اعترف رئيس لجنة الطاقة بالمؤتمر الوطني العام ناجي مختار في مؤتمر صحفي عقده في طرابلس يوم الثلاثاء 24 سبتمبر، بأنه أعطى سالم جضران شقيق ابراهيم جضران رئيس ما يسمى بمجلس برقة 2.5 مليون دينار من ماله الخاص، كما منحه صكوكاً بدون رصيد تصل قيمتها إلى ثلاثين مليون دينار، من أجل رفع الحصار وإعادة تشغيل الموانيء النفطية التي يسيطر عليها حرس المنشآت النفطية التابع لجضران.

جبل الجليد

اعترف رئيس لجنة الطاقة بالمؤتمر الوطني العام ناجي مختار في مؤتمر صحفي عقده في طرابلس يوم الثلاثاء 24 سبتمبر، بأنه أعطى سالم جضران شقيق ابراهيم جضران رئيس ما يسمى بمجلس برقة 2.5 مليون دينار من ماله الخاص، كما منحه صكوكاً بدون رصيد تصل قيمتها إلى ثلاثين مليون دينار، من أجل رفع الحصار وإعادة تشغيل الموانيء النفطية التي يسيطر عليها حرس المنشآت النفطية التابع لجضران.

جبل الجليد

وهكذا ظهرت لأول مرة قمة جبل الجليد العائم، الذي يخفي فساداً تجاوز بمراحل عديدة الفساد الذي كان سائداً زمن النظام السابق، فما هي مصلحة ناجي مختار في منح جضران هذه الملايين؟ وهل سيتم تعويضه بعد فتح الموانيء النفطية، وعودة الإنتاج في الحقول النفطية المتوقفة؟ أم أنه منح هذه الملايين من جيبه الخاص حتى لا يُحرم الشعب الليبي من ثروته المهدورة؟.

في هذه القضية ثمة العديد من الملابسات العجيبة، من بينها هذه الثقة التي تصرف بها ناجي مختار مع لص مسلح يسيطر على الموانيء النفطية، ويطلب الرشوة من أجل السماح بتصدير النفط، حتى وإن أخفى ذلك بمطالب إقليمية (المحرر: جضران من أبرز المطالبين بالفيدرالية بحجة أن الشرق الليبي يعاني التهميش)، خاصة بعد أن سحب مبلغ المليونين ونصف من أحد مصارف بنغازي، وكان النائب العام قد أصدر أمراً بالقبض على الأخوين جضران، فكيف يقبل رئيس لجنة الطاقة بالدخول في حوار مع مطلوب للعدالة، بل ويمنحه الأموال التي طلبها؟.

الضحية الوحيدة

ثمة شبهة في أن ناجي مختار يسعى ليكون الضحية الوحيدة في القضية لحماية رؤوس أكبر، هي من طلب منه التفاوض مع جضران، بالرغم من ادعاءه بأنه لم يستشر أحداً في ما قام به (المحرر: دفع المبلغ)، وخاصة رئيس المؤتمر ورئيس الحكومة، وأنه يتحمل المسؤولية لوحده

أتمنى أن يحقق النائب العام في القضية لمعرفة كل التفاصيل، في أكبر فضيحة فساد مُعلنة حتى الآن، فلا أعتقد أن هناك طائلاً من مفاوضة الأخوين جضران، بل يجب استخدام وسائل أخرى لإجبارهما على فك الحصار عن الموانيء النفطية، وتقديمهما إلى المحاكمة بتهمة إهدار المال العام، وخيانة الأمانة بعد أن حولا ولاء حرس المنشآت النفطية من الولاء إلى الدولة إلى الولاء لعصابة مسلحة (المحرر: إبراهيم جضران هو آمر جهاز حرس المنشآت النفطية للمنطقة الوسطى، وهو رئيس مجلس برقة المطالب بالفيدرالية، وشريك مع شقيقه في عمليات حصار الموانئ ومنع تصدير النفط).

لون واحد

تكشف هذه القضية عن أخطاء شنيعة وقع فيها المؤتمر والحكومة، حيث اتضح أخيراً أن حرس المنشآت النفطية يتكون من منتمين لتيار سياسي واحد (المطالبون بالفيدرالية)، وأنهم جميعاً من منطقة جغرافية واحدة (المنطقة الشرقية)، في حين كان يجب أن يتشكل هذا الحرس من كل أبناء ليبيا، وأن يكون ولاءه للشرعية المتمثلة في المؤتمر والحكومة، وليس لعائلة جضران.

وهو مثل ما حدث من مآسي في بلدة درج (في الجنوب الغربي من ليبيا)، عندما قتل أفراد من حرس الحدود أحد عشر شخصاً من أبناءها، ودمَّروا وأحرقوا عدة بيوت، وفيما بعد تبين أن حرس الحدود (الموجودين في تلك المنطقة) جميعهم من قبائل الزنتان.

عندما تُشكل التنظيمات العسكرية بهذه الطريقة سوف يعمل كل تنظيم وفقا لمصالحه الضيقة، وليس للمصلحة العليا للبلاد، وأيضا سيشجع ذلك على كل أنواع الفساد، فما يُدرينا أن حرس الحدود هو الذي يشرف على تهريب البضائع المدعومة خارج الحدود، وتهريب الممنوعات إلى داخل البلاد.

بقدر ما فضح سالم جضران رئيس لجنة الطاقة فقد فضح نفسه بقبوله للرشوة، وبيَّن للرأي العام أننا تخلصنا من أبناء القذافي، وسرقاتهم المعلنة لنقع بين يدي أبناء جضران وسرقاتهم المعلنة أيضاً، ويبدو أن الليبيين في حاجة إلى ثورة أخرى للتخلص من اللصوص الذين ظهروا بعد ثورة فبراير، خاصة وأننا لم نحاسب أحداً حتى الآن، بالرغم من الاتهامات التي طالت المجلس الانتقالي، وحكومة الكيب، والمليارات التي أهدرت في الرمال.