الحوار الوطني، هذا العنوان الكبير يُخفي تحته آليات وترتيبات وتوافقات مازالت موضوع تباين وشدّ وجذب وأيضا مناورات بين الفاعلين السياسيين في تونس، وهو ما يُعيق الى الآن انجاز الخطوة الأولى من انطلاق الحوار أي الجلوس حول طاولة واحدة.

أمام هذا المشهد أصبح المهتمون بالشأن السياسي في تونس يتحدثون عن أزمة الحوار الى جانب الأزمة التي تمس مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويعتبرون أن حلحلة الحوار الوطني ودفعه للتقدم سيكون بمثابة القاطرة التي تجر وراءها بقية العربات .

الحوار الوطني، هذا العنوان الكبير يُخفي تحته آليات وترتيبات وتوافقات مازالت موضوع تباين وشدّ وجذب وأيضا مناورات بين الفاعلين السياسيين في تونس، وهو ما يُعيق الى الآن انجاز الخطوة الأولى من انطلاق الحوار أي الجلوس حول طاولة واحدة.

أمام هذا المشهد أصبح المهتمون بالشأن السياسي في تونس يتحدثون عن أزمة الحوار الى جانب الأزمة التي تمس مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويعتبرون أن حلحلة الحوار الوطني ودفعه للتقدم سيكون بمثابة القاطرة التي تجر وراءها بقية العربات .

في هذا الاطار نزل الاتحاد العام التونسي للشغل مدعوما بمنظمة الاعراف وهيئة المحامين ورابطة الدفاع عن حقوق الانسان، بكل ثقله ليقوم بدور الراعي للحوار الوطني. ورغم ما تعرض له من تشويه وتشكيك في حياده بل في دوره ووظيفته فإن الاتحاد العام التونسي للشغل تمكن من التقدم خطوات نوعية في اتجاه الوصول انطلاق الحوار الوطني الذي قد ينطلق هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل.

أزمة الحوار الوطني، هي أزمة حقيقية وغير مفتعلة، أسبابها البعيدة تعود الى غياب تجارب حوار حقيقية بين الاحزاب السياسية سواء قبل ثورة 14 كانون الثاني/ جانفي أو بعدها، أما أسبابها المباشرة فتعود الى المواقف المتصلبة التي أظهرتها أحزاب الائتلاف الحاكم وخاصة حركة النهضة تجاه المخارج من الأزمة.

بداية الانفراج تكون عبر القبول باستقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة كفاءات تكون مهمتها تهيئة بيئة انتخابية تقوم على تكافؤ الفرص بين كافة الاطراف استعدادا للانتخابات المقبلة مع ما يتطلبه ذلك من مراجعة التعيينات والتسميات في مفاصل الدولة التي قامت بها حكومة السيد علي العريض وتعتبرها المعارضة انها تعيينات موالية لحركة النهضة.

في هذه النقطة بالذات مازالت حركة النهضة تُناور وترفض القبول بشكل واضح بهذه الخطوة، مرة تحت عنوان “الشرعية الانتخابية” وأخرى تحت عنوان “تجنيب دخول البلاد في الفوضى والمجهول”. وأحيانا أخرى تحت يافطة “الأمر الإلهي” بعدم تسليم الحكم إلا لحكومة منتخبة، وهو ما جاء على لسان السيد عبد الكريم الهاروني وزير النقل في اجتماع في ضاحية المنيهلة غرب العاصمة التونسية، بداية هذا الاسبوع.

الحقيقة أن عناوين الشرعية والفوضى والأمر الإلهي التي ترفعها حركة النهضة تُخفي وراءها حقائق أخرى:

–         حركة النهضة ترفض تسليم الحكم بعد أن لامست معنى الحكم وامتيازات الحكم وتأثير الحكم.

–         حركة النهضة غير متأكدة من تداعيات تسليم الحكم على وضعها الداخلي وعلى وضعها العام كحركة.

–         حركة النهضة غير مقتنعة أن الازمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس هي أزمة خطيرة، بل تعتبر أن الأمر لا يتجاوز بعض الصعوبات التي تحصل في اي مرحلة انتقالية. وتذهب إلى أبعد من ذلك فتحمل المعارضة والاتحاد العام التونسي للشغل جزء هاما من مسؤولية الازمة.

وبالرجوع الى بيانات حركة النهضة حول قبولها بخريطة الطريق التي طرحها الرباعي الراعي للحوار الوطني وقدمها الاتحاد العام التونسي للشغل لايوجد ما يؤكد أن حركة النهضة قبلت المبادرة فعلا:

–         في بلاغ يوم 17 أيلول/ سبتمبر 2013 الصادر عن حركة النهضة نقرأ:”مبدئيا نسجّل تحفظات على عدد من النقاط ونحن بصدد تدارسها ضمن الترويكا وسنوافي الرباعي والرأي العام بموقفنا خلال الأيام”. لا يوجد هنا أي قبول بالمبادرة بل هناك تحفظات.

–         في بيان 19 أيلول/ سبتمبر الصادر عن الترويكا نقرأ: “فإنها (الترويكا) تؤكد حرصها على انجاح الحوار من خلال التسريع بإنهاء المسار التأسيسي والتوافق حول البديل الحكومي، والوصول الى انتخابات نزيهة وشفافة في أقرب الآجال”. هذا التأكيد عام ولا علاقة له بتفاصيل خريطة الطريق التي طرحها الرباعي.

–         بيان 19 أيلول/ سبتمبر الصادر عن الائتلاف الوطني لإنجاح المسار الديمقراطي (حركة النهضة أمضت على البيان) تضمن اعتراضات على الخريطة  وتوصيفات لها بالتعسف.

–         بيان 20 أيلول/ سبتمبر الذي اصدرته حركة النهضة جاء فيه أنها تقبل المبادرة  لكن خريطة الطريق التي قدمتها غير التي طرحها الرباعي.

–         بيان 27 أيلول/ سبتمبر الذي امضاه السيد راشد الغنوشي يؤكد فيه القبول بمبادرة الرباعي والعمل على انجاحها.

–         بلاغ 28 أيلول/ سبتمبر الصادر عن رئاسة الحكومة ينفي عزم الحكومة تقديم استقالتها عند بداية الحوار وهو ما يتعارض مع خريطة الطريق التي وضعتها المنظمات الراعية للحوار.  

ورغم التفاؤل الذي يبديه البعض في اقتراب انطلاق الحوار الوطني فإن هذا التفاؤل يبقى محدودا ما لم تراجع حركة النهضة تقييمها لحقيقة الأزمة، وما لم تتخلى عن جانب المناورة وسياسة ربح الوقت، لأن التباين بينها وبين بقية الفاعلين السياسيين في تقدير خطورة الأزمة هو نقطة الارتكاز في أزمة الحوار الوطني القائمة في تونس.