المؤتمر الوطني عبد الحميد الذيباني من الحزب؟

هذا أمر عادي، للأحزاب عشرات الآلاف من الأعضاء، نحن نحترم آراء الناس، هو استقال لأنه يعترض على بعض سياسات الحزب، وهذا من حقه.

ألم تكن ثمة حادثة معينة دفعته إلى الاستقالة؟

لم تكن هناك أية حادثة، هو يرى أنه لا جدوى من العمل الحزبي الآن، وأن هناك هجمة على الأحزاب، وبالتالي فالعمل الفردي أفضل.

هل ترون أن السماح بالعمل الحزبي قبل إعداد دستور البلاد كان خطأ؟  

بالعكس أنا أقول بكل وضوح أن العمل السياسي لا يقوم إلا على الأحزاب، وأن المؤتمر الوطني الآن – على الرغم من الانتقادات التي توجه إلى الأحزاب –، لو لم تكن فيه أحزاب لكان مقسماً إلى قبائل وجهويات.

أنا كنت أتمنى أن تجرى الانتخابات في ليبيا على أساس الأحزاب، وأن يعطى أكثر من 140 مقعداً للأحزاب، إذاً لتحققت الديمقراطية بمعناها الصحيح، بمعنى أن الحزب الذي حقق الأكثرية يشكل الحكومة، ويتحمل مسؤوليته أمام الشعب الليبي.

لكن ما حصل في ليبيا ليس تجربة حزبية، أنت تعلم أن تحالف القوى الوطنية حقق الترتيب الأول، ومع ذلك لم يشكل الحكومة، العدالة والبناء كان ترتيبه الثاني، ومع ذلك لم يشكل الحكومة، من قاد الحكومة؟ قادتها شخصيات مستقلة.

زيدان استقال من حزبه وهو شخصية مستقلة، إذاً التجربة حتى الآن ليست تجربة حزبية، لو أن العدالة والبناء أو التحالف ترأس أحدهما الحكومة لكان أمام الشعب الليبي جسم كبير يتحمل مسؤوليته، الحزب لا يراهن بمستقبله السياسي، الحزب له جمهور في ليبيا كلها، ويستطيع أن يحل كثيراً من المشاكل، وله خبراء ومستشارون وكوادر، وله مستقبل سياسي، لأن فشل الحزب فشل لشريحة كبيرة، وبالتالي لن يرضى بالتهاون .

هل الخلل إذاً في الإعلان الدستوري؟

نعم الخلل في الإعلان الدستوري الذي أعطى للأحزاب 80 مقعداً، ولكن من يحرك المؤتمر الوطني الآن؟ بعض الأوهام تقول العدالة والبناء، ولكن الحقيقة المستقلون هم من يحركونه، رئيس المؤتمر مستقل، أليس نوري بو سهمين شخصية مستقلة؟، من يقود الحكومة؟ المستقلون، ليرنا المستقلون ما فعلوا في المؤتمر والحكومة.

وما ردك على اتهامكم بأنكم استفدتم ممن خاضوا الانتخابات كأفراد؟ ويستشهدون بحالة نزار كعوان؟

المفوضية العليا للانتخابات عندما أصدرت لوائحها كانت على أساس كيانات وأفراد، حتى كلمة أحزاب لم تكن موجودة، وسمح للأفراد أن يكوّنوا كيانات، كان لعشرة أفراد الحق في تكوين كيان وتسميته باسم وخوض الانتخابات به، فكثير ممن دخلوا الانتخابات دخلوا بأحزاب أو بكيانات.

بعد ذلك أصدرت المفوضية العليا للانتخابات قراراً – لدي منه نسخة إن أردت الاطلاع عليه –، يقول أنه يسمح بدخول من ينتمون إلى أحزاب كأفراد، هذا موجود، وللأسف هذا الاتهام يردده الإعلاميون وهو خطأ، نزار كعوان وغيره عندما دخلوا كأفراد وهم ينتمون إلى حزب فهذا مسموح به قانوناً، لأنه لا وجود لكلمة “مستقل”، الفردي لا يعني أنه لا ينتمي.

وهنا أستطيع أن أقول لك إن هناك أفراداً كونوا كتلاً ودخلوا بها، أي أن الأفراد سمح لهم الدخول كأحزاب، والذين ينتمون إلى أحزاب سمح لهم بالدخول كأفراد. الإعلام مليء بالمغالطات، وهذه من المغالطات.

————————

في الجزء الثاني من الحوار صوان يعتبر نفسه متحدثاً باسم “كل الشرفاء والوطنيين والمؤمنين بالمسار الديمقراطي في العالم”، ممن يعتبرون أن ما حدث في مصر انقلاب عسكري مكتمل الأركان، ويرفض الحديث باسم جماعة الإخوان المسلمين. يتبع في الأسبوع القادم.