أدى انقطاع في الكوابل البحرية بين سوسة و طلميثة وآخر بين بنغازي والبريقة على الساحل الشرقي من ليبيا، يوم التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى توقف خدمات الانترنت ومختلف أنواع الاتصال الأرضي الثابت واللاسلكي والملاحة الجوية على المنطقة الشرقية، وإضعافها في المنطقة الغربية.

ومع أن الانقطاع الذي حدث نتيجة رسو سفينة في مكان غير مصرح به قرب ميناء بنغازي، أُصلح بعد عدة أيام فإن أسئلة كثيرة أُثيرت حول الطريقة التي تعاملت بها الجهات المعنية مع المشكلة.

كوابل مستأجرة

أدى انقطاع في الكوابل البحرية بين سوسة و طلميثة وآخر بين بنغازي والبريقة على الساحل الشرقي من ليبيا، يوم التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى توقف خدمات الانترنت ومختلف أنواع الاتصال الأرضي الثابت واللاسلكي والملاحة الجوية على المنطقة الشرقية، وإضعافها في المنطقة الغربية.

ومع أن الانقطاع الذي حدث نتيجة رسو سفينة في مكان غير مصرح به قرب ميناء بنغازي، أُصلح بعد عدة أيام فإن أسئلة كثيرة أُثيرت حول الطريقة التي تعاملت بها الجهات المعنية مع المشكلة.

كوابل مستأجرة

[ibimage==4511==Small_Image==none==self==null]

طه الكريوي

طه الكريوي المتحدث الرسمي لشركة “المدار الجديد” – وهي إحدى شركتين محليتين تستحوذان على سوق اتصالات الهاتف النقال في البلاد و تعطلت خدماتهما بسبب الانقطاع –، يقول لـ “مراسلون” إن شركته لم تتعامل “فنياً” مع المشكلة، لأن أغلب الكوابل التي تربط المنطقتين الشرقية والغربية مستأجرة من شركة هاتف ليبيا. 

في حين يؤكد الدكتور محمد العماري رئيس لجنة الاتصالات بالمؤتمر الوطني العام أن “اللجنة أجرت اتصالاتها مع وزارة الاتصالات بمجرد الانقطاع لمعرفة السبب و لمعالجته”.

وأضاف في حديث مع “مراسلون” أن الوزير شكل على الفور “غرفة عمليات” على رأسها وكيل الوزارة محمد بالرأس علي، كما قامت الوزارة باستئجار سفينة دولية لإصلاح الانقطاع وهي إحدى سفينتين تتواجدان في البحر المتوسط لإصلاح الكوابل البحرية.

نقطة الخراب الوحيدة

إلا أن هذا الانقطاع لم يكن الوحيد الذي تشهده المنطقة الشرقية، إذ سبقه بحوالي أسبوع انقطاع آخر للخدمة بعد نشوب حريق في كوابل الألياف البصرية بمنطقة سوق الثلاثاء بالعاصمة طرابلس. ما حذا بمراقبين للسؤال عن الأسباب التي تجعل حدوث هكذا حريق يوقف الاتصالات بالمنطقة الشرقية التي تبعد عن مركزه بمسافة لا تقل عن ألف كيلومتر.

“إنها المركزية المقيتة” يجيب العماري، مضيفاً “النظام السابق أراد جعل كل ما يخص قطاع الاتصالات الحيوي بالقرب منه في العاصمة، لذلك فكل المقاسم موجودة فيها وعند حدوث خلل بها تنقطع الخدمة عن ليبيا، وهذا ما يعرف بنقطة الخراب الوحيدة”. بمعنى أن حدوث مشكلة في نقطة ما يوقف الشبكة بالكامل، والأمر ذاته ينطبق على الاتصالات الدولية المحصورة بمقسمين يوجدان أيضا بالعاصمة، بحسب العماري.

دواع أمنية

يرى الكريوي أن “دواعٍ أمنية” كانت وراء إنشاء شركة “المدار” عام 1996 والتي تغير اسمها فيما بعد إلى “المدار الجديد”، وهي  توفير الاتصالات للنخبة المحيطة بالقذافي وأفراد أمنه.

ولهذا السبب يقول الكريوي، “طُرحت خطوط المدار في السوق بسعر مرتفع نسبياً، لكن الأمور خرجت عن سيطرتهم حين عمل كل مواطن ليبي على اقتناء خط مدار، وساهم موظفوا الشركة في نشر الخطوط عن طريق بيعها لأقاربهم ومعارفهم”، بحسب قوله.

ويكشف الكريوي أن تركيز النظام السابق على الأمن في التعامل مع قطاع الاتصالات كان السبب أيضا “وراء عدم امتلاك شركة “المدار الجديد” للكوابل البحرية، واستئجارها من شركة هاتف ليبيا التي أُراد لها أن تكون المالك الوحيد للبنية التحتية للاتصالات في البلاد”.

مقاسم بديلة

إذاً ما الحل لتفكيك هذه المركزية؟ بحسب العماري فإنه “يتوجب على شركات الاتصالات توزيع مقسماتها على عموم البلاد بحيث لا يؤثر حدوث انقطاع في منطقة على المناطق الأخرى”.

ويؤكد عبر “مراسلون” أن “كابلاً ارضياً سيُنتهى من تركيبه بنهاية شباط/فبراير الحالي، وفي حال حدوث عطل بالكابل البحري ستنتقل خدمة الاتصالات إليه تلقائياً إلى حين إصلاح العطل”.

ويقول كذلك أنه “بالنسبة للاتصالات الدولية فقد اتفقنا مع الوزارة على وجود مقسمين آخرين، واحد بمدينة بنغازي والأخر بمدينة درنة (300 كلم شرقي بنغازي)، والتي بها كابل بحري يربط ليبيا بدولة اليونان”.

وفي هذا السياق يقول الكريوي “شركة “المدار الجديد” لديها مخطط يجري الآن تنفيذه، بإيجاد مقاسم للمدار بالمنطقة الشرقية، ما يمنع توقف الخدمة عنها بالكامل، وانحصار التوقف بمنطقة الانقطاع فقط، وكذلك يجري العمل على توفير مقاسم بديلة”.

خارج التغطية

لكن المركزية ليست هي فقط ما يعيق عمل قطاع الاتصالات ويزيد من تململ الشارع الليبي حياله، فعبارة “الرقم المطلوب خارج التغطية” ارتبطت في أذهان مستعملي الهواتف النقالة في عموم البلاد بغياب التغطية وتذبذبها، ناهيك عن انقطاعها لفترات قد تصل لأكثر من أسبوع كما يحصل عادة في منطقة الواحات (جنوبي شرق البلاد).

[ibimage==4523==Small_Image==none==self==null]

وهو واقع يعتقد كثيرون أنه لا يمكن تجاوزه دون فتح سوق الاتصالات الليبي أمام الشركات الأجنبية، وإيقاف احتكاره من قبل شركتي “المدار الجديد” و”ليبيانا” المملوكتان للدولة.

وفي حين يشير العماري إلى أنه تمت معالجة مشكلة انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المحطات نتيجة لحرب التحرير، فإنه يقر بحدوث حالات “تخريب متعمد”، مستشهداً بحادثة حرق كوابل الألياف البصرية بمنطقة سوق الثلاثاء بطرابلس.

موضحاً أن “ذلك يجري عادة على أيدي أشخاص يعرفون أهمية هذه الكوابل وحجم الضرر الذي يتأتى عند تخريبها”.

[ibimage==4517==Small_Image==none==self==null]

محطة مدمرة في بني وليد

فتح المنافسة

يشترط العماري قبل فتح الباب للشركات الأجنبية “إعادة ترتيب البيت الداخلي للقطاع”، من خلال وضع قانون ينظم الاتصالات، وقانون آخر تنشأ بموجبه “هيئة تنظيم الاتصالات”، لمراقبة مستوى الجودة وتوزيع ما يعرف بـ”الطيف الترددي” بين الشركات، وضبط العلاقة بين الشركات والدولة وبينها وبين المواطن، من حيث التسعيرة ومنع الاحتكار .

ويضيف أن “هذه القوانين من المتوقع أن تصدر خلال فترة ثلاثة أشهر”، وعندها – بحسب قوله – “يصبح ممكناً فتح السوق أمام دخول الشركات الأجنبية في وجود جهة تراقب وتحمي حقوق الدولة والمواطن والمستثمر الأجنبي على حد سواء”.