يسابق السيد علي رابح وفريقه الزمن لتركيز استوديو إذاعته، التي ستنتقل من البث على الانترنت الى البث على موجات أف أم. لكن خصوصية هذه الاذاعة هي أنها لن تبث بشكل قانوني وإنما عن طريق القرصنة.

يقول رابح بكل ثقة “لقد قدمنا عديد المطالب منذ ثورة الياسمين لكننا لم نحصل على الرخصة، ولا نعلم لماذا، لذلك لجأنا إلى البث بطريقة غير قانونية”.

ثم يضيف بنبرة فيها كثير من التحدي “لن ننتظر أكثر، سنبث برامجنا عبر ال أف أم، فإذاعتنا ليست الأولى التي تنتهج هذه الطريقة في البث ولن تكون وسيلة الإعلام الأخيرة”.

يسابق السيد علي رابح وفريقه الزمن لتركيز استوديو إذاعته، التي ستنتقل من البث على الانترنت الى البث على موجات أف أم. لكن خصوصية هذه الاذاعة هي أنها لن تبث بشكل قانوني وإنما عن طريق القرصنة.

يقول رابح بكل ثقة “لقد قدمنا عديد المطالب منذ ثورة الياسمين لكننا لم نحصل على الرخصة، ولا نعلم لماذا، لذلك لجأنا إلى البث بطريقة غير قانونية”.

ثم يضيف بنبرة فيها كثير من التحدي “لن ننتظر أكثر، سنبث برامجنا عبر ال أف أم، فإذاعتنا ليست الأولى التي تنتهج هذه الطريقة في البث ولن تكون وسيلة الإعلام الأخيرة”.

“ك أف أم” هي من الإذاعات الخاصة التي تم إنشاؤها بعد الثورة. كانت تعرف بـ “صدى الشعانبي” (نسبة إلى جبل الشعانبي بمنطقة القصرين غرب تونس). وكانت انطلاقتها عبر الانترنيت يوم 7 كانون ثان/ جانفي 2011، أي قبل رحيل بن علي بأسبوع. وواصلت البث عبر الأنترنت. لكن مؤسسي الإذاعة يفضلون اليوم إيصال صوتهم عبر الأثير، ليس بصورة قانونية وإنما عن طريق القرصنة. 

وتختص الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري بمنح تراخيص إنشاء القنوات الاذاعية والتلفزيونية. لكن تأخير إنشاء هذه الهيئة (أعلن عنها منذ أسبوعين) خلق حالة من الفراغ التشريعي، دفعت أصحاب الإذاعات لإيجاد حلول بديلة ولو كانت مخالفة للقانون.

ويؤكد علي رابح أن الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي (مؤسسة حكومية)، هو من أهم العوامل التي تدفع ببعض وسائل الإعلام إلى اللجوء للقرصنة.

وأضاف أن تحكم الدولة الأحادي في الترددات الإذاعية، جعل من البث لعبة لدى الديوان، إذ يمكن قطعه متى شاء.

وعن احتمالات إغلاق إذاعته يقول رابح “لا نخاف العواقب لأننا أصحاب حق”.

واعتبرت نزهة بن محمد مديرة “راديو 6″، أن هذه الإذاعات قامت بتطبيق ضمني للمرسوم 116 وهو القانون الذي ينظم القطاع السمعي البصري. وقالت “لقد أطحنا بهيمنة واحتكار الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي للذبذبات، وآن الأوان ليكون للإذاعات الحق في البث بوسائلها الخاصة”.

“راديو 6” هو أول اذاعة مستقلة كانت تبث من تونس على شبكة الانترنت وكان مؤسسها صالح الفورتي قد تقدم بطلب ترخيص لهذه الاذاعة منذ سنة 1987، وامام رفض سلطات نظام بن علي منحه الترخيص عمد فريق الإذاعة الى البث عن طريق الأنترنت، الا انها لم تسلم من الرقابة والقمع، فقد حجب موقعها بعيد انطلاقه سنة 2007.

فراغ قانوني

يؤكد الإعلامي رشيد خشانة أن سبعة من طالبي تراخيص الإذاعات قبل الثورة ظلوا ينتظرون التراخيص لسنوات، “أما اليوم فأي شخص قادر على إنشاء إذاعة بسبب الفراغ القانوني الذي مازال مستمرا، مما شجع على تكاثر الإذاعات العشوائية التي انتشرت كالفطريات”.

كما أضاف خشانة أن السبب الرئيسي لهذا الفراغ القانوني هو رفض الحكومة تفعيل القوانين الخاصة بإصلاح قطاع الاعلام.

وعن إيجابيات هذه الظاهرة صرح رشيد خشانة أنها تسمح بتوسيع رقعة حرية التعبير وتتيح لبعض الجماعات المحلية التعريف بقضاياها ومشاكلها التي لا تتطرق لها وسائل الإعلام الثقيلة.

لكنه نبه إلى السلبيات وأبرزها الانفلات من الرقابة وغياب الضوابط المهنية والأخلاقية، والتساهل في إطلاق الأحكام والتهم، ونشر الأخبار غير الدقيقة أو الموثوق من صحتها، كما قال.

الحكومة تماطل

“هناك المبدأ والقاعدة، المبدأ يضمن لكل إنسان الحق في وسيلة إعلام، أما القاعدة فتلزم الإذاعات بإطار ينظم بثها على موجات أف أم، وإن وجد هذا الإطار فلن تتواجد إذاعات تبث بطرق غير رسمية”. هكذا استهل هشام السنوسي، مدير فرع منظمة الفصل 19 بتونس وعضو في هيئة الاتصال السمعي البصري، كلامه.

وصرح السنوسي بأن تونس عاشت طويلا فراغا تشريعيا في مجال الاعلام مشيرا على أن الحكومة توخت أسلوب المماطلة في تأسيس الهيئة التعديلية، “فقد تطلب ارساء هذه الهيئة وقتا أطول من اللازم”.

وأضاف أن “هذه الإذاعات قد انطلقت بصورة غير رسمية ليس رغبة في الظهور، وإنما لأنها مضطرة إلى ذلك”، حسب قوله. وحمل هشام السنوسي المسؤولية إلى الحكومة، “لأنها تساهم في إرساء فلسفة الخروج عن القانون”.

النقابة تشجع

يعتبر رئيس النقابة الوطنية للإذاعات الحرة، صالح الفورتي، أن ظاهرة الإذاعات التي تبث على الأثير بطريقة غير رسمية، ليست بجديدة أو حكرا على تونس ما بعد الثورة. “لأن الإذاعات الخاصة الخمس التي كانت متواجدة إبان حكم بن علي، كانت في بدايتها تبث بدون تراخيص، ولم تكن محل مساءلة لأن مالكيها من المقربين إلى النظام السابق أو من عائلة المخلوع”.

و يعتبر الفورتي أن احتكار الدولة للذبذبات قد ولى زمانه، لأنه كان سلاح زين العابدين بن علي لإسكات الصوت الحر، حسب قوله. وأضاف “لقد ناضلنا لعقود عدة من أجل ترسيخ حرية التعبير ومن واجبنا اليوم أن نشجع مثل هذه الإذاعات لإيصال صوتها”.

الديوان يؤكد على احترام القانون

كان الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي أكد في مناسبات عدة أن الذبذبات هي ملك عمومي ومن الموارد النادرة.  مُشددا على أن عمليات الإسناد والتصرف فيها تبقى من مهام الوكالة الوطنية للترددات، وأنه، كمنشأة عمومية، يقوم بتأمين بث وإرسال البرامج الإذاعية والتلفزيونية طبقا لقانون إحداثه ولمجلة الاتصالات.

لكن وبحسب مراقبين، يبقى الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي عاجزا تماما أمام قواعد اللعبة التي لا يمكنه تغييرها. والتي لن تتغير إلا بإرادة سياسية تسعى إلى إصلاح قطاع الإعلام وإعادة النظر في قوانين الاتصالات.

ومع بعث الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري، بعد طول شد وجذب بين الحكومة والمدافعين عن حرية الصحافة، سيضطر السيد علي رابح وغيره من الساعين لتأسيس إذاعات عبر القرصنة إلى مراجعة حساباتهم. فالهيئة أكدت أن هناك كراس شروط قيد الانجاز، لبعث الاذاعات التلفزيونات، “سيخضع له الجميع”، على حد قول مسؤوليها.