لطالما شكلت جامعة “بنغازي” باتحاد طلبتها وتنظيماتها الطلابية الداخلية بؤرة لحراك سياسي وثقافي ومجتمعي مشهود، كان دافعاً للنظام السابق لأن يضعها نصب فوهات أسلحته التي لم تكف عن اقتناص الناشطين وتصفيتهم سراً في الغالب، وعلناً أحياناً كما حدث في عام 1976 عندما قام بإعدام عدد من الطلبة المشاركين في المظاهرات ضده في ساحة الجامعة على مرأى من الطلبة جميعاً.

لطالما شكلت جامعة “بنغازي” باتحاد طلبتها وتنظيماتها الطلابية الداخلية بؤرة لحراك سياسي وثقافي ومجتمعي مشهود، كان دافعاً للنظام السابق لأن يضعها نصب فوهات أسلحته التي لم تكف عن اقتناص الناشطين وتصفيتهم سراً في الغالب، وعلناً أحياناً كما حدث في عام 1976 عندما قام بإعدام عدد من الطلبة المشاركين في المظاهرات ضده في ساحة الجامعة على مرأى من الطلبة جميعاً.

جامعة “قاريونس” أيام القذافي و “بنغازي” قبله وبعده، هي أعرق الجامعات الليبية وتعد من أضخم مؤسساتها التعليمية، حيث أسست عام 1955 وشهدت مراحل تطور عديدة لتصل المساحة المقامة عليها مبانيها حوالي 460 هكتاراً، وقد صممت تلك المباني على شكل تاج وجوهرته هي المكتبة المركزية للجامعة.

وضمن مراحل عملية الطمس التي كان يمارسها القذافي ونظامه على معالم الجامعة، كان أول التغييرات اسمها لتصبح جامعة “قاريونس” على اسم المعسكر الذي قاد منه انقلابه و سيطر على الحكم في ليبياعام 1969، وحدث ذلك التغيير في ذات العام الذي شنق فيه الطلبة فيما أسماه بثورة الطلاب.

ليزحف من ثم على مبانيها التي تحمل في تصميمها إشارة واضحة للعهد الملكي في ليبيا، والذي كان هو يسميه بـ “العهد البائد”، ويفتح باب الصيانة الذي استمر لسنوات طويلة وطال كافة مباني الجامعة، ولازال مستمراً حتى يومنا هذا، مسبباً أزمة كبيرة في سير العملية التعليمية حيث أن أغلب مباني الجامعة غير صالحة للاستخدام مؤقتاً.

فيما يدخل ويخرج من الحرم الجامعي يومياً 82 ألف طالب وثلاثة آلاف عضو هيئة تدريس وخمسة آلاف موظف، يتوزعون على كلياتها الـ 22 ومبنى الإدارة العامة، لا تكاد ساحاتها تخلو من محتجين ومعتصمين أحياناً يطالبون بـ”حقوقهم” المختلفة، التي تصطدم بالواقع المتردي للجامعة تعليمياً وإنشائياً، والذي يحتاج وقتاً طويلاً لإصلاحه من عطب الماضي.

[ibimage==4212==Small_Image==none==self==null]

الدكتور محمد فرج 

رئيس الجامعة الدكتور محمد فرج دغيم والذي تولى هذا المنصب بعد الثورة التقاه مراسلون، وحول موضوع الاحتجاجات وصيانة الجامعة ومواضيع أخرى كان نص الحوار التالي: 

س- ماسبب تغيير اسم الجامعة من قاريونس إلى بنغازي؟

[ibimage==4218==Small_Image==none==self==null]

CAPTION TEXT

ج- جامعة “بنغازي” هو الاسم الأصلي لها وقاريونس استحدثه القذافي، كان يريد طمس كل شيء، ومثلما عاد علم الاستقلال والنشيد الوطني وكل شيء إلى أصله، كان لابد أن تعود الجامعة باعتبارها أحد تلك المعالم التي عادت إلى ليبيا.

سهناك تذمر واحتجاجات متكررة من قبل طلبة الجامعة، ماهي المشكلات المسببة لذلك؟

ج- المشكلات الأساسية تتعلق بوضع الصيانة في كافة الكليات وكل الفروع، لا يوجد مكان بالجامعة إلا وهو تحت طائلة الصيانة، مع غياب الشركات التي كانت مكلفة بتلك الصيانة من الجهات العليا من قبل الدولة، وللأسف الشديد لم يكن لإدارة الجامعة أي علاقة بتلك التكليفات أو الاتفاقيات ومن هنا بدأت مشكلتنا الحقيقية، ألا وهي عدم إمكانية التدخل في مجريات هذه الصيانة إلا باستشارة الجهات العليا المختصة بذلك وعلى رأسها وزارة التعليم العالي.

فضلاً عن الحاجة الملحة للصيانة المتعلقة بأضرار وخسائر الحرب التي مرت بها بلادنا، وبالأخص في كليات الفروع كفرع اجدابيا والكفرة وجالو.

وكذلك التصدعات والأضرار التي تعاني منها الكليات الأخرى من جراء عدم الاهتمام بما يحدث لها طيلة سنوات الدراسة، أي غياب المتابعة الفنية لهذه الكليات، وفي نفس الوقت فتح مشاريع صيانة غير مبررة، وهذه تعد تركة ليست بهينة تحتاج إلى تكاثف الجهود على كافة المستويات الفنية والإدارية والتعليمية والمالية بالجامعة للخروج من هذا الوضع.

سهل تعتقد أن مشروع الصيانة المستمرة منذ سنوات في جامعة بنغازي إهدارمتعمد للمال العام؟ أم أسلوب ممنهج لتغيير الطراز المعماري للجامعة من قبل نظام القذافي؟

ج- ما حصل لمباني الجامعة تدمير وليس صيانة، عند زيارة ابن مصمم الجامعة لها في الفترة القليلة الماضية بكى عند رؤيتها بهذه الصورة.

أذكر أن المهندس المصمم للجامعة أشار في عام 1974 إلى أنه من الممكن إضافة مباني أخرى في إطار الجامعة بنفس المواصفات التي تم بها التصميم الأول، ودون المساس بالشكل العام.

من وجهة نظري أنه موضوع مادي بالدرجة الأولى، لأن عقود الصيانة أعطيت بقيم مالية تفوق المطلوب، ومن وجهة نظر أخرى قد يكون هناك بعد سياسي لهذا العمل، وهو إخفاء الملامح الحقيقية التي كانت عليها الجامعة والتصميم الذي أنشئت عليه، وهذا أمر ليس بغريب، ونظام القذافي أعتقد بأنه تعمد إخفاء ملامح الجامعة كلياً تحت اسم صيانة.

سحتى المكتبة المركزية شهدت صيانة غير مبررة، وصفها الطلاب بـالكارثة، سببت تخبطاً واضحاً في ترتيب المكتبة.. في الوقت الذي تعد فيه المرجع الأساسي للطلاب وأعضاء هيئة التدريس

ج- المكتبة المركزية لم تكن بحاجة إلى كل هذه الصيانة، والجامعة أيضاً كما أسلفت، فصيانتها أحدثت ربكة استمرت طويلاً، وهمُّ إدارة الجامعة كان المحافظة على الكتب من الضياع أو التلف، كانت تلك مسؤولية كبيرة جداً تكبدت الإدارة عناء تحملها، والحمد لله لم يقع ما كنا نخشاه رغم التشتت الذي استمر طويلاً جداً.

سمامدى تأثير سوء الوضع الحالي للمرافق الصحية ونقص المقاعد الدراسية على اليوم الدراسي للطلاب؟

ج- هناك أمور تؤثر مباشرة على سير اليوم الدراسي وعلى رأسها النقص في المقاعد الدراسية وسوء وضع المرافق الصحية بالكليات، على سبيل المثال في كلية الاقتصاد هناك مشكلة الحمامات واستهلاكها وعدم متابعتها بالشكل الصحيح مع تزايد عدد الطلاب في الكلية التي فاق عدد طلابها خمسة عشر ألف طالب، وحجم الكلية لم يكن مصمماً لاستقبال مثل هذه الأعداد.

وهذا ينطبق على كليات أخرى، كذلك لن أنسى مسؤولية الطلاب في المحافظة على ما تتم صيانته والتعامل معه بحرص، فالمسؤولية جماعية هنا تستوجب الالتزام بالضوابط التعليمية والأخلاقية.

أما فيما يتعلق بالنقص الحاد في المقاعد الدراسية، فقد اتخذت بصفتي رئيس الجامعة وبموافقة مجلس الإدارة إجراءات عملية سريعة لحل هذه المشاكل، حيث تم التعاقد على جلب خمسة عشر ألف مقعد دراسي وهي الآن في طريقها للوصول، وقمنا بنفس الإجراء لفروع الجامعة في المدن وهذا الأمر مسؤولية مباشرة تقع على عاتق مجلس الجامعة ورئيسها.

في الواقع لقد اتخذ مجلس الجامعة خطوات عملية وسريعة لمعالجة مشكلات الصيانة، على الرغم من أن العقود التي وُقعت في السابق لهذا الغرض لم تكن الجامعة طرفاً فيها، وإذ نؤكد أنه ليس لنا أي علاقة بتلك الاتفاقيات، من منطلق مسؤوليتنا قررنا معالجة هذه الأمور في مختلف كلياتنا بشكل سريع.

سمنذ فترة وجيزة تظاهر طلبة الكليات بالقسم الداخلي محتجين على عدم صرف المنح الدراسية لهم. هل استجبتم لمطالبهم؟

[ibimage==4224==Small_Image==none==self==null]

CAPTION TEXT

ج- لقد قمنا بصرف المنحة حتى قبل صدور التعليمات بشأنها من قبل وزارة التعليم العالي، حيث كانت المنحة تعطى بشكل محدد بقيمة مالية ثابتة قدرها تسعون ديناراً، ورأت السلطات أن هذه القيمة غير كافية، فتم إصدار قرار من مجلس الوزراء عن طريق وزارة التعليم العالي بصرف قيمة خمسة عشر دينار عن اليوم الواحد لكل طالب.

أي بقيمة أربع مائة وخمسون دينار شهرياً للطلبة غير المقيمين بالأقسام الداخلية للجامعة، وهناك بعض الاستقطاعات من الطلبة الذين يقيمون بالجامعة وتصرف لهم وجبات، فيما يحرم من المنحة أي طالب أعاد السنة الدراسية أو تجاوز المدة القانونية المحددة للدراسة الجامعية حسب اللائحة التعليمية.

قرار الوزارة نص على أن تصرف المنحة الدراسية عن الشهور من مارس وحتى يونيو من كل عام، إلا أننا اعترضنا على ذلك وطالبنا بأن يستمر الصرف حتى نهاية شهر سبتمبر وذلك لاستمرار الدارسة بالجامعة، وبالتالي تحملنا مسؤولية صرف هذه المنح ولقد وضعت آليات واضحة خلال اجتماع الجامعة الطارئ لصرفها قريباً جداً.

في الحوار أيضاً أكد رئيس الجامعة على أن مشكلات الجامعة تركة ثقيلة جداً ولابد لحلها من مشاركة كافة الكليات وعمدائها بفاعلية، وأشار إلى أن المخالفات التي تحدث في الوسط الجامعي بين الحرس الجامعي والطلاب أحياناً، والموظفين أحيانا أخرى وأعضاء هيئة التدريس أيضاً تعد بسيطة مقارنة بحجم هذا المجتمع الجامعي والمستويات الثقافية التي يحتويها.