أدهشت ثورة الخامس والعشرين من يناير العالم بسلميتها وتماسك شبابها حتي إسقاط النظام، وانصهرت كافة القوى السياسية من كافة الاتجاهات او الايديلوجيات سواء من اليسار او القوي الليبرالية او تيارات الاسلام السياسي، في بوتقة الثورة واضعين في أذهانهم هدفا واحدا وهو إسقاط النظام.

إلا أن المشهد تغير تدريجيا خلال العامين اللذين تلا قيام الثورة، وقامت الاختلافات السياسية بشق وحدة الشباب حتي وصلت إلى حد التكفير والتخوين والصدام المسلح والذي ظهر جليا أمام قصر الاتحادية.

أدهشت ثورة الخامس والعشرين من يناير العالم بسلميتها وتماسك شبابها حتي إسقاط النظام، وانصهرت كافة القوى السياسية من كافة الاتجاهات او الايديلوجيات سواء من اليسار او القوي الليبرالية او تيارات الاسلام السياسي، في بوتقة الثورة واضعين في أذهانهم هدفا واحدا وهو إسقاط النظام.

إلا أن المشهد تغير تدريجيا خلال العامين اللذين تلا قيام الثورة، وقامت الاختلافات السياسية بشق وحدة الشباب حتي وصلت إلى حد التكفير والتخوين والصدام المسلح والذي ظهر جليا أمام قصر الاتحادية.

مراسلون التقت شابين ممن شاركوا في ثورة الخامس والعشرين من يناير أحدهما يساري من حركة السادس من ابريل والآخر من جماعة الاخوان المسلمين. هذان الشابان تعرفا علي بعضهما البعض في ميدان الساعة بدمياط في الثامن والعشرين من يناير وبدءت بينهما صداقه واشتركا معا في مواجهه الامن في جمعة الغضب واشتركا في اللجان الشعبية لتأمين المنشآت العامة عقب انسحاب الشرطة من الشوارع وكانا عضوين في ائتلاف شباب الثورة، ولكن الأحوال تغيرت والصداقة تبدلت إلى خلاف سياسي ثم اختلاف فقطيعة بين الطرفين لتتحول الآن إلى عداء كامل.

ائتلاف شباب الثورة

فادي ابو سمرة 24 عاما عضو في حركة 6 ابريل جبهه احمد ماهر أكد أنه كانت له صداقات كثيرة من جماعة الاخوان المسلمين والتيار السلفي إلا أنه خسر غالبية هذه الصدقات وتحولت بعضها الي عداء بسبب عدم تفريق الكثير من هؤلاء بين الخلاف السياسي والعلاقة الانسانية.

إحدى هذه الصداقات القوية كانت مع الدكتور اسامة حسن أحد شباب الاخوان، فهما من نفس الجيل، التقيا في الميدان، وتصديا معا لهجوم الشرطة في جمعة الغضب وتبادلا نوبات الحراسة على البنوك والمنشآت العامة وتصديا للبلطجية. وفور تنحي مبارك اشتركا معا في ائتلاف شباب الثورة ليكون حاضنا لكل الشباب الذين قاموا بالثورة بعيدا عن أي انتماء سياسي أو حزبي.

خلافات في التوجهات

الا انه ومع توالي الاحداث السياسية بدأت تحدث خلافات في الرؤى ومن النمط الذي يتربي عليه شباب الاخوان منذ دخولهم الجماعة وإعمالهم لمبدأ السمع والطاعة، كما يقول أبو سمرة. وبدأت الفجوة بين التيارات المختلفة في الاتساع وبخاصة في استفتاء مارس والذي أسمته التيارات الاسلامية بغزوة الصناديق.

ويواصل أبو سمرة قائلا “تزايدت الفجوة بيني وبين صديقي أسامة خاصة عندما كنت انتقد مواقف جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وتخليها عن شباب الثورة في الميدان لحصد مكاسب سياسية سواء في أحداث محمد محمود او مجلس الوزراء، وأدى ذلك إلى حدوث قطيعة شبه كاملة”.

ثم اختلفت الأمور قليلا في المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية، كما يروي أبو سمرة، فعندما أعلنت حركة ٦ ابريل عن مساندتها للدكتور محمد مرسي أمام الفريق احمد شفيق عادت الاتصالات من اسامة مرة أخرى، وبعد أن كان يشن هجوما كبيرا على الحركة وأعضاءها على صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ويتهمها بالخيانة والعمالة للغرب ويسميها بحركة 6 ابليس، أعاد الدفء لعلاقته بأبي سمرة وأخذ يتصل به ويشيد بالحركة وأعضاءها وبأنهم “أحسن رجالة في مصر”.

“السبب طبيعة الإخوان”

الموقف تغير إذن 180 درجه بعد مساندة حركة ٦ ابريل لمحمد مرسي، مما أثار فضول أبي سمرة، فصارح  صديقه أسامة بأنه ليس متأكدا من أن هناك صداقة حقيقية بينهم، فهي تتغير بتغير الموقف السياسي. ومرت أيام قليلة وانسحبت الحركة من التأسيسية وأعلنت معارضتها للإعلان “الديكتاتوري” لمحمد مرسي، كما وصفه أبو سمرة، ليحدث ما توقعه فقطع أسامة علاقته بصديقه تماما، وعاد مرة أخرى لاتهام ٦ ابريل بالعمالة والخيانة والتحالف مع الفلول.

سبب فشل هذه الصداقة هو طبيعة حركة الإخوان المسلمون من وجهة نظر أبو سمرة، حيث يقول إن الحركة تبرمج أعضاءها على الولاء التام للحركة دون تفكير أو فهم أو ربط منطقي لمواقف الجماعة، فأي موقف تأخذه الجماعة هو لصالح الاسلام وأي رأي يراها قادتها هو لنصرة الاسلام، وبالتالي فإن رؤية أعضاءها للآخرين تتغير حسب رؤية الجماعة للآخر.

“المرونة غائبة لدى الحركات الليبرالية”

اما أسامة حسن 33 سنه احد شباب الاخوان المسلمين فأكد أنه لا يكفر احدا، ولكن الاخرين من شباب الحركات الثورية هم من لا يقبلون أي خلاف او اختلاف معهم في الرؤي السياسية ومن يختلف معهم فهو خائن للثورة مفرطا في دم الشهداء وهو ما يظهر واضحا في هتافاتهم.

وأضاف حسن عندما جمعت ميادين مصر شباب الثورة من كافة الاتجاهات نجحت الثورة لان الجميع ترك مصلحته الشخصية وانتمائه الحزبي خارج الميدان. ومضى يقول “كنا يدا واحدة ولكن ومن الطبيعي جدا وبعد نجاح الثورة أن يفكر كل فصيل وحزب سياسي حسب ايديلوجته وفكره ومدرسته السياسية فاليساري لا يمكن ان يكون ليبرالي والاسلامي لا يمكن أن يكون علماني مشيرا إلى أن أصدقاءه من المنتمين للتيار اليساري سواء حركة 6 ابريل او الاشتراكيين الثورين او غيرهم لا يريدون الاقتناع باننا كحركة اسلامية لنا رؤية مختلفة عنهم وأن هذا لا يعني بالضرورة أننا غير وطنيين أو أننا نفرط في دم الشهداء”.

“الخلاف تحول إلى كراهية”

ما يسميه البعض مرونة في الموقف، يسميه البعض الآخر تفريطا في الحقوق. لكن الموقف تحول من اختلاف في وجهات النظر إلى قطيعة شاملة بعد الأحداث الأخيرة أمام قصر الاتحادية، حيث يقول حسن إنه قطع كل علاقته بشباب الثورة والذين كانوا معه في الميدان بعد أن قام بعض هؤلاء بمهاجمة مقر حزب الحرية والعدالة والمكتب الاداري لجماعة الاخوان لدمياط، “لأن الخلاف السياسي تحول لكراهية ومحاولة اقصاء من التيارات السياسية الأخرى”.

 

الي هنا انتهى كلام فادي سمرة واسامة حسن، وتحولت الصداقة التي بدأت في ميدان الساعة في ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى قطيعة ثم عداء بسبب الشد والجذب والخلافات السياسية التي حدثت بين التيارات السياسية المختلفة. فهل خبت جذوة الثورة مع كم الحقد والتخوين المتبادل الذي ولدته الاختلافات السياسية بسبب ما تشهده مصر الان من صراعات؟ أم هل سيجد الشباب أرضية مشتركة أخرى؟ أسئلة ستكشف عنها الأيام القادمة.