يحلم محمد الورفلي بعودة الحياة إلى مزرعته الواقعة في منطقة القره بوللي شرقي طرابلس، والتي أصبحت قاحلة بسبب شح مصادر المياه، وخاصة المياه الجوفية التي يعتمد عليها بشكل أساسي في ري محصوله من الفراولة.

يقول محمد إنه منذ فترة يرى “تدهوراً ونقصاً ملحوظا في المياه الجوفية التي تُستخرج عن طريق الآبار الارتوازية في المنطقة، إلى أن ساءت الأمور هذا العام – 2013 – حيث أصبحت الآبار شبه جافة”.

حفر عشوائي

يحلم محمد الورفلي بعودة الحياة إلى مزرعته الواقعة في منطقة القره بوللي شرقي طرابلس، والتي أصبحت قاحلة بسبب شح مصادر المياه، وخاصة المياه الجوفية التي يعتمد عليها بشكل أساسي في ري محصوله من الفراولة.

يقول محمد إنه منذ فترة يرى “تدهوراً ونقصاً ملحوظا في المياه الجوفية التي تُستخرج عن طريق الآبار الارتوازية في المنطقة، إلى أن ساءت الأمور هذا العام – 2013 – حيث أصبحت الآبار شبه جافة”.

حفر عشوائي

مشكلة جفاف الآبار التي تعاني منها معظم مناطق ليبيا تفاقمت بعد الثورة بسبب ارتفاع نسبة البناء العشوائي، وحفر الآبار دون الحصول على تراخيص من الجهات المختصة، ما أدى لاستهلاك كميات هائلة من مخزون المياه الجوفية دون تنظيم أو رقابة.

يرى الورفلي وهو سليل أسرة تعمل في الزراعة منذ زمن طويل أن “العقود الأخيرة اتسمت بتزايد وتنوع في الطلب على المياه نظراً لتعدد الاستخدامات والتطور في أساليب الحياة، فضلاً عن تغيرات المناخ التي حدت من هبوط الأمطار وزادت من معدلات التبخر وارتفاع درجة حرارة الأرض، وهي كلها أسباب لنقص المياه”.

عبدالله محمد – مزارع من نفس المنطقة – يقول بدوره لـ “مراسلون” إن “مشكلة المياه بدأت تدق ناقوس الخطر، إذ إن المياه الجوفية تناقصت بشكل كبير خلال هذه السنة، ما أدى لأن تصبح بعض المزارع خاوية تماماً من المحاصيل”.

ويطالب عبد الله الدولة بضرورة “النظر في هذه المشكلة وإيجاد الحلول السريعة لها”، ويتساءل عن أسباب إهمال الجهات المختصة لأزمة النقص الواضح في المياه وخصوصاً مياه الشرب، ولماذا لم تضع دراسات وحلولاً لهذه المشكلة .

خطأ المزارع

الشكوى من نقص المياه لم تعد أمراً غريباً على المواطنين، وخاصة منهم العاملين في مجال الزراعة، والذين يعتبر هذا الإشكال عائقاً رئيسياً أمامهم، فضلاً عن كون نقصان حصة المياه المقررة للزراعة، سينعكس أثره سلباً على كميات الإنتاج الغذائي وبالتالي أسعار المواد الغذائية.

“مشاكل المياه تبدأ من المزارع نفسه”، حسب ما يقول وزير الموارد المائية الهادي هنشير، “فالمزارع يشتغل من دون استراتيجية صحيحة، ويرتكب مخالفات عدة أولها عدم أخذ التراخيص لحفر الآبار، وأيضا إهدار الماء والري بطرق تقليدية، في الوقت الذي يمكنه فيه استخدام أسلوب الري بالتنقيط مثلاً، والذي يساعد في المحافظة على مخزون المياه”.

“أيضاً تعدي المواطنين على خطوط إمدادات المياه الخاصة بالشرب، وتحويلها إلى الزراعة دون الاكتراث إلى نتائج هذا العمل، ناهيك عن الاستعمال السيء للماء سواء في الزراعة أو الصناعة وغيرها” يضيف الوزير.

غير صالحة للزراعة

وزير المياه وضع اللوم أيضاً في حديثه لمراسلون على سياسات النظام السابق، والتي كانت تهتم بالدعاية لما تقوم به من مشاريع زراعية غير مجدية أكثر من اهتمامها بالآثار السلبية التي تخلفها مثل تلك الممارسات.

يوضح هنشير “هبوط مستوى المياه الجوفية لمستويات متدنية خلال العقود الماضية كان نتيجة الإفراط في استصلاح الأراضي الصالحة وغير الصالحة للزراعة، ما أدى إلى زحف مياه البحر على مناطق كثيرة من الساحل”.

وعن مشاكل اليوم يقول إن “التخريب الذي يطال خطوط الإمداد مؤخراً، يُعتبر من أهم المشاكل التي تواجه وزارة المياه والري، ويحد من وصول المياه بشكل اعتيادي وبدون انقطاع”.

خلق مصادر

وكيل وزارة المياه أبو بكر أكحتي فقد أكد لـ “مراسلون” أن الوزارة تسعى لتطبيق خطة خلق مصادر للمياه تكون بديلة لبعضها، كما تأمل الوزارة من خلال هذه الخطة أن تساعد في رجوع منسوب المياه الجوفية على طول الساحل حتى يتوقف زحف مياه البحر.

الخطة التي تحدث عنها وكيل الوزارة تتمثل بحسب قوله في “ربط المناطق التي لم تصلها إمدادات مياه النهر الصناعي، إضافة إلى صيانة واستحداث الآبار الموجودة في السابق، وتركيب محطات للتحلية على طول الساحل، حتى لا يكون هناك عجز نتيجة توقف أحد المصادر بسبب الخلل أو الصيانة الدورية”.

ويُذكّر أكحتي بأن الوزارة تمكنت بعد جهد طويل من ضم جهاز الصرف الصحي إليها، وهو ما سيخولها بحسب قوله تنفيذ مشاريع تكرير مياه الصرف الصحي، وتحويلها إلى مياه صالحة لري الحدائق والمتنزهات، واستعمالها في مجالات الحياة العامة، وتحويل الفضلات إلى سماد تستفيد منه التربة في الزراعة.

ولا ينسى أكحتي أن يؤكد على دور الإعلام في توعية المواطن وترشيده في استهلاك المياه واستخدامها الاستخدام الأمثل، “فالإنسان لا يجب أن يكون أنانيا لأن الماء كما هو حقنا هو حق من يأتي من بعدنا، ويبقى وعي المواطن وتجاوبه لما يخدم الصالح العام هو التحدي الأكبر للمحافظة على مصدر الحياة لنا وللأجيال القادمة” بحسب قوله .

إلا أن مشاريع الوزارة تبقى بالنسبة للمزارع محمد أحلاماً بعيدة التحقق، فهو لازال يتألم لرؤية مزرعته تذوي يوماً بعد يوم وتفقد رونقها، ويتمنى أن تعود المياه إليها وترجع لسابق عهدها مكسوة بالاخضرار ومزدانة بالثمار.

وإن كان الطريق الوحيد لذلك هو أن تتحقق الأفكار والخطط التي تسعى الوزارة لتحقيقها في أقرب وقت ممكن، وأن لا تبقى حبراً على ورق، أو تتوه في دهاليز الحكومات المتلاحقة كغيرها من المشاريع والخطط.