“سيارة للبيع…استعمال مهاجر” اعلان عن بيع سيارة مستعملة على الانترنت، كان مفتتح لملاحظة مها رشوان-٣٥ عاما لظاهرة الهجرة القبطية، فالسيارات حديثة جدا وكلما اتصلتْ بأصحابها وجدتهم يستعدون للهجرة، بالطبع كلهم أقباط كما لاحظت من أسمائهم، وفورا كانت على استعداد لتصديق تقرير صحيفة اللوفيجارو الفرنسية الذي تكلم عن هجرة ١٠٠ ألف مسيحي منذ بداية الثورة، وهو التقرير الذي كذبته الدولة فيما لم تجرؤ علي تقديم عدد واضح كعادة سريتها في كل ما يخص “الرقم القبطي”.

٧ دولارات لساعة عمل امريكية دون تهديد

“سيارة للبيع…استعمال مهاجر” اعلان عن بيع سيارة مستعملة على الانترنت، كان مفتتح لملاحظة مها رشوان-٣٥ عاما لظاهرة الهجرة القبطية، فالسيارات حديثة جدا وكلما اتصلتْ بأصحابها وجدتهم يستعدون للهجرة، بالطبع كلهم أقباط كما لاحظت من أسمائهم، وفورا كانت على استعداد لتصديق تقرير صحيفة اللوفيجارو الفرنسية الذي تكلم عن هجرة ١٠٠ ألف مسيحي منذ بداية الثورة، وهو التقرير الذي كذبته الدولة فيما لم تجرؤ علي تقديم عدد واضح كعادة سريتها في كل ما يخص “الرقم القبطي”.

٧ دولارات لساعة عمل امريكية دون تهديد

مها التي انتخبت محمد مرسي وبدت في حوارها مع “مراسلون” نادمة على ذلك، عرفتنا علي سوزي فهمي جارتها، والتي حصلت شقيقتها علي فيزا عادية إلي الولايات المتحدة قبل شهرين، وصلت لفلوريدا حيث جربت العمل في سوبر ماركت مقابل ٧ دولارات في الساعة، وهاهي ستعود خلال ايام- وفقا لسوزي- كي تبيع ممتلكاتها استعدادا لاقامة أطول حتى تحصل علي الإقامة الدائمة “الجرين كارد”.

تقول سوزي إن أختها مثلها باتت تخاف في مصر من حكم الاسلاميين، وفيما تعرض علينا صورها في منزلها الامريكي تساءلت: “لماذا نحيا تحت تهديد المتطرفين؟”.

حتى ضابط الشرطة

لم تتركنا سوزي الا بعد أن أكدت أن عددا ممن تعرفهم رفعوا قضايا اضطهاد ديني فور وصولهم امريكا، وأن صعوبة اثبات ذلك امام المحاكم باتت اقل، وهو ما أكده الروائي الشاب سمير زكي الذيابدي الذي يقول إنه متمسك بالقاهرة ومقاهيها وناسها، لكنه يتفهم كل من ينوي الهجرة من حوله، فصديقه ضابط الشرطة وصل به الأمر إلى السفر إلى المكسيك والهروب عبر الحدود الصحراوية نحو الولايات المتحدة، بل أنه سلم نفسه لشرطة الحدود بعد أن كاد أن يفقد حياته معلنا تعرضه للاضطهاد الديني.

كاد صديق سمير أن يموت كما يموت الافارقة علي الحدود المصرية الاسرائيلية، لكن سمير يلفت أيضا الانتباه إلى الدور الذي تلعبه قنوات أقباط المهجر في تسهيل الامر، فهي تعلن على شاشاتها أن من يصل إلى مطار أمريكي عليه الاتصال برقم معين وسيأتي من يستقبله فورا لبدء إجراءات رفع قضايا الاضطهاد.

مضطهد لقبطيته وثوريته

وكانت السلطات المصرية قد دخلت في شبه ازمة دبلوماسية مع هولندا، مع اشاعة قيام حزب يميني باستقبال حالات اللجؤ الديني القبطي، وأمام سفارتها بحي الزمالك التقي مراسل “مراسلون” مع مينا وليم -٢٦ عاما-، وفي مقهي مجاور كان يملئ استمارات السفر، وهو من نشطاء حركة ٦ ابريل ومن المشاركين في الثورة، الذي حدثنا كيف أن والده الذي كان يردعه قبل الثورة حين يتحدث عن الثورة، رحب أخيرا بسفره أخيرا وباركه.

يعمل مينا في شركة اتصالات صغيرة، كان قسمه قبل الثورة يضم ٦٠ موظفا  منهم ١٢ اقباط، لكنه تقلص مع الثورة إلي خمسة هو واحد منهم. ورغم أن الشركة لا تمارس ضده تمييزا، بل أن التهنئة الوحيدة التي جاءته في العيد جاءت من زميله السلفي، لكن قيادات الشركة كما يصفها تحاول ركوب الموجة بالتخلص من المسيحين والنشطاء في نفس الوقت، فيحملونه بأعباء خارج نطاق عمله وهم يرددون”اعتبر نفسك رايح مظاهرة”.

الجرين كارد كي تخرج البنت إلى الشارع

يسمي مينا ذلك “بالاضطهاد الذي لايمكن إثباته ومقاضاته”. لكن السيدة العجوز استر بسادة-٥٦ عاما- والتي تعمل إدارية بمدينة نجع حمادي أقصى جنوب مصر، تلفت الانتباه إلى كلمة “نصاري” التحقيرية التي باتت تحاصرها، وتدفعها دفعا في هذا السن لطلب الجرين كارد وانتظارها، فحنينها لزمن الوحدة الوطنية كما عاشته في السبعينات والثمانينات، لايبدو كافيا وهي تحكي كيف أصبح خطف البنات القاصرات اللواتي ينتمين للعائلات القبطية الغنية من حولها أمرا عاديا، وتحكي كيف يصيبها الرعب كلما خرجت ابنتها ترفينا للشارع علي الرغم من صحبة جيرتها الحسنة من المسلمين.

الكنيسة: الهروب من الضيقة هروب من الله

الصمت والنفي لظاهرة ازدياد الهجرة القبطية انتقل من الدولة إلى الكنيسة نفسها، فعلي الرغم من أننا لم نقابل خلال التحقيق إلا من يتحدثون عن الهجرة ولو حتي بلسان غيرهم إلا أن القمص امينوس فارس وكيل مطرانية قنا حيث تعيش استر، يؤكد أن من هاجروا من رعايا كنيسته لايزيدون عن اصابع اليد، فالكنيسة ترفض الدعوات للهجرة، لكنها مغلولة اليد أيضا أمام خوف رعايا تحديدا الشباب، وأن القساوسة لا يملكون إلا أن يذكرونهم بأن الهروب من الضيقة هو هروب من الله نفسه.