“لسنا بحال يجعلنا سعداء.. حياتنا صعبة، وحلم أن نسكن في منزل يليق بآدميتنا مازال يروادنا”، بهذا العبارة أجاب رضا صالح الذي يسكن مع أسرته بسكن سابق لعمال مصيف مهجور بمدينة دريانة (35 كم شرق بنغازي)، حين سألته عن الأحوال.

يضيف رضا الذي يعول أسرة مكونة من أربعة أفراد “أكُدُ وأعمل من أجل لقمة العيش، وما أجنيه نهاية الشهر بالكاد يسد حاجاتنا الضرورية من مأكل وملبس.. ظروفنا جد قاسية وما نأمله من الدولة الجديدة هو أن تعمل على حل مشاكلنا بالكيفية المطلوبة”.

“لسنا بحال يجعلنا سعداء.. حياتنا صعبة، وحلم أن نسكن في منزل يليق بآدميتنا مازال يروادنا”، بهذا العبارة أجاب رضا صالح الذي يسكن مع أسرته بسكن سابق لعمال مصيف مهجور بمدينة دريانة (35 كم شرق بنغازي)، حين سألته عن الأحوال.

يضيف رضا الذي يعول أسرة مكونة من أربعة أفراد “أكُدُ وأعمل من أجل لقمة العيش، وما أجنيه نهاية الشهر بالكاد يسد حاجاتنا الضرورية من مأكل وملبس.. ظروفنا جد قاسية وما نأمله من الدولة الجديدة هو أن تعمل على حل مشاكلنا بالكيفية المطلوبة”.

تعيش نحو 64 أسرة ليبية، قدمت من مناطق متفرقة في ليبيا، داخل مصيف دريانة المهجور، حيث الحجيرات التي تسكنها ليست مناسبة لسكن دائم، ويقع المصيف في بلدة دريانة الساحلية، التي تعاني منذ ما يزيد عن عقدين من نقص حاد في مياه الشرب.

بدأ استيطان هذه الأسر الليبية للمصيف منذ أكثر من 10 سنوات، وكلهم ممن يعانون من ظروف معيشية صعبة حالت دونهم ودون توفير بيوت ملائمة لأسرهم.

بدل سكن

يقول رضا لـ”مراسلون” خلال سيرنا نحو بيته المؤقت “النظام السابق، وبعدما شكل لجان حصر للأسر، أصدر قراراً يقضي بصرف مبلغ 50 ألف دينار لكل أسرة كبدل سكن، على أن تصرف عبر مصرف الادخار والاستثمار العقاري، لكن للأسف لم نستلم المبلغ المقرر لغاية الآن ومازلنا ننتظر بأن تعمل الدولة الجديدة على تنفيذ القرار”.

ويضيف “الشتاء على الأبواب وهطول الأمطار، وهبوب الرياح، وأصوات الرعود ترعب أطفالنا.. ومع انقطاع  الكهرباء يزداد الأمر سوءاً”.

أطلعنا رضا على صورة القرار رقم 7281-2010 التي يحتفظ بها، والتي تؤكد كلامه بأن رئاسة وزراء النظام السابق أصدرت أمراً بصرف المبلغ للأسر التي تقطن “العشوائيات”، وقد ذكر بالتحديد سكان مصيف دريانة، وخول مصرف الادخار بتنفيذ القرار، ولكن تلك الأسر مازالت تعيش حلم استلام المبلغ المقرر لها كبدل سكن.

وكانت الأسر القاطنة في مصيف دريانة قد نظمت في عام 2010 العديد من الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بتوفير سكن لهم، ما دفع الحكومة آنذاك إلى إجراء مسح اجتماعي للوقوف على ظروفهم المعيشية، من خلال لجنة حصر شكلتها وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك، إلا أن قيام الثورة عطل تنفيذ القرار.

مرتبات لا تكفي

ونيس مصطفى أيضاً رب لأسرة تقطن المصيف مكونة من ستة أفراد، يقول بدوره لـ”مراسلون” “تعال وانظر.. أهذه بيوت؟ أنظر.. أترى التصدعات في السقف والجدران؟ الأمطار تتسرب نحو الداخل عبر الشقوق”، ويتساءل “ألا تنظر الحكومة لأحوالنا.. ألن تعمل على معالجتها”.

ويعمل ونيس شرطياً بأحد الدوائر الأمنية، وبالكاد يكفي مرتبه المصاريف اليومية الضرورية لأفراد أسرته، حسب قوله.

ويضيف، “إننا نناشد الحكومة بأن تعمل على حل مشاكلنا..الوضع أصبح لا يطاق..أولادنا لا  قدرة لهم على التحمل..هذه البيوت تفتقر إلى كافة الخدمات..لا مواسير للصرف الصحي ولا مياه ولا كهرباء”.

من بين السكان أيضاً وافدون جدد، هربوا من غلاء الإيجارات في بنغازي ليسكنوا العشوائيات المهجورة التي تفتقر للخدمات مثل مصيف دريانة، ومن بين هؤلاء صلاح الدين زادة المتزوج حديثاً والذي يشتكي قائلاً “ما عساي أفعل..عسرة الحال وسعير الإيجار فرضا عليّ الهرب من بنغازي لكي أسكن هنا.. مرتبي لا يكفي لكي أستأجر شقة في بنغازي”.

هذا المكان يعد عينة مصغرة للعشوائيات التي تنتشر وتتسع كل يوم في محيط المدن الكبرى، وهو يبرز بوضوح أزمة السكن التي يعانيها أغلب الليبيون، ومدى صعوبة الحالة المعيشية لمئات الأسر الليبية التي تسكن العشوائيات في مناطق متفرقة من البلاد.

التقرير النهائي

لمتابعة الأمر موقع “مراسلون” تواصل مع آدم الحاسي مدير مصرف الادخار والاستثمار العقاري فرع المرج، والذي أكد أن المصرف شكل لجنة بموجب القرار الذي ينص على صرف بدل السكن، أعضاؤها ممثلون عن مصرف الادخار والحرس البلدي والشؤون الاجتماعية، لغرض إجراء مسح اجتماعي للوقوف على أوضاع العائلات القاطنة في مصيف دريانة.

يوضح الحاسي أن “اللجنة أجرت المسح الاجتماعي المطلوب منها، إلا أن انتفاضة الثورة في ليبيا حالت دون استكمالها للتقرير النهائي، ومصرف الادخار للآن لم يستلم التقرير النهائي للجنة”.

بعد الثورة يقول الحاسي “كل الأمور المتعلقة بسكان العشوائيات أحيلت بالتخصص إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وهي الآن المخولة بصرف التعويضات، أعتقد أنها الآن ستبدأ في إجراء مسوحات اجتماعية لسكان العشوائيات”.

وأضاف “حكومة القذافي السابقة حمّلت إدارة المصرف سلة مهملاتها، لتولي مهمة صرف بدل سكن أو بدل إيجار للعائلات غير القادرة على توفير سكن لها”.

حل بديل

أما الآن بحسب الحاسي “المصرف لا يمتلك صلاحيات صرف تلك الأموال، ولا يمكن له تحمل أية أمور بالخصوص”، مشيراً إلى أن الميزانيات المخصصة لهذا الموضوع لم تحول إلى المصرف من قبل الحكومة.

يكشف الحاسي أيضاً “أن الحكومة المؤقتة أصدرت قراراً بشأن منح القروض العقارية والسكنية لليبيين بقيمة 150 ألف دينار للقرض الواحد، شريطة أن تكون هناك رخصة عقارية للأرض المستهدفة بالبناء، لكن ولعدم فتح مصلحة التسجيل العقاري لمكاتبها لكي تباشر أعمالها، فإن المصرف لن يستطع أن يقدم أية قروض للراغبين بالاقتراض”.

ويوضح “مازلنا ننتظر أن تباشر مصلحة التسجيل العقاري أعمالها، حتى يتسنى لكل مقترض الحصول على شهادة عقارية حديثة لقطعة الأرض المراد البناء عليها، وبالتالي سيعمل المصرف على منح القروض العقارية للمتقدمين بطلب قروض”.

مصلحة مقفلة

أما مصلحة التسجيل العقاري فإن مكاتبها مقفلة بحسب المستشار علي الهادي، الطيب رئيس لجنة مصلحة التسجيل العقاري “بسبب قرار المجلس الوطني الانتقالي الأسبق رقم 102 لسنة 2011، والذي أمر بتعليق الأعمال العقارية وتوثيق التصرفات، وسمح للمصلحة فقط بالأعمال الإدارية البحتة وتحصيل المال العام عن إيجارات الأماكن العامة”.

وأضاف الطيب لـ”مراسلون” أن “رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة أصدر تعميماً بعدم استعمال النماذج والمستندات التي تتضمن شعارات نظام القذافي”، وهو ما سبب في تأخير الكثير من المعاملات حتى يتم استصدار نماذج جديدة.

وأكد الطيب أن المصلحة قامت بتغيير النماذج المستعملة والمنصوص عليها في المادة 70 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 17 لسنة 2010 بشأن التسجيل العقاري، وأحالتها لرئيس الوزراء عن طريق وزير العدل وتم اعتماد النماذج الجديدة، وأن المصلحة الآن بانتظار تلقي قرار رئاسة الوزراء لتوزيعها.

بين قرارات حكومة ما قبل الثورة التي تعطل تنفيذها قرارات أخرى، يبقى المواطن الليبي بانتظار أن تخف عنه وطأة البيروقراطية التي تؤثر سلباً على كل مناحي حياته، ويبقى سكان مصيف دريانة يحلمون بحل لمشكلة سكنهم المستمرة منذ عقد من الزمن.