وصل الدستور المصري إلي محطته الاخيرة وحصل على أكثر من 63 بالمائة من أصوات الناخبين. لكن هذه النتيجة لم تفلح في تخفيف حالة الترقب والحذر في اوساط المجتمع النسائي المصري نتيجة لما اعتبرنه اهدار لحقوق المرأة في الدستور، وعدم المحافظة على مكتسباتهن النسبية خلال الفترة الماضية، مع عدم تمثيل حقيقي وكافي للمرأة في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور.

وصل الدستور المصري إلي محطته الاخيرة وحصل على أكثر من 63 بالمائة من أصوات الناخبين. لكن هذه النتيجة لم تفلح في تخفيف حالة الترقب والحذر في اوساط المجتمع النسائي المصري نتيجة لما اعتبرنه اهدار لحقوق المرأة في الدستور، وعدم المحافظة على مكتسباتهن النسبية خلال الفترة الماضية، مع عدم تمثيل حقيقي وكافي للمرأة في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. مما دفع بعض الجمعيات و المؤسسات الخاصة بحقوق المرأة لإعلان رفضه الكامل للدستور الجديد، حيث وصفته الجمعيات بالمخيب لآمال المرأة التي شاركت في ثورة 25 يناير و كانت تحلم دائماً بمزيد من الحريات، وبالحصول على حقوقها التي كانت مهدرة في ظل النظام السابق.

الدستور الجديد مخيب لآمال المرأة 

“الدستور الجديد يقضي على حقوق المرأة المصرية و يعيدنا إلى العصور الجاهلية” تقول ميرفت التلاوي رئيس المركز القومي لحقوق المرأة مؤكدة بأن الدستور الجديد يتضمن العديد من المواد التي بإمكانها إجبار المرأة على البقاء في منزلها وحرمنها من العمل و إستكمال دراستها، مؤكدة أن دستور 1971 كان أفضل بكثير من مسودة الدستور الحالي و تقول: “دستور 1971 تضمن العديد من المواد الواضحة و الصريحة التي تحمي المرأة المصرية وتحافظ على حقوقها، و منها المادة الخاصة بعدم التمييز بين المرأة و الرجل والمساواة بينهما، ولكننا فوجئنا في الدستور الجديد بغياب هذه المادة وبالتالي أصبح من السهل التمييز بينهما، خاصة وأن البعض يحاول استغلال أحكام الشريعة الإسلامية بشكل خاطئ من أجل فرض شروط و قيود على المرأة وحرمانها من النزول للعمل أو استكمال دراستها.”

و تضيف “تغيب في الدستور الجديد المواد التي ترفض التجارة بالبشر ونبذ العنف، رغم أنها كانت متواجدة في دستور 1971 وبالتالي من السهل أن تستغل المرأة و يمارس ضدها العنف بإجبارها بترك تعليمها والزواج في سن لا يتعدى العشر سنوات، حتى الآن لا أستطيع استيعاب فكرة غياب هذه المواد من الدستور الحالي ولذلك يمكنني القول بأن هناك خطة للعودة بالنساء إلى العصور الجاهلية والتقييد من حرياتهن”.

تلاوي أوضحت بأن الدستور اختصر كل حقوق المرأة في المادة العاشرة والتي نصت على كفالة الدولة لخدمات الأمومة والطفولة وأيضاً مساعدة الدولة للمرأة المطلقة و الأرملة وتقول: “للأسف الدستور الحالي تعامل مع المرأة كزوجة و أم و نسى انها إنسانة لها الحق في الحصول على حياة كريمة و لها العديد من الحقوق يجب الحصول عليها بشكل كامل.” وتضيف: “هناك كارثة أخرى يتضمنها الدستور الجديد و هي التي تلزم الدولة و المجتمع  بحماية الأخلاق و التقاليد و بالتالي غاب القانون بشكل كامل في هذه المادة بل و من الممكن أن نجد جماعات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر متواجدة في المجتمع المصري بحجة الحفاظ على الأخلاق و التقاليد كما نصت المادة”.

غياب المواد الخاصة برفض العنف والإتجار بالبشر

اتفقت دكتور عزة سليمان رئيس المركز المصري لقضايا مع ميرفت تلاوي في أن الدستور الجديد جاء مخيبا لآمال نساء مصر بل ووصفته “بالأكثر سوءاً و أشد قبحاً من دستور 1971″ وتقول إن اللجنة التأسيسية تعاملت مع المرأة بطريقة نمطية للغاية، مضيفة: ” دستور 1971 تضمن مواد تؤكد على الحفاظ على الإتفاقيات الدولية التي بإمكانها حماية المرأة و الحفاظ على حقوقها إلا أنها غابت تماماً في الدستور الجديد، فالدستور الجديد لم يحتوي على مادة تؤكد على ضرورة المساواة بين الرجل و المرأة في كافة المجالات، كما أنه لم يؤكد على أهمية العدالة الإجتماعية، كذلك لم يكن هناك مادة ترفض ممارسة العنف ضد المرأة او الإتجار بها، وبالتالي أرى أن النساء في مصر يمرون بمرحلة خطيرة و صعبة”.

تمثيل ضعيف للمرأة في اللجنة التأسيسية

زينب شاهين أستاذ علم الإجتماع و خبيرة قضايا المرأة أكدت أن الدستور الجديد ركز على الدور التقليدي للمرأة بينما تجاهل دورها كامرأة عاملة ولها دور مؤثر في المجتمع لزيادة عجلة الإنتاج والمساهمة في النهوض بإقتصاد الدولة و تقول: “الدستور تضمن مواد بها تكريس لدور المرأة التقليدي وتعامل معها كأم و زوجة ولم نجد إشارة واحدة على دورها كامرأة عاملة لها حقوق ومتطلبات في المجتمع.” وتضيف: “دستور 1971 كان أفضل بكثير من مسودة الدستور الحالي و الذي تغيبت منه العديد من المواد وأهمها عدم التمييز بين الرجل و المرأة في العمل”.

زينب شاهين تطرقت أثناء حديثها معنا عن تمثيل المرأة في اللجنة التاسيسية للدستور وتقول: “تشكيل اللجنة التأسيسية كان غير مرضي وكنا نطالب بأن تصل نسبة النساء المشاركين في هذه اللجنة إلى 50% من إجمالي عدد أعضاء اللجنة إلا أننا فوجئنا بتواجد ست نساء فقط وبالتالي فهذه اللجنة لا تعبر عن نساء مصر”.

الدستور حريص على إعلاء شأن المرأة

إختلف ثروت بدوي، الفقيه الدستوري وعضو اللجنة الإستشارية للجمعية التأسيسية لوضع الدستور مع كافة الأراء السابقة، ورفض عقد مقارنة بينه وبين دستور 1971 و الذي وصفه بالأسوأ و يقول : “لا يوجد دستور في العالم كان حريصا على الإعلاء من شأن المرأة كما فعل الدستور الحالي، فالمادة العاشرة نجحت في ضمان حقوق المرأة حيث أنها نصت على مساعدة الدولة للمرأة الطلقة و الأرملة وأيضاً المعيلة، كما أنها أكدت على ضرورة تقديم الحكومة كافة الخدمات التي تتعلق بالأمومة والطفولة”.

ورغم حذف المادة الخاصة بالمساواة بين الرجل و المرأة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية من المسودة بعد ضغط العديد من الجمعيات والمؤسسات الخاصة بحقوق المرأة، إلا أن ثروت بدوي أكد أن هذه المادة كانت تحرص على الحفاظ على حقوق المرأة ليس مقصودا بها التقييد من حريتها، ويقول: “المقصود من تلك المادة إجبار الرجل على الإنفاق عليها وليس كما روج البعض بانها تسعى لإجبار المرأة على بقاء المرأة في منزلها”.

قوانين سوزان مبارك بين الإبقاء والحذف

هل هناك خطورة على قوانين الخلع و الحضانة والتي باتت تُعرف “بقوانين سوزان مبارك” خاصة وأنها صدرت أثناء توليها لمنصب رئيس المركز القومي لحقوق المرأة؟

ميرفت تلاوي أعلنت رفضها الكامل لمصطلح قوانين سوزان مبارك مؤكدة أن قانون الخلع تم سنه قبل تولي سوزان مبارك هذا المنصب، أما القوانين الخاصة بحصول الأبناء على جنسية الأم و حقها في حضانة ابنائها حتى بلوغهم سن الرشد فهي كانت نتيجة لمطالب كثيرة نادت بها الكثير من الجمعيات الخاصة بحقوق المرأة ولا تخص سوزان مبارك في شئ. ميرفت تلاوي أكدت أن هذه القوانين تواجه خطورة شديدة في ظل عدم التأكيد على أهميتها في المسودة الخاصة بالدستور الحالي وتقول: “هناك مادة في الدستور تنص على أن القوانين الحالية سارية المفعول مادامت لا تتعارض مع مواد الدستور الجديد و بالتالي من الممكن أن نفاجئ بإلغاء قوانين الخلع والحضانة خاصة وأنها غير منصوص عليها في الدستور الجديد”.

اما ثروت بدوي فأكد على خطورة هذه القوانين واختلف بشكل كامل مع ميرفت تلاوي، بل وهاجم المجلس القومي للمرأة الذي كانت ترأسه سوزان مبارك سابقاً، وتتولى ميرفت تلاوي رئاسته في الوقت الحالي، مؤكداً ان هذا المجلس يحاول التمييز بين الرجل والمرأة وشحن النساء في مصر ضد الرجال ويقول: “قوانين سوزان مبارك كانت سببا رئيسيا في ازدياد حالات الطلاق و يجب التخلي عنها حتى نقضي على التمييز و نحقق مبدأ المساواة.”