شغل المستشار مصطفى عبد الجليل منصب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي تشكل إبان الثورة الليبية، وبقبوله تلك المهمة وضع نفسه في مواجهة مسؤولية تاريخية صعبة، حتمت عليه التعامل مع قضايا وحوادث معقدة وشائكة جداً، كان مسؤولاً عنها بشكل مباشر أو غير مباشر باعتباره رأس هرم السلطة في ليبيا لحوالي عام ونصف.

من أكثر تلك الملفات صعوبة قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس آخر وزير داخلية في عهد القذافي، والذي تتهم أسرته عبد الجليل بالضلوع فيها أو التغطية على مرتكبيها الحقيقيين.

زار “مراسلون” المستشار في بيته وأجرى معه حواراً مطولا فيما يلي نص الجزء الأول منه:

شغل المستشار مصطفى عبد الجليل منصب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي تشكل إبان الثورة الليبية، وبقبوله تلك المهمة وضع نفسه في مواجهة مسؤولية تاريخية صعبة، حتمت عليه التعامل مع قضايا وحوادث معقدة وشائكة جداً، كان مسؤولاً عنها بشكل مباشر أو غير مباشر باعتباره رأس هرم السلطة في ليبيا لحوالي عام ونصف.

من أكثر تلك الملفات صعوبة قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس آخر وزير داخلية في عهد القذافي، والذي تتهم أسرته عبد الجليل بالضلوع فيها أو التغطية على مرتكبيها الحقيقيين.

زار “مراسلون” المستشار في بيته وأجرى معه حواراً مطولا فيما يلي نص الجزء الأول منه:

 

س- كيف تم هذا التوافق السريع على تشكيل المجلس الانتقالي الليبي في بداية الثورة؟

ج- ذلك تم بإرادة الله وليس إرادة الليبيين، ونحن في البداية قمنا بدعوة الإخوة من طبرق والمرج ودرنة وبنغازي واجدابيا في مدينة البيضاء من أجل التآلف، ثم اتصل بنا الدكتور محمود جبريل ناصحاً بضرورة تكوين مجلس.

اجتمعنا مرة ثانية ثم دعونا مجموعة أخرى كانت تجتمع بالجامعة الدولية للعلوم الطبية ببنغازي ويرأسها محمد سعد بالروين، فتقدم محامي يدعى عمران بورويس بمقترح لتشكيل مجلس انتقالي، حيث حضرنا إلى بنغازي وشكلنا المجلس من رئيس وناطق على أن يكلف كل مجلس محلي من يمثله.

 

س- هناك اعتقاد سائد لدى الكثير من الليبيين بأن أجزاءً كبيرة من قصة اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس معروفة لديك وترفض الإفصاح عنها. ما ردك؟

ج- لقد قلت من قبل في التحقيق وفي عدد من المقابلات التلفزيونية إن الإسلاميين المتطرفين – الذين حاولوا اغتياله يوم انشقاقه وقتل من كان بجانبه –، يقولون إن كتيبة الصاعقة التابعة للواء عبد الفتاح يونس هي التي قمعتهم في درنة وفي أودية رأس الهلال أيام كان وزيراً للداخلية في عهد القذافي.

لذلك لم يرغبوا بظهوره في المشهد أو أن يقاسمهم المشاركة في الثورة، وهذا ما دفعنا إلى إنشاء غرفتين أمنيتين، واحدة خاصة بالجيش يرأسها هو وأخرى خاصة بالثوار، لأنهم منعوه من المجيء وهددوه بالقتل إن فعل وبدأوا بتحميله مسؤولية الأخطاء رغم أن أغلبها لم يكن هو السبب فيها.

وهذا ما حدا بالمجلس لإحالة الأمر للمكتب التنفيذي الذي شكل لجنة للتحقيق كان أول قرار تتخذه هو القبض على اللواء، وكان من المفترض بحسب القرار أن تعتقله مجموعة من الضباط، لكن الضباط رفضوا بدعوى أن ذلك لابد أن يتم عن طريق المجلس الوطني أو عن طريق الشرطة العسكرية، لذلك تم تكليف الثوار بالأمر وقامت المجموعة المتطرفة التي كانت تتحين الفرصة بتصفيته بعد اعتقاله.

س- لكن محمد حامد المتحدث الرسمي لعائلة اللواء عبد الفتاح يونس حول القضية قال أن اللواء تم اغتياله قبل ذلك بكثير، حين قمت بصفتك رئيس المجلس الوطني الانتقالي بسحب صلاحياته واقتصر دوره على الجانب المعنوي؟.

ج- أنا لم اسحب صلاحياته فهو كان يتعامل مع وزير الدفاع الذي أتينا به بسبب الخلاف الحاد الذي كان بين اللواء يونس وبين خليفة حفتر (الذي كان ينافسه على قيادة القوات العسكرية)، لأن الوزير كان معلّم اللواء في الكلية العسكرية ويحظى باحترام  الرجلين، فقام بتوزيع الاختصاصات بينهما وبين الثوار.

س- هل حدثت أية اجتماعات بين قبيلتك (أولاد حمد) وقبيلة العبيدات التي ينتمي لها اللواء عبد الفتاح يونس لحل هذا الملف؟

ج- قبيلة العبيدات موقفها كان مشرفاً حول هذه القضية منذ البداية رغم الوضع الحرج الذي وضعت فيه، ولكن عندما كثر القيل والقال وحاول من يحملون لواء الفتنة الدخول في القضية، عُقد اجتماع قبلي بمنطقة قصر المقدم (جنوب البيضاء) بين أعضاء من المجلس المحلي لمدينة البيضاء وقبيلة العبيدات، التي تم إبلاغها  بأنه إذا كان لديها أي شك في شخص مصطفى عبد الجليل فإنه على استعداد لأداء اليمين هو وأهله ومن تختاره، ولكننا لم نتلقَ أي رد منهم حتى الآن.

س- قضية هروب بشير صالح (مدير صندوق الاستثمار الليبي في أفريقيا أو كما كان يسمى محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار LAP)، شغلت الرأي العام في ليبيا واتهمتم بالضلوع فيها، ما الذي يمكن أن تقوله بهذا الخصوص؟

ج- هذه القضية لدى مكتب النائب العام للتحقيق فيها. وأنا كنت في تلك الفترة أنوي السفر للسودان وأعلم أن بشير صالح لديه الكثير من الخبايا حول الاستثمارات الإفريقية ويقيم في “فيلا” فيما يشبه الإقامة الجبرية تحت سيطرة إحدى كتائب الزنتان.

قابلته وأخذت منه بعض البيانات عن استثماراتنا في السودان، وتعهد بأنه سيقدم لي بياناً عن كل استثمارات المحفظة الإفريقية في دول عدة، ثم خرجت، لكنني لم أعطِ أي إذن شفوي أو كتابي بإخراجه، ومن يتهمونني عليهم أن يثبتوا عكس ذلك، والشيء الوحيد الذي قلته هو أن هذا الرجل طيب ومن أصل طيب وعليهم أن يعاملوه معاملة حسنة.

هل هذه العبارة تعني أن يتم إخراجه؟ هذا كل ما قلته.

س- وما نوع المعاملة التي كان بشير صالح يتلقاها أثناء وجوده تحت الإقامة الجبرية؟

ج- لقد أخبرني بنفسه أنه كان يتلقى معاملة جيدة، إلا أن ذلك قيل في وجود أفراد الكتيبة والله أعلم. لكنه كان تحت الإقامة الجبرية ولم يكن مسجوناً.

 

(يتبع في الأسبوع القادم)