“ائتلاف حرائر تونس ضد العنف” هو تحالف يضم عددا من الجمعيّات النسويّة اعتبر أن المسودّتين الأولى والثّانية للدستور الجديد لتونس، لم يكونا في مستوى تطلّعات المرأة التونسيّة. لذلك اقترح  التحالف إحدى عشر نقطة تتمحور بالأساس حول دسترة حقوق النساء وتثبيت المساواة والتصدّي لكل ما من شأنه العودة بهنّ إلى الوراء.

“ائتلاف حرائر تونس ضد العنف” هو تحالف يضم عددا من الجمعيّات النسويّة اعتبر أن المسودّتين الأولى والثّانية للدستور الجديد لتونس، لم يكونا في مستوى تطلّعات المرأة التونسيّة. لذلك اقترح  التحالف إحدى عشر نقطة تتمحور بالأساس حول دسترة حقوق النساء وتثبيت المساواة والتصدّي لكل ما من شأنه العودة بهنّ إلى الوراء.

منسقة الائتلاف ورئيسة اللجنة الوطنية للمرأة العاملة بالاتحاد العام التونسي للشغل نجوى مخلوف قالت لـ”مراسلون” “إن المسودتين الأولى والثانية للدستور لا تستجيبان لتطلعات المرأة التونسية ولا تتضمّنان أي إضافات من شأنها تعزيز مكانة المرأة ودورها في بناء الوطن”.

ودعت مخلوف إلى التنصيص في توطئة الدستور على المنظومة الكونية لحقوق الإنسان وإضافة فصل جديد لباب الحقوق والحريات يقر بمبدأ المساواة بين الجنسين ويعدد مختلف المجالات التي من الضروري أن تتجسد في شأنها المساواة.

“النّهضة تتربّص بالنساء”

الحقوقيّة راضية النصراوي ترى من جهتها أنه عوض المطالبة بتدعيم مكاسب المرأة في تونس لبلوغ مساواة تامة مع الرجل وجب التصدّي “للأصوات الرجعيّة” التي ظهرت بعد الثورة والتي تدعو لتهميش المرأة والعودة بها الى مرحلة إلى العبوديّة.

تقول راضية النصراوي لـ”مراسلون” إن المرأة التونسيّة كانت حاضرة في كل المحطّات وناضلت من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية لكن “المؤسف أنه بعد 14 كانون الثاني/ جانفي ظهرت أصوات رجعيّة كانت مختبئة ولم تشارك في الثورة بل ظهر أصحابها بعد هروب بن علي ويريدون العودة بنا الوراء”.  وتضيف “تونس من المستحيل أن تتنازل عما حقّقته من مكتسبات في مجال حقوق المرأة”.

وتحظى المراة في تونس بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل مجلة الأحوال الشخصية الصادرة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي حكم تونس من 1956 إلى 1987.

وسحبت المجلة، التي لا يزال معمولًا بها، القوامة من الرجل، وجرمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويًا متى يشاء.

وتقول النصراوي “نحن اليوم ندافع عن مجلّة الأحوال الشّخصيّة التي يريد البعض إفراغها من محتواها تماما ومخالفة القوانين عبر تعدّد الزوجات الذي أصبح موجودا في تونس والزواج العرفي وإعلان البعض نيّتهم إلغاء التبنّي”.

وتضيف النصراوي “بعد أن كنا في السابق نطالب بتعزيز حقوق المرأة لبلوغ المساواة التامّة مثل المساواة في الميراث، وجدنا انفسنا اليوم ندافع عمّا تحصّلنا عليه عوض المطالبة بتدعيمه”.

وتعتبر النصراوي أن حركة النهضة الإسلاميّة صاحبة الأغلبيّة داخل المجلس التأسيسي تمثّل تهديدا لكل ما حقّقته المرأة وما تراكم لها من حقوق قائلة “أعتقد أن أصحاب السّلطة يحاولون المس من مكتسبات المرأة والدّليل على ذلك مقترح التنصيص على التكامل بين الرّجل والمرأة الذي راج  داخل  المجلس التأسيسي فيما نحن نطالب بالمساواة الفعليّة في كل المجالات”.

وفي أوت/اغسطس 2012 تراجعت “لجنة الحريات والحقوق” في المجلس التأسيسي، تحت ضغوط واحتجاجات وتظاهرات المعارضة العلمانية ومنظمات المجتمع المدني، عن اعتماد مشروع قانون تقدمت به حركة النهضة، وينص على مبدأ “التكامل” بين الرجل والمرأة عوضًا عن “المساواة”.

ودعت “هيئة التنسيق والصياغة” المكلفة بمراجعة ما يتم تضمينه في الدستور من مشاريع قوانين قبل أن يعتمدها المجلس، الى أن ينص الفصل 28 من باب الحقوق والحريات على “مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، والمحافظة على تكافؤ الفرص، مع اعتماد معيار الكفاءة”، إضافة إلى “تجريم العنف ضد المرأة”.

أنا روعة ولست بعورة

وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 آذار/ مارس الجاري تظاهر الآلاف في العاصمة تونس للمطالبة بتضمين حقوق المرأة في الدستور الجديد الذي يعكف المجلس التأسيسي على صياغته. وردد المشاركون في التظاهرة هتافات مناهضة لحركة النهضة الاسلامية الحاكمة ورئيسها راشد الغنوشي مثل “يا غنوشي فك عليك..المرأة التونسية قوية عليك”.

سلمى الفرجاني إحدى المشاركات في المظاهرة وتبلغ من العمر 17 عاما قالت لـ “مراسلون” “إنهم (الإسلاميين) يعتبرونني عورة، لن أسمح لهم بهذا…انا روعة ولست عورة”.

الغنوشي يطمئن

في محاولة لبث رسالة طمأنة، في وقت يتواصل فيه الخلاف حول قبول “الأحزاب الإسلامية ” بمدى شرعية تولي المرأة منصب رئيس الدولة أو رئيس الحكومة، قال زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إن حزبه لا يمانع في أن تتولى المرأة رئاسة الدولة أو الحكومة وأكد حرص حزبه على الدفاع عن حقوق المرأة.

كما نفى الغنوشي في تصريحات صحفية أن يكون حزبه يعارض حريّات المرأة  أو الحرّيات العامة، قائلا: “النهضة منذ أن وصلت إلى السلطة وعلى عكس ما تروّج له بعض وسائل الإعلام لم تغلق الحانات ولم تشترط لباسا محتشما على النساء ولم تغلق الشواطئ”.

وأوضح أن حزبه قبل بمبدأ المناصفة بين النساء والرجال في القوائم الانتخابية ضمن الانتخابات الماضية ( انتخابات 23 تشرين اول/ أكتوبر 2011)، مشيرا إلى أن 42 نائبة من بين 49 من نائبات المجلس التأسيسي هن من حركة النهضة.

وتجدر الإشارة إلى أن مسودّة الدستور التونسي المرتقب لا تتضمّن ما يمنع المرأة من الترشّح لرئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة.

سنحافظ على “التمييز”

وفي موقف مفاجئ وعكس التطمينات التي تسعى الحكومة الى ارسالها، وصف وزير الشؤون الدينيّة  نور الدين الخادمي (من صقور حزب النهضة) قرار رفع السلطة التحفّظ عن الاتفاقيّة الدوليّة للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة بـ “المخالف لهوية البلاد الإسلامية العربية”.

واعتبر الخادمي أن “قرار رفع التحفظ على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) مرفوض لأنه مخالف لمبادئ سيادة الدولة وهويتها ودستورها ومدونتها القانونية”.

بل وصل الى حد وصف هذا القرار بـ”الفردي والمتسرع”، مؤكدا ان على أنه “لم يكن قرار مؤسسات”.

وجاء ذلك التصريح بعد تهاطل الإنتقادات بسبب عدم تفعيل قرار رفع التحفظ على هذه الاتفاقية الذي اتخذ في فترة رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي.

وبعد صعود الإسلاميّين للحكم في تونس (نهاية2011) ، أطلقت فئات كثيرة من التونسيّين من منظّمات نسويّة ونشطاء في مجال حقوق الإنسان وغيرها صيحة فزع من التراجع عمّا يعرف “بمكتسبات المرأة” وانطلقت تبحث عن الضمانات الكفيلة لعدم العودة للوراء فيما يخص التشريعات والقوانين التي تتعلّق بالمرأة ووضعيها.

من أهم الضمانات التي تستميت المنظمات هي دسترة المساواة وعدم التمييز، لكنها تقول إن مساعيها يمكن أن تبوء بالفشل وتتهم في المقابل أصحاب السلطة من الإسلاميّين بالتربّص بهذه الضمانات وبنيّتهم التراجع عن كل ما وعدوا به قبل اعتلائهم سدة الحكم، رغم نفيهم لذلك في العديد من المناسبات.