علي العريض أحد القياديين في حزب النهضة الاسلامي والناطق باسمها طيلة العقدين الأخيرين، لم يظن يوما ان تبلغ طموحاته السياسية حد وصوله سدة الحكم في تونس، نظرا  للقمع  الذي كان مسلّطا على الإسلاميين طيلة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومن قبله الحبيب بورقيبة، ولكن ريح الثورة التي أطاحت بنظام بن علي فتحت له و”لإخوانه” المنتمين للحركة الإسلاميّة باب السلطة على مصراعيه.

علي العريض أحد القياديين في حزب النهضة الاسلامي والناطق باسمها طيلة العقدين الأخيرين، لم يظن يوما ان تبلغ طموحاته السياسية حد وصوله سدة الحكم في تونس، نظرا  للقمع  الذي كان مسلّطا على الإسلاميين طيلة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومن قبله الحبيب بورقيبة، ولكن ريح الثورة التي أطاحت بنظام بن علي فتحت له و”لإخوانه” المنتمين للحركة الإسلاميّة باب السلطة على مصراعيه.

بعد 23 تشرين أول/ أكتوبر 2011 تاريخ أوّل انتخابات حرّة ونزيهة شهدتها تونس منذ استقلالها في 1956 كُلّف علي العريض المنتمي الى حركة النهضة الاسلامية الفائزة بالاغلبية، إدارة الوزارة الأكثر تعقيدا وغموضا في البلاد والتي تمثّل دهاليزها ذكرى سيّئة له. ففي وزارة الدّاخليّة عُذّب وأمضى أحلك فترات حياته خلال الحملة التي شنّها الرئيس السابق على الاسلاميين في التسعينات، لكن الأقدار أبت إلاّ أن تجلسه على كرسي الوزارة.

حكم بالإعدام

ولد العريض عام 1955 في قرية صغيرة بمحافظة مدنين جنوب البلاد وهو متزوّج وأب لثلاثة أبناء، شارك في تأسيس تنظيم “الاتجاه الإسلامي” (حركة النّهضة حاليا) عندما كان طالباً. تخرّج من مدرسة البحرية التجارية مهندساً سنة 1980، وعمل لفترة قصيرة في وزارة النقل في الثمانينات، لكنه أطرد من عمله على خلفية نشاطه الإسلامي، وعاش سنوات من الملاحقات الأمنية والتضييق.

حُكم على العريض بالإعدام شنقاً عندما قاد الحركة مع حمادي الجبالي (رئيس الوزراء المستقيل) أثناء الصدام مع نظام الحبيب بورقيبة في الثمانينات، إلا أن وصول زين العابدين بن علي إلى السلطة إثر انقلاب أبيض عام 1987 أسقط عنه حكم الإعدام، لكن أعيد اعتقاله عام 1990 في حملة أمنية واسعة شُنّت على حركة النهضة، وقد قضى 16 عاماً في السجن منها عشر سنوات في سجن انفرادي.

تحالف مع اليسار!

خرج العريض من السجن سنة 2006 وساهم بشكل كبير في تأسيس “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” المعارضة لنظام بن علي والتي ضمت للمرة الأولى في تاريخ تونس الحديث معارضين إسلاميين وشيوعيين وليبراليين.

وتمخضت عن هيئة 18 أكتوبر التي أزعجت نظام بن علي في الداخل والخارج وثائق توافقية بين العلمانيين والإسلاميين حول حرية المعتقد والمرأة وأرضية العمل المشترك. ومن بين الشخصيات المشاركة فيها آنذاك علي العريض بصفته ناطقاً رسمياً باسم النهضة، وحمة الهمامي عن حزب العمال الشيوعي التونسي، ونجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي (الجمهوري حالياً)، ومصطفى بن جعفر عن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ومحمد عبو عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية.

مرونة في التفاوض

منذ الإفراج عن مساجين النهضة خلال حكم بن علي كان علي العريض هو الذي يقود تحركات الحركة في داخل تونس مع بقية الأطراف السياسية المعارضة وبعض القيادات الأخرى للحركة كزياد الدولاتلي وعبد الحميد الجلاصي، خصوصاً أن حمادي الجبالي كان تحت الإقامة الجبرية في محافظة سوسة الساحليّة.

ويتميّز علي العريض، حسب عديد السياسيين، بمرونته في الحوار والتفاوض، بالإضافة إلى أنه يحظى باحترام الأطراف السياسية نظرا لقدرته على التحاور مقارنة بغالبيّة قيادات الحركة الإسلاميّة في تونس.

ونتيجة للثورة الشعبية التي اندلعت ضد نظام بن علي في كانون الأول/ديسمبر 2010 ونجحت في الإطاحة به في 14 كانون الثاني/جانفي 2011، تحرر الإسلاميون من القيود، وتم انتخاب علي العريض عضواً في المكتب التنفيذي لحركة النهضة من قبل الهيئة التأسيسية التي تشكلت في شباط/فبراير 2011.

من مقموع الى مُتسلّط

خلال إدارته لوزارة الداخلية، عُرف عن العريض استماعه الجيّـد لمحدثيه وتفاعله الواسع مع مخالفيه في الرأي، وحظي في أغلب الأحيان خلال ممارسته لمهماته باحترام المعارضة وقد وصفته أكثر الصحف المحلّية معارضة لحكم الإسلاميين “بالرجل الذي نجح في تقمّص عباءة الدّولة”.

لكن هذه الصورة التي طبعت بداية فترة مسؤوليته لم تدم طويلا، فقد تميزت بتحديات صعبة، حيث واجه العريض هجوماً كبيراً من المعارضة والإعلام والمجتمع المدني على خلفية قمع قوات الأمن لتظاهرات في محافظة سليانة باستعمال رصاص “الرش” الذي يُستخدم للصيد حيث تعالت أصوات منادية باستقالته من منصبه خاصّة في ظل اتهامه باعتماد سياسة المكيالين عبر قمع مسيرات المعارضة وفسح المجال امام مناصري حركته الإسلامية بالإضافة إلى التهاون في التعامل مع ظاهرة العنف السلفي.

وخلال مدّة إشرافه على مصالح وزارة الدّاخليّة جدّت أحداث متعاقبة أربكت البلاد وهددت الأمن الدّاخلي وأمن بعض الأشخاص والهياكل، دون أن يكون لوزارة الدّاخلية دور فعال في مقاومتها منها أحداث 9 نيسان/ أفريل الّتي اعتدى فيها أعوان الأمن بوحشيّة على متظاهرين وصحافيين وسياسييّن وسقط خلالها عدد كبير من المصابين، وقد مرت تلك الحادثة وسط وعود بأن تقوم لجنة تمّ تشكيلها للتّقصّي في الأحداث دون أن يحسم فيها إلى حدّ الآن،  بل اكتفى علي العريض مؤخرا بالقول “إنّ أحداث 9 أفريل تجاوزها الزمن”.

كما واجه العريّض انتقادات لاذعة إثر حادثة اغتصاب فتاة من قبل أعوان أمن. ويعيب عليه خصومه  أيضا الفشل في إدارة حادثة الاعتداء على السفارة الأميركية يوم 14 أيلول/سبتمبر 2012 وأعمال العنف التي صاحبتها.

وأخيرا مثّل اغتيال الزعيم اليساري المعارض شكري بلعيد الأزمة الخانقة التي أحدقت بالعريّض خاصّة مع تداول أخبار مفادها أن بلعيد قد اتصل به ليخبره بالتهديدات ولكنّه استهان بها ولم يأخذها على محمل الجد ولم يقم بحمايته عبر وضعه تحت الحراسة كما هو متعارف عليه.

ورغم الأداء غير المرضي لعلي العريض أثناء توليه وزارة الداخلية، واعتبار البعض انه فشل في مهامه الا انه حصل على “ترقية” من حزبه بمنحه الثقة وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة اثر استقالة حمادي الجبالي.

رئيس حكومة لكل التونسيين

وعد العريض إثر تسلمه رسالة تكليف من الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يوم 22 شباط/فبراير  بأنه سيسعى إلى تأليف حكومة “لجميع التونسيين والتونسيات”.

وشدد العريض على أنه يحتاج إلى دعم “الرئاسة والمجلس الوطني التأسيسي والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لإرساء الديمقراطية التي يتطلع إليها الجميع”.

واستنادا إلى التنظيم المؤقّت للسّلط العموميّة فإنّه اعتبارا من تاريخ تعيينه، لدى العريض مهلة تستمر 15 يوما لتشكيل فريقه الحكومي الذي يفترض أن يحصل بعد ذلك على ثقة المجلس الوطني التأسيسي بغالبية 109 أصوات على الأقل من أصل 217 نائبا.