في يوم حداد تونس، فاجأت بسمة الخلفاوي بلعيد التونسيين بمشاهد ستبقى محفورة في الذاكرة. فهي السيدة التي عزت التونسيين في زوجها المعارض القتيل، وهي المرأة التي ارتدت المعطف الوردي وترجلت لتفسح المجال أمام سيارة الإسعاف التي تقل جثمان زوجها ورفيق دربها في شارع بورقيبة حتى تتمكن الجموع الغفيرة من توديعه رافعة شعار النصر، كما أنها التونسية التي أطلقت الزغاريد عندما كان زوجها الشهيد يوارى الثرى.

“مراسلون” التقت بسمة الخلفاوي أرملة المعارض اليساري، التي تحدثت عن زوجها وعن واقعة الاغتيال، وعن أزمة الحكم في تونس، فكان الحوار التالي: 

في يوم حداد تونس، فاجأت بسمة الخلفاوي بلعيد التونسيين بمشاهد ستبقى محفورة في الذاكرة. فهي السيدة التي عزت التونسيين في زوجها المعارض القتيل، وهي المرأة التي ارتدت المعطف الوردي وترجلت لتفسح المجال أمام سيارة الإسعاف التي تقل جثمان زوجها ورفيق دربها في شارع بورقيبة حتى تتمكن الجموع الغفيرة من توديعه رافعة شعار النصر، كما أنها التونسية التي أطلقت الزغاريد عندما كان زوجها الشهيد يوارى الثرى.

“مراسلون” التقت بسمة الخلفاوي أرملة المعارض اليساري، التي تحدثت عن زوجها وعن واقعة الاغتيال، وعن أزمة الحكم في تونس، فكان الحوار التالي: 

مراسلون: أذهلت العالم برباطة جأشك وشجاعتك في ظرف يفترض أن يكون من أصعب اللحظات التي تمر في حياة أي إنسان فمن اين استمدت بسمة هذه القوة؟

بسمة بلعيد: نعم هو أصعب موقف يمكن أن يمر به الانسان في حياته لكنه افترض أن أكون أقوى من الحزن. سيكون لدي متسع من الوقت لأحزن وأمارس كل طقوس الموت ولكن اليوم الوطن يحتاجنا لأننا في منعرج خطير أصبحت فيه النفس البشرية تستباح فقط لأنها تحمل أفكارا معارضة، وهو ما لم يحصل في زمن الاستبداد ولكنه حصل للأسف بعد ثورة الحرية 

توعدت خصومك وقتلة زوجك بالرد ولكن ليس على طريقتهم بل “بالفكر والفكر فقط”، فكيف سيكون ردك سيدة بسمة؟ 

لا يمكن أن أرد إلا بهذه الطريقة لأني لا أؤمن بالعنف ولأن شكري اغتيل من أجل أفكاره، وأنا سأقهر عدوه الذي أخرس صوته بمواصلة المشوار والدفاع عن الافكار وعن المشروع الذى ناضل واستشهد من أجله شكري.

رغم أن التحقيقات لم تستكمل وجهت الإتهام رأسا إلى حركة النهضة والحكومة بضلوعها في اغتيال زوجك، فهل لديك أدلة، فأنت محامية وتعلمين أن البينة على من ادعى؟ 

نعم اتهمت حركة النهضة باغتيال زوجى وسأتقدم بدعوى قضائية ضد الحركة الحاكمة وضد زعيمها راشد الغنوشي شخصيا لأنه “حامي العنف” في تونس، وأكثر دليل على ما أقوله هو أن الحزب الحاكم سكت على مطالب بعض أئمة المساجد في المنابر -وهم من أعضاء الحركة- بدم بلعيد، كما أن بيان مجلس الشورى الذي صدر عن الحركة برر العنف الذي تمارسه “رابطات حماية الثورة” رغم مطالبة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بحلها باعتبارها تمثل خطرا حقيقيا وثبت ضلوعها في عدة أعمال عنف مادي، كما أنها وهي التي تدير صفحات على شبكة التواصل الاجتماعي دعت إلى تصفية شكري .

طلبت رسميا من وزارة الداخلية حمايتك وحماية عائلتك هل تعتبرين أن عائلة بلعيد ما زالت مستهدفة؟

أولا أنا الآن مسؤولة عن بنتاي. ثانيا، دعاة العنف والفوضى لم يحترموا حتى جنازة المرحوم لذلك أنا لا أشعر بالطمأنينة في مثل هذا الوضع المحتقن. لقد عشنا في السابق على على وقع التهديدات عبر الهاتف والبريد الالكتروني، ورغم ذلك كان شكري يرفض الحماية ويرفض ارتداء السترة الواقية من الرصاص، لكن اليوم الوضع اختلف ولا بد أن أحمي عائلتي .

بعد الجنازة المهيبة لشكري بلعيد قلت أنك متفائلة فلماذا التفاؤل والحكومة عاجزة منذ أشهر عن القيام بتعديل وزاري والمجلس التأسيسي عاجز منذ سنة ونصف عن كتابة الدستور؟ 

شعرت بالتفاؤل بعد خروج مئات الآلاف من المواطنين من مختلف الشرائح الإجتماعية بصفة تلقائية ليعبروا عن رفضهم للعنف. وشعرت بالتفاؤل لأن دم شكري بلعيد لم يذهب سدى وعجّل بتوحد القوى الديمقراطية والحداثية. وشعرت بالتفاؤل لأن الشعب اكتشف أنه مهدد بالعنف وبتطرف القوى الظلامية التي تتربص بمشروعنا المجتمعي، وأنا على يقين أن الشعب التونسي لن يسمح لهذه القوى بالمرور وهي الكلمة التي كان يرددها المرحوم باستمرار لأنه كان قريبا من الشعب. 

لماذا توجهت في مسيرة أمام المجلس التأسيسي وطالبت الحكومة بالاستقالة؟

هذه الحكومة فشلت وعليها أن تستقيل عملا بأحكام قانون اللعبة السياسية. عندما تفشل حكومة عليها أن تتحمل مسؤوليتها، وأظن أنها حاليا مقالة بعد أن عبر رئيس الحكومة عن تشكيل حكومة كفاءات “تكنوقراط” وساندته المعارضة في هذا التمشي، ولهذا السبب توجهت إلى المجلس التأسيسي لأني شعرت بتباطؤ تحرّك السلطات الحاكمة، في التعاطي مع حدث الاغتيال.

هل ستلعب بسمة الخلفاوي دورا سياسيا في المستقبل، وهل لديك نية لخلافة شكري بلعيد على رأس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد؟

لم أكن في الحزب من قبل ولكن منذ شهر تقريبا دخلته من خلال انتمائي للمنظمة النسوية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد فقلت لا بأس: الرفاق يعمّقون لي معارفي الايديولوجية، وأنا أعمّق لهم معارفهم النسوية. لم أكن أريد منصبا في الحزب فقد كنت أريد أن أبقى خارج إطار القيادة، لكن اليوم الوضع اختلف وأرى أنه من واجبي مواصلة المشوار الذي بدأه شكري. ولا يهم ان كنت على رأس الحزب أم لا فهذا الأمر غير مطروح بالنسبة لي وهذا القرار لا يعود لبسمة الخلفاوي فقط بل لهياكلنا داخل حزب الوطنيين الديمقراطيين.