الانتقادات اللاذعة التي يكيلها له خصومه السياسيين لكونه رجل خدم  النظامين السابقين، بورقيبة وبن علي، لم تربكه للحظة. أما تلك التي تعيره بسنه، فكان يرد عليها قائلا إن الحياة والموت هي من سنن القدر.

الباجي قايد السبسي، الذي تسلم رئاسة الوزراء في 27 شباط/ فيفري 2011 وسط أزمة سياسية واجتماعية وامنية حادة، استطاع  ان يعيد الامور إلى نصابها ويبعث الامل من جديد إلى التونسيين، بعد أن ظهرت قبل وصوله بدايات صارخة لسقوط الدولة في الفوضى والعنف.

الانتقادات اللاذعة التي يكيلها له خصومه السياسيين لكونه رجل خدم  النظامين السابقين، بورقيبة وبن علي، لم تربكه للحظة. أما تلك التي تعيره بسنه، فكان يرد عليها قائلا إن الحياة والموت هي من سنن القدر.

الباجي قايد السبسي، الذي تسلم رئاسة الوزراء في 27 شباط/ فيفري 2011 وسط أزمة سياسية واجتماعية وامنية حادة، استطاع  ان يعيد الامور إلى نصابها ويبعث الامل من جديد إلى التونسيين، بعد أن ظهرت قبل وصوله بدايات صارخة لسقوط الدولة في الفوضى والعنف.

لم تتوقف نجاحات السبسي عند هذا الحد، بل إنه، وباعتراف خصومه مثل الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلامية، استطاع ان يضع المسار الديموقراطي على سكته الصحيحة، وذلك بإجراء اول انتخابات عامة شفافة ونزيهة، فسلم مقاليد السلطة للحكومة الجديدة في حفل تاريخي يوم 13 كانون أول/ ديسمبر 2011.

يحظى الباجي اليوم بشعبية كبيرة، وفق اخر استطلاعات الرأي. وينظر إليه كثير من التونسيين على انه رجل وسطي يؤمن بالحوار ويرفض التطرف.

ولكن للباجي قايد السبسي زلّات لسان لم يستطع تجاوزها إلا بشق الانفس، مثل وصفه لعدد من الامنيين بـ “القردة”، او وصف خصومه بـ “المارك”(الاشكال) وهي عبارة عامية يطلقها التونسيون للحط من قيمة خصومهم.

وبعيد خروجه من الحكومة لم يستمر سكون حركته إلا أسابيع قليلة، ليعلن عن تأسيس حركة “نداء تونس” التي ستضم فيما بعد ورثة الفكر البورقيبي بالإضافة الى عدد من التجمعيين واليساريين والليبراليين.

ويحظى السبسي بشعبية في صفوف النساء والشباب، فالرجل القادم من الماضي استطاع ان يتخطى زاوية السن التي سعى خصومه ان يضعوه فيها، بكاريزما يفتقدها إليها الكثير من الشباب. فهو ليس فقط ذلك المتحدث اللبق عبر مزجه بين العربية الفصحى واللهجة العامية التونسية،  بل انه ذو حضور ملفت بحرصه الشديد على مظهره وشكله.

وبإعلانه عن نيته الترشح للانتخابات القادمة تمكن السبسي، الذي حمل حقيبة الدبلوماسية زمن بورقيبة، من ارباك خصومه الذين يعملون على إغلاق جميع الأبواب أمام طموحه لدخول قصر قرطاج كرئيس. أما استطلاعات الرأي، فتضعه في المقدمة فيما لو أجريت الانتخابات الآن.

ويستعد معارضو السبسي في المجلس التأسيسي (البرلمان) للتصويت على قانون تحصين الثورة ومنعه من الترشح للانتخابات القادمة لكونه تحمل مسؤولية سياسية زمن بن علي، كما انهم يستعدون لوضع بنود في الدستور الجديد لتحديد السن الأقصى للترشح للانتخابات الرئاسية بـ 75 سنة.

ولكن السبسي الذي اعلن انه على دراية بما يخططون، قرر المضي قدما لعلمه بان قانون تحصين الثورة سيجعل منافسيه، وخاصة الاحزاب التي التحق بها تجمعيون، في مأزق كبير.

كما ان إقرار قانون تحصين الثورة سيضع الاحزاب المصادقة عليه في حرج أمام الناخبين، إذ إنها ستتهم بممارسة العقوبات الجماعية التي مارستها أعتى الانظمة الفاشية مثل النظام النازي او نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا. اما عن تحديد السن فإن الدول التي اتبعت هذا الخيار يشار اليها بالبنان لكونها دولا بعيدة كل البعد عن الديموقراطية التي يسعى الحكام الجدد ان يظهروا بمظهرها.

لقد استطاع الباجي قايد السبسي، الذي مارس المحاماة لسنوات طوال، ان يقدم اليوم مرافعة اقرب إلى المناورة، مازال المحللون للشأن الداخلي بصدد فك شفرتها.