الساعة السابعة صباحا، تنهض رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي متراخية، تفتح شرفات غرفة الفندق الفاخر الذي تقيم فيه منذ انتخابها ممثلة للشعب. تستنشق هواء الصباح المنعش، تعود الى فراشها الوثير اين تحتسي قهوة الصباح، ترتدي ملابسها الانيقة، تجمع اوراقها وتحشرها في حقيبة العمل، موضوع النقاشات اليوم: الحق في حياة. لا يهم، فالتصويت هو الذي سيحسم هذه المسالة. هكذا تتم الامور منذ ان وضع التونسيون حياتهم بأيدي “ممثليهم”.

الساعة السابعة صباحا، تنهض رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي متراخية، تفتح شرفات غرفة الفندق الفاخر الذي تقيم فيه منذ انتخابها ممثلة للشعب. تستنشق هواء الصباح المنعش، تعود الى فراشها الوثير اين تحتسي قهوة الصباح، ترتدي ملابسها الانيقة، تجمع اوراقها وتحشرها في حقيبة العمل، موضوع النقاشات اليوم: الحق في حياة. لا يهم، فالتصويت هو الذي سيحسم هذه المسالة. هكذا تتم الامور منذ ان وضع التونسيون حياتهم بأيدي “ممثليهم”.

الساعة الواحدة صباحا، انتهى التصويت واتفق الاغلبية في اللجنة على الاتي “الحق في الحياة مقدّس لا يجوز المساس به الا في حالات قصوى يضبطها القانون وتبعا لحكم قضائي تتوفر فيه كل ضمانات المحاكمة العادلة”.

حسم الامر ولم يعد للعريضة التي سلمتها منظمة العفو الدولية لأعضاء اللجنة اي فائدة فهذا الفصل يمنح الدولة الحق في تنفيذ عقوبة الاعدام استنادا الى حكم قضائي. هذه المنظمة حرصت منذ قيام الثورة على الغاء عقوبة الاعدام التي لا تعتبر عقوبة رادعة وطالبت الحكومة وأعضاء المجلس التأسيسي بضمان حقوق الانسان وأهمها الحق في الحياة وتعويض عقوبة الاعدام بعقوبات غير سالبة للحياة.

تقرير المنظمة اشار الى ان تونس لم يصدر بها اي حكم بالإعدام خلال سنة 2011 وان العفو الرئاسي شمل 122 شخصا محكوما بالإعدام. وقد رسم التقرير صورة قاتمة عن الوضع في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا حيث ارتفعت نسبة الاعدام الى حوالي 50 في المائة سنة 2011 مقارنة بسنة 2010. وبين التقرير انه على المستوى العالمي شهدت سنة 2011 تنفيذ عقوبة الاعدام في 20 دولة من مجموع 198 دولة في العالم حيث اعدم ما لا يقل عن 670 شخصا.

الساعة الثالثة بعد الظهر، في مقهى المجلس التأسيسي يدور حوار بين نائب عن الحزب الجمهوري ونائب عن حركة النهضة. يؤكد الاول على قدسية الحياة الانسانية وانه لا احد يملك الحق في ان ينهي حياة انسان حتى لو كان هذا الطرف هي الدولة او جهازها القضائي، ويبين بلهجة متشنجة ان اغلب المحكوم عليهم بالإعدام هم من الفقراء من ابناء الاحياء الشعبية وان هذه العقوبة غير منطقية وليست زاجرة ولا رادعة ولم يساهم تنفيذها في الحد من الجريمة.

نائب حركة النهضة حافظ في المقابل على هدوئه واستشهد بآيات من القران الكريم: “يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى”،”ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب” ويشرح وجهة نظره: “هذه العقوبة هي جوهر احترام الحق في الحياة من خلال اعدام من يهدد حياة الابرياء. ارتفاع عدد الجرائم الخطيرة كالاغتصاب والقتل العمد يجب ان يواجه بعقوبة تحد من تأثير فئة خطيرة جدا من المجتمع تهدد امنه وبقاءه”. بانفعال شديد نائب الحزب الجمهوري يرد: ” هذه الآيات وردت في عصر غير عصرنا وان الاوان لتجاوزها”.

الساعة الخامسة مساء، في اروقة المجلس التأسيسي نائبة مستقيلة من حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات تتلو على زميلتها من حزب المسار الديمقراطي موقف القانون الدولي لحقوق الانسان من عقوبة الاعدام: “يقر القانون الدولي لحقوق الإنسان تقليديا بحق الدول في تنفيذ عقوبة الإعدام كعقوبة على أشد الجرائم خطورة (الجنايات)، بعد صدور حكم قضائي قطعي عقب محاكمة عادلة وقانونية من قبل محكمة مختصة ومستقلة”.

الا انها تعود لتوضح: “ان المشهد اليوم إزاء هذه العقوبة بات مختلفا عن الموقف التقليدي للقانون الدولي لحقوق الإنسان إلى حد ما، فقد اعتمدت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية اتفاقيات وبروتوكولات إضافية تهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، لكن العقوبة مازالت مطبقة في عدد لا بأس به من الدول، فالدول العربية والإسلامية ومن بينها تونس وبلدان اخرى كالولايات المتحدة الأمريكية والصين على سبيل المثال مازالت إلى حد الآن تعترف في قوانينها بعقوبة الإعدام وتطبقها”.

في الاثناء تمر كوكبة من نائبات حركة النهضة ترتدين فساتين من الوان ربيعية مختلفة ويتبادلن الاحاديث الهامسة والضحكات المكبوتة واحداهن تراجع مداخلة تبين فيما بعد انها تتضمن دعوة لإنشاء دار ” للشهداء” حتى ينعموا فيها بـ “الحياة”.

الساعة صفر،عائلة تنتظر القصاص من قاتل ومغتصب ابنتها وسجين يتطلع ان يشمله العفو ويتراءى له حبل المشنقة ملتفا حول رقبته ورئيسة لجنة الحقوق والحريات تأخذ دوشا ساخنا بحمام الفندق.