عملية اغتيال الشهيد والقيادي في الجبهة الشعبية محمد البراهمي في 25 تموز/ يوليو 2013 ليست أول عملية اغتيال سياسي في تونس بعد الثورة، بل سبقها اغتيال شكري بلعيد في 6 شباط/ فبراير من العام نفسه، فضلا عن اغتيال الناشط السياسي والمنسق العام لحزب نداء تونس لطفي نقض في 2012 بعد تعرضه للضرب على يد رابطات حماية الثورة الموالية لحركة النهضة.

ويتلقى العديد من الإعلاميين في تونس رسائل تهديد بالتصفية، يرسلها مجهولون، سواء عبر الرسائل النصية القصيرة أو عبر قوائم تنشر على شبكة الانترنيت.

عملية اغتيال الشهيد والقيادي في الجبهة الشعبية محمد البراهمي في 25 تموز/ يوليو 2013 ليست أول عملية اغتيال سياسي في تونس بعد الثورة، بل سبقها اغتيال شكري بلعيد في 6 شباط/ فبراير من العام نفسه، فضلا عن اغتيال الناشط السياسي والمنسق العام لحزب نداء تونس لطفي نقض في 2012 بعد تعرضه للضرب على يد رابطات حماية الثورة الموالية لحركة النهضة.

ويتلقى العديد من الإعلاميين في تونس رسائل تهديد بالتصفية، يرسلها مجهولون، سواء عبر الرسائل النصية القصيرة أو عبر قوائم تنشر على شبكة الانترنيت.

ويرى المفكر الإسلامي محمد الطالبي أن تواتر نسق الاغتيالات السياسية في تونس بعد الثورة كان نتاجا لصراع بين حكومة الترويكا والمعارضة بعدما فشلت حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي وحلفائها في إدارة دواليب الحكم، مؤكدة أن النهضة، وكضريبة على سوء إدارتها المف الامني والسياسي في البلاد، لن تحصل على أكثر من عشرين بالمئة في الانتخابات القادمة.

من جهة أخرى، يقول الطاهر شقروش، مدير مركز المعهد المغاربي للدراسات الاستراتيجية والباحث في الحركات الاجتماعية، إن ظاهرة تنامي الاغتيالات السياسية بعد الثورة ترتبط بالجماعات الوهابية التكفيرية التي لا تعترف بمرجعية الدولة والتي تتبنى مشروع الخلافة الإسلامية.

واوضح أن المعطيات الأمنية الأولية تشير إلى تورط الجماعات المتشددة التي تحكمها علاقات مع القاعدة في المغرب العربي الإسلامي في عمليات الاغتيال.

ويتهم شقروش حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتساهل مع تلك الجماعات، مما أسفر عن تصفية القياديين في الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي، “وذلك من خلال التصريحات اللامسؤولة التي جاءت على لسان رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي سبق وأن طالب باحتضان تلك الجماعات قبل أن يعيد تعديل خطابه ويصفها بالإرهابية”-.

واكد شقروش أن حركة النهضة “تدعم الإرهاب” عبر تصريحات قياديها، وذكّر بالتصريحات التي جاءت على لسان رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق عندما تحدث عن استباحة دم التونسيين في الشارع في حال “المساس بالشرعية”.

……………………………………………………………………

تاريخ الاغتيالات في تونس

 موجة الاغتيالات السياسية والتصفيات الجسدية قديمة، يرجعها مؤرخون سياسيون إلى الحقبة الاستعمارية، عندما اغتالت اليد الحمراء، الذراع العسكري للمخابرات الاستعمارية الفرنسية، الزعيم الوطني فرحات حشاد صبيحة 5 كانون الأول/ ديسمبر 1952 في سيارته، بعد مغادرته منزله الكائن في مدينة رادس التي تقع على مشارف الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة.

اليد الحمراء كانت مسؤولة بحسب مؤرخين عن سلسلة من عمليات الاغتيال التي وقعت لاحقا، كاغتيال الزعيم والقيادي الدستوري الهادي شاكر في منفاه بمدينة نابل في 13 أيلول/ سبتمبر 1953، وعملية اغتيال المناضل عبد الرحمان مامي في 13 تموز/ يوليو 1954. كما عرفت تونس في تلك الفترة اغتيالات وطنيين آخرين أبرزهم اغتيال الشيخ السياسي الحسين بوزيان، في 26 آذار/ مارس 1956، بعد يوم واحد من انتخابه عضوا في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان).

وبعد حصول تونس على استقلالها في 1956، تصاعدت وتيرة الاغتيالات السياسية وتسارع نسقها، خصوصا إبان الصراع اليوسفي البورقيبي بين الزعيمين صالح بن يوسف والحبيب بورقيبة (أول رئيس لتونس). فتمت بتصفية  المئات من أنصار الشقين خاصة من مؤيدي اليوسفي في مدن الجنوب التونسي مثل مدينة جربة مسقط رأس الزعيم صالح بن يوسف.

واغتيل بن يوسف نفسه في آب/ أوت 1961 في مدينة فرانكفورت الألمانية على يد البشير زرق العيون الذي كان مقربا منه قبل اندلاع الصراع اليوسفي البورقيبي.

واستفحلت ظاهرة الاغتيالات بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد النظام البورقيبي التي قام بها الزعيم التونسي الأزهر الشرايطي حيث شهدت موجة كبيرة من اعتقال اليوسفيين وزج بهم في المعتقلات. وأشهر هذه المعتقلات معتقل “صباط الظلام” (حذاء الظلام)، الذي بقي شاهد عيان على تصفية عشرات اليوسفيين بين أقبيته الرطبة والمظلمة من خلال اعتماد أساليب تعذيب شتى.

ولعب نظام العقيد الليبي معمر القذافي دورا آخر بتدخله في الشأن السياسي التونسي عبر محاولة اغتيال فاشلة استهدفت الوزير الأول الهادي نويرة سنة 1976.

بعد ذلك شهدت محاولات الاغتيالات السياسية تطورا نوعيا، ولعل أبرزها تلك التي حدثت في 2 آب/ أوت 1987، باشعال المتفجرات في أربعة نزل سياحيّة ليلة عيد ميلاد الحبيب بورقيبة، كرسائل مشفرة من الاسلاميين. وقد وجهت التهمة آنذاك إلى التيار الاسلامي (الذي تحول فيما بعد إلى حركة النهضة).

وحاولت بعدها بعض القيادات المحسوبة على حركة النهضة التحضير لانقلاب ضد بورقيبة في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر1987- ولم يكتب لهذه العملية الانقلابية التنفيذ رغم أنها استكملت جميع مراحل الإعداد- إذ سبقهم زين العابدين بن علي (الرئيس السابق) في ازاحة بورقيبة عن الحكم قبل يوم واحد فقط من التاريخ المخطط له لتنفيذ العملية (7 تشرين ثان/نوفمبر 1987).