يبدو أن تعريف الليبرالية في هذه المرحلة هو تعريف بالسلب وليس بالإيجاب، فالليبرالية أصبحت تعني في مصر كل ما هو غير إسلامي. فهل المسؤول عن ذلك شائعة الاستقطاب المدني الاسلامي التي أطلقها الاسلاميون، ثم اضطرت القوى المدنية تحت الابتزاز للدفاع عن نفسها ضدها؟ أم أن المسؤول هو ضعف الوعي السياسي وعدم جذرية الليبراليين في مواجهة خصومهم الاسلاميين واليساريين. أسئلة حملتها “مراسلون” لعمق هذه الأحزاب ومنظريها في هذا التحقيق.

خلطة الليبرالي القومي الناصري

يبدو أن تعريف الليبرالية في هذه المرحلة هو تعريف بالسلب وليس بالإيجاب، فالليبرالية أصبحت تعني في مصر كل ما هو غير إسلامي. فهل المسؤول عن ذلك شائعة الاستقطاب المدني الاسلامي التي أطلقها الاسلاميون، ثم اضطرت القوى المدنية تحت الابتزاز للدفاع عن نفسها ضدها؟ أم أن المسؤول هو ضعف الوعي السياسي وعدم جذرية الليبراليين في مواجهة خصومهم الاسلاميين واليساريين. أسئلة حملتها “مراسلون” لعمق هذه الأحزاب ومنظريها في هذا التحقيق.

خلطة الليبرالي القومي الناصري

“الاخطاء الكارثية لتفسير الليبرالية” هو المصطلح الذي يعنونه محمود فاروق المدير التنفيذي لاتحاد الشباب الليبرالي تعبيرا عن الأزمة، كما يقول في لقائنا به. فعدم وجود أحزاب ليبرالية تتبني الرأسمالية كنموذج اقتصادي بوضوح، هو أس المشكلة، خاصا وأن غالبية الاحزاب التي تطلق علي نفسها ليبرالية تتبني خطابا يساريا أو شبه يساري في برامجها الاقتصادية تحديدا، ويظهر ذلك في مصطلحات كالعدالة الاجتماعية، فيما لا تتحدث بوضوح عن ربط الاجر بالانتاج، حسب ما يقول.

أحزاب مثل الوفد والمصريين الاحرار، كما يري فاروق، تتبني خطابا غامضا بإسم “الرأسمالية الوطنية” وهو خطاب ثورة يوليو القومي، ناهيك عن عدم تبنيهم مطالب الحرية الفردية بإستثناء المصري الديمقراطي الاجتماعي، فحزب الوفد مثلا تبنى خطابا هجوميا علي منظمات المجتمع المدني خلال أزمة القبض علي المنظمات الامريكية، فكيف تكون ليبراليا وضد حق تنظيم المجتمع المدني وتتحدث بشوفينية عن تمويله؟ يتساءل فاروق.

ليبراليون في ذيل الاسلام السياسي

“ليس هناك حزب ليبرالي خالص في مصر” هكذا يبدأ د. مصطفي كمال السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حديثه معنا، مضيفا أن معيار الممارسة السياسية في الواقع يثبت ذلك، فحزب كالوفد وهو ممثل للأحزاب الليبرالية التقليدية يتحالف منذ الثمانينات مع قوي الاسلام السياسي، بل ويتبنى مفاهيما رجعية على مستوى عدم الابتعاد عن التقاليد المحافظة للمجتمع المصري. فيما حزب غد الثورة أقرب إلى مصالح انتهازية صغيرة دون رؤية سياسية أو اقتصادية واضحة، فهو متأرجح أيضا بين التحالف مع الفلول والاسلاميين، معتبرا حزب المصريين الاحرار أقربهم لمعني الليبرالية الاقتصادية، لكنه حتى الآن غير قادر على تكوين قواعد لتعالي خطابه على المصريين.

الامل الاسكندنافي وليبرالية الاخلاق الاسلامية

ثمة أمل في نهاية نفق التعريف الليبرالي قد تمثله أحزاب كالدستور والمصري الديمقراطي في اعتقاد أستاذ السياسة السيد، فهذه الأحزاب تتبنى نموذجا اسكندنافيا لليبرالية الاقتصادية، لكنهم في منافسة حتى على مفهوم الليبرالية الاقتصادية مع الاسلاميين، فالاخوان مثلا يطرحون تجسيدا لاقتصاد السوق المفتوح لكنه مهذب، مع الاستثمار دون مواربة لكنهم ضد انتاج الخمور واقتصاد القمار.

[ibimage==4152==Small_Image==none==self==null]

د. ايهاب الطماوي

“لا أزمة أصلا في الأحزاب الليبرالية”، هكذا يبدأ د. ايهاب الطماوي سكرتير عام حزب المصريين الأحرار مداخلته، فحزبه يتبنى الأفكار الليبرالية في الاقتصاد والسياسة دون أن يصدم أخلاق الشعب المصري بمفهوم العلمانية تماشيا مع الثوابت الدينية، ويلخص أزمة حزبه في عدم قدرته وهو يخوض معركته مع الإسلاميين على نشر أفكار ما أسماه الليبرالية الوسطية على مستوى القواعد، فعدد المنضوين تحت حزبه وصل إلى ١٣٠ ألف عضو، كثير منها خامل، هرب منهم المئات ولم يستطع الحزب ربطهم تنظيميا في حمى الصراع مع الاسلاميين. وهو الصراع الذي دفع حزب الاخوان(الحرية والعدالة) نفسه إلى تفجير حزب النور السلفي من داخله وهو الحليف السياسي الاكبر له، كما يقول الأستاذ الطماوي.

فروت سالاد المدنية والليبرالية

[ibimage==4158==Small_Image==none==self==null]

د. عماد جاد

د. عماد جاد الخبير بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، وأحد قادة الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعية يلمح إلى أن طبيعة الصراع مع الإسلاميين، شوشت علي التفرقة الواجبة بين الليبرالي بالمعني الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وما هو مدني يضم اليساري والعلماني، الأمر الذي يظهر في تحالفات غريبة بين من يسمي نفسه ليبراليا بخصوم سياسيين على شاكلة السلفيين والاخوان، في إشارة لحزبي الوفد وغد الثورة، حسب ما قال جاد.

أما الخبير في الحياة البرلمانية بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية عمرو هاشم ربيع فيحمل جزءا من ارتباك المعني والممارسة إلى زمن مبارك نفسه، فالوجه الاخير لزمنه ممثلا في مجموعة جمال مبارك ومشروع توريثه أسمت نفسها بالمجموعة الليبرالية داخل النظام، مما أساء ضمنيا إلى المصطلح، فمجموعة جمال مبارك أقرب لرأسمالية الاحتكارات الكبرى، والأحزاب الليبرالية لا زالت تناقض نفسها في طرح بدائل اقتصادية واجتماعية واضحة، مضغوطة في خانة رد الفعل لا الفعل أو المبادرة، وليس في نيتها فصل نفسها كيمين اقتصادي لا يختلف عن اليمين الاسلامي في شيئ إلا بتبنيه المدنية والعلمانية الواضحة، فلو طرحت هذه الأحزاب خطابا من تلك النوعية لخسرت قواعدها، مع العلم أن ما يتبقى لهم من معاني الليبرالية تنفذه الممارسات الاسلامية بجرأة أكبر، حسب ما يقول ربيع.