نطالب بالتسليح، جملة لم ينطقها المتحدث باسم جهة عسكرية بل تداولتها مؤخرا وبصورة ملفتة للنظر ألسنة ممثلي لقوى مدنية وإسلامية، لا سيما بعد موجة مهاجمة مقرات أحزاب سياسية مثل الوفد وجماعة الاخوان.

نطالب بالتسليح، جملة لم ينطقها المتحدث باسم جهة عسكرية بل تداولتها مؤخرا وبصورة ملفتة للنظر ألسنة ممثلي لقوى مدنية وإسلامية، لا سيما بعد موجة مهاجمة مقرات أحزاب سياسية مثل الوفد وجماعة الاخوان.

على هذه الخلفية جاءت تصريحات عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة في حوار تليفزيوني ليعلن عن رغبته تسليح عدد من شباب الإخوان لحماية المقرات، وهي تصريحات لم تنل رضا الخبير الأمني اللواء احمد بلال الذي وصفها بالغباء السياسي، مؤكدا أن تصريح العريان معناه أن رئيس الدولة الذي كان يوما رئيسا لنفس حزب العريان لم يستطع إدارة الأمور أو فرض الأمن، خاصة وأن وزارة الداخلية تابعة للحكومة التي تتلقى الأوامر من رئيس الدولة”.

شركات الأمن الباب الخلفي للتسليح

حتى الآن لم يتم السماح لأعضاء الإخوان أو غيرهم بحمل السلاح، وهو ما يستبعد اللواء بلال أن يحدث قريبا، لكن تسليح القوى السياسية يمكن أن يأخذ شكلا آخر، وهو شركات الأمن المنتشرة بعيدا عن أعين الرقابة المجتمعية، والتي تسند إليها مهمة حماية بعض الأماكن والمنشآت. اللواء بلال يرى أن من الممكن أن تزرع قوى سياسية مثل الإخوان رجالهم في بعض شركات الأمن التي لا تراعي المهنية في عملها وتتحرى بدقة عن رجالها، وبالتالي من الممكن أن تقوم بترخيص الأسلحة لموظفيها التابعين أساسا لجماعة الأخوان، حسب قوله. كما أوضح أن الإخوان حدث وحصلوا على أسلحة بطريقة غير شرعية كما هو الحال في قضية الحارس الشخصي لخيرت الشاطر نائب المرشد العام، الذي تم القبض عليه وبحوزته سلاح غير مرخص.

تصريحات العريان لم تأتِ من فراغ، بل جاءت بعد مهاجمة مقرات الجماعة والحزب في عدد من المحافظات أولها الاسماعيلية التي تم فيها حرق مقر الجماعة بمنطقة السابعة، وتحطيم واجهة حزب الحرية والعدالة بشارع الثلاثينى. لكن أحمد اسماعيل عضو مجلس الشورى بالاسماعيلية والقيادي بحزب الحرية والعدالة ينفي رغبة حزبه في الدفاع عن مقراته بنفسه، رغم أن تصريحات العريان متلفزة، موضحا أن حماية مقرات الأحزاب والقوى السياسية دور أصيل للشرطة المصرية التي تستقطع من أموال الشعب للقيام بذلك إلا أنها تخاذلت عن آداء دورها مؤخرا، حسب قوله.

مقترح بتسليح خريجي كلية حقوق

ويؤكد اسماعيل أن إسناد الأمر لشركات أمن معناه خصخصة الداخلية، وهذا ما لن يسمح به أحد، مؤكدا أن في حال استمرار الحياد السلبي لرجال الشرطة في القيام بدررهم، فإن هناك عدة بدائل أبرزها إسناد الأمر لخريجي كلية حقوق بعد تأهيلهم، والاستغناء عن قيادات الداخلية الفاسدين، كما حدث في اوكرانيا التي استغنت عن 18 الف شرطى بعد ثورتها“. وأوضح اسماعيل أن حزبه لم يتخلَ عن أهدافه وأبرزها إعادة هيكلة وزارة الداخلية، ولكن حل مجلس الشعب جاء ليؤخر الأمر، الذي سيكون من أولويات مجلس الشعب القادم، حسب قوله.

أما في حال حدوث أي اعتداء بالفعل على مقرات الإخوان في الأيام القادم وخاصة في الذكرى الثانية للثورة، فهل لدى الحزب خطط دفاعية؟ في هذا الصدد أكد مصدر مسئول بالجماعة الإسلامية بالإسماعيلية رفض ذكر اسمه، أن رجالها اتفقوا مع أعضاء الإخوان على حماية المقرات في حال تخاذلت الشرطة عن دورها وهو الأمر الذي نفاه اسماعيل عند سؤالي عن بدائل جماعته لحماية مقراتها.

الوفد يفضل الدروع البشرية

لكن تأمين المقرات لا يؤرق فقط القوى الإسلامية وإنما أيضا أحزابا ليبرالية مثل حزب الوفد الذي تعرض مقره الرئيسي في القاهرة الشهر الماضي للإعتداء. يقول محمد جمعة رئيس لجنة الوفد بفايد الدروع البشرية هي الحل لحماية مقر حزب الوفد“. جمعة خفّ مسرعا من الإسماعيلية إلى مقر حزبه الرئيسي بالقاهرة فور علمه بهجوم الإرهابيين من حركة ابو اسماعيلكما يقول، مؤكدا أنه فوجئ بصديقه الذي غادر معه في سيارته من الإسماعيلية يحمل سلاح آلي غير مرخص، وأوضح هذا الصديق إنه سيستخدمه إذا اقتحم أي شخص مقر حزب الوفد، مبررا ذلك بأنه إذا كانت الداخلية لا تستطيع السيطرة عليهم فإن رجال الوفد قادرون على دحر هؤلاء، وهو الأمر الذي سبب فزعا لجمعة خوفا من أن تتحول الخلافات السياسية لحروب ميليشيات مسلحة من الجانبين.

جمعة اكد أن بعض قيادات الوفد اقترحت إسناد تأمين المقر الرئيسي لشركة أمن، وهو الأمر الذي لم يلق قبولا لدى الجميع، خاصة أنه سيكون ذو كلفة مادية عالية، مؤكدا أن البديل الأنسب حاليا أن يحمي موظفي المقر بجانب رجال الوفد من جميع أنحاء الجمهورية مقراتهم.

الكنيسة تعهد بحراستها لوزارة الداخلية فقط

الأمر لم يختلف كثيرا لدى الدكتور نجيب داود القس بالكنيسة الكاثوليكية الذي اكد أن تأمين الكنائس ومنشئات المسيحيين سيظل في إدارة وزارة الداخلية، لإن الأقباط لن يقبلوا على أنفسهم أن يقتلوا أبناء شعبهم طالما كانت هناك جهات من المفروض أن تلاحق كل مثيري الفتن والقلاقل.

أما جهاز الشرطة فيرى أنه لم يقصر في أداء دوره في عمليات التأمين والحراسة كما يقول اللواء محمد عناني مساعد مدير أمن الاسماعيلية للأمن العام، الذي أكد أن مدرعة وسيارتين أمن مركزي وأخرى للإطفاء كانت مسخرة لتأمين مقر الاخوان المسلمين بالاسماعيلية، كما كانت كل المنشئات الحيوية بالاسماعيلية ومنها الكنائس الرئيسية مؤمنة. محملا مسئولية حرق مقر الجماعة للإخوان أنفسهم وهذا ما ستكشف عنه تحقيقات النيابة التي لا أستطيع البوح بتفاصيلها الآن لأن القانون لا يجيز ذلك، حسب ما يقول. مؤكدا أن النيابة العامة لم تأمر حتى الآن بضبط وإحضار أى شخص ممن وجه لهم الإخوان تهمة حرق المقر بالاسماعيلية.

عنانى يندهش من مطالبة الاخوان بتسليح بعض من رجالهم، فماذا سيفعل رجال الداخلية اذن؟! ..كما يقول مؤكدا أن حياد الشرطة يكون فقط في التظاهرات السلمية أما إذا تطور الأمن إلى الاعتداء على منشئات أو ممتلكات عامة وخاصة، فإن الشرطة لابد أن تتدخل ساعتها، في نفس الوقت اعترف اللواء عناني بصعوبة القبض على أشخاص بأعينهم كي يتم اتهامهم بحرق المقر في تظاهرة شارك فيها المئات.

شركات الأمن الخاصة تحت المنظار

لكن ما هي آليات مراقبة شركات الأمن الخاصة التي يتحدث البعض عنها كبديل لحماية المقرات؟ اللواء عناني يقول إن تحريات واسعة يتم إجراءها على أي مندوب لشركات الأمن كي يستطيع حمل سلاح حي، وهو الأمر الذي يتم الموافقة عليه للمنشئات والهيئات الكبرى فقط مثل هيئة قناة السويس، أما مقرات الأحزاب والقوى السياسية فلا يصح الأمر إطلاقا أن يحمل أى شخص مدني فيها سلاح ناري لحمايتها، حسب قوله.

وعن قدرة أي قوة سياسية في اختراق شركات الأمن يؤكد المستشار محمد سمير، رئيس شركة حراسات خاصة، أن مندوب الأمن مهنة من ليس له أي وظيفة، وكل شركة لها سياسة خاصة في تعيين أشخاص والموافقة على حملهم لأسلحة نارية تم الترخيص لها من قبل الجهات المعنية وابرزها جهاز الأمن العام. لكن لدى شركته إدارة مختصة تعمل على مدار اربع وعشرون ساعة لمتابعة مندوبيه في كل مواقع العمل، والتأكد من حيادهم، وهو الأمر الذي معه لن ينجح الاخوان أو غيرهم من القوى السياسية في زرع رجالهم في شركته دون معرفته. وعن نفسه يقول إن شركته من الممكن أن توافق على حراسة مقرات لأي حزب أو جماعة سياسية إذا طُلب منها ذلك.