الجماعات الصوفية بتراثها العريق في مصر، ورغم ما اتسمت به تقليديا من اعتزال المعترك السياسي، لم تكن بمنأى عن تبعات الثورة.

فمن ناحية اتخذت الخلافات الفقهية بينها وبين الجماعات السلفية، بعد استقواء شوكة الأخيرة، نبرة أكثر حدة وصلت إلى محاولات لهدم أضرحة الأولياء واتهامات علنية للصوفية بأنها بوابة التشيع في مصر وذراع ممتدة للدولة الإيرانية. حتى أن مشايخ الصوفية أمسوا من أكثر الرموز الدينية إنحيازا للدولة المدنية، بل ذهبوا في ذلك أبعد من الأزهر نفسه.  

الجماعات الصوفية بتراثها العريق في مصر، ورغم ما اتسمت به تقليديا من اعتزال المعترك السياسي، لم تكن بمنأى عن تبعات الثورة.

فمن ناحية اتخذت الخلافات الفقهية بينها وبين الجماعات السلفية، بعد استقواء شوكة الأخيرة، نبرة أكثر حدة وصلت إلى محاولات لهدم أضرحة الأولياء واتهامات علنية للصوفية بأنها بوابة التشيع في مصر وذراع ممتدة للدولة الإيرانية. حتى أن مشايخ الصوفية أمسوا من أكثر الرموز الدينية إنحيازا للدولة المدنية، بل ذهبوا في ذلك أبعد من الأزهر نفسه.  

من ناحية أخرى لم يسلم الصوفية من النقد من قبل المعسكر المدني، لما عرف عن بعض المشايخ من تأييد صريح للحزب الوطني إبان النظام البائد، وعلى رأسهم عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية قبل وبعد الثورة، ونائب الشورى السابق عن حزب مبارك. وآخر هذه المواجهات ما نشرته الصحف عن انضمام القصبي وغيره من كبار المشايخ لحزب الحركة الوطنية، حزب المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق تحت التأسيس، وهو ما نفاه القصبي لاحقا.  

جابر قاسم الخولي، وكيل المشيخة الصوفية في محافظة الإسكندرية ووجه بحري، يؤكد في حوارنا معه على تمسك الجماعات الصوفية بمدنية الدولة، وعلى حرصها على العمل مع كافة الأطياف لكسر احتكار الإسلاميين للمجال السياسي. من ناحية أخرى نفى الخولي أن يكون أي شيخ من مشايخ الصوفية قد انضم لحزب شفيق المزمع.

مراسلون: كم عدد الصوفيين في مصر؟

الخولي: نحو 15 مليون صوفي منهم 3 ملايين في الإسكندرية طبقاً لإحصاءات المجلس الصوفي

س: هل للصوفية دور داخل الحراك السياسي في مصر؟

[ibimage==2529==Small_Image==none==self==null]

جابر قاسم الخولي

ج: الدور الرئيسي للصوفية هو الدعوة إلى الله بوسطية واعتدال الأزهر، والمحافظة على السيرة المحمدية وسيرة آل البيت، والمشيخة العامة للطرق الصوفية مؤسسة دينية ذات مرجعية دينية طبقا للقانون رقم 118/1976 و لا تعمل بالعمل السياسي، ولكن تسمح باستعمال الحق الدستوري بديمقراطية وبحرية لأتباعها في أن يمارسوا العمل السياسي بصفتهم الشخصية، وبالتالي يكون من حقهم تكوين أحزاب أو الإنتماء لها ولأنهم مواطنون مكفول لهم هذا الحق.

س: هل المشيخة الصوفية مع مدنية الدولة؟

ج: ما أثلج صدورنا هو خروج الوثيقة التاريخية الأزهرية التي تتحدث عن دعم الدولة المدنية وتلتزم بالدولة الوطنية الدستورية ومبادئها الديمقراطية ونأمل أن يخرج دستور مصر والمصريين منسقا مع فحوى هذه الوثيقة، و نحن مع الدولة المدنية التي لا تعرف الحكم القائم على الإيديولوجيات الدينية أو العسكرية أو التي تستند إلى ولاية الفقيه.

ونحن مع الحكومة المدنية التي تنشأ من الشعب مصدر السلطات بجميع طوائفه وبانتخابات حرة نزيهة ولا تتمتع بأية قدسية وتكون مسئولة أمام نواب الشعب، والجميع يخضعون لرقابة قضائية مستقلة.

س: ما هو دور الصوفية في صياغة الدستور؟ وما رأيكم في الصيغ التي تم التوصل إليها إلى الآن؟

ج: استحواذ التيار الإسلامي على البرلمان والشورى ولجانهما بنظام “المغالبة” وليس “المشاركة” أدى لقيام اللجنة التأسيسية الحالية باستبعاد المشيخة العامة للطرق الصوفية، في حين كانت ممثلة في اللجنة الأولى.

أما بالنسبة للصيغ الدستورية فنص المادة رقم (2) “الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية في تفسيرها…” كان يتعين ذكر ما يخص شرائع غير المسلمين، وكان لابد عدم إدخال الأزهر الشريف في الصراعات السياسية بجعله مرجعية نهائية، فيقرر مدى دستورية أي قانون من حيث مخالفته مبادئ الشريعة بدلا من القضاء. أيضا نصت المادة المستحدثة علي أن “الذات الإلهية مصونة يحظر المساس أو التعريض بها، وكذا ذوات أنبياء الله ورسله جميعا، وكذلك أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين…”

هذه المادة لا نوافق عليها، فكيف نقحم الذات الإلهية في صيغ دستورية من هوى البشر وهو سبحانه وتعالى القادر على الصيانة وليس البشر، بل نرى أن المادة تحمل في طياتها فكرا تآمريا.

كما نصت المادة 36  علي أن “تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في سائر المجالات دون إخلال بإحكام الشريعة الإسلامية،” هذه المادة تسئ للشريعة الإسلامية، فتتهمها ظلما بأنها ضد مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات، بالإضافة إلي أنها تخالف نص المادة رقم (2).

س: ماذا عن إعلان كبار مشايخ الصوفية انضمامهم لحزب أحمد شفيق المرشح السابق للرئاسة؟

ج: أولا الحزب لم يؤسس حتى الآن، بالإضافة إلي أنه لم يصدر عن كبار المشايخ بيان رسمي بالانضمام إلى الحزب وبخاصة سماحة شيخ المشايخ أعلن أنه لم ينضم، وكذلك شيخ الطريقة العزمية وغيرهم من كبار المشايخ.

س: ماذا عن دور الطرق الصوفية في الانتخابات البرلمانية القادمة؟ وهل هناك خريطة سوف يعملون عليها؟

ج: الصوفية لديهم 3 أحزاب هم “نهضة مصر، والتحرير المصري، والنصر،” وجاري التنسيق فيما بينهم والاتفاق على عمل كتلة حزبية بحيث تنضم إلى القوى الحزبية المدنية الكبيرة .

س: هل اقتحمت السياسة حلقات الذكر والموالد للتصدي للإسلاميين؟ وهل للصوفيين نشاط دعوى أو سياسي في هذا السياق؟

ج: نشاط الصوفية في حلقات الذكر والموالد نشاط دعوي قائم علي الحب والتسامح والاعتدال والوسطية، أما بالنسبة للنشاط السياسي فجارى إنشاء لجان للتثقيف السياسي من خلال الأحزاب الصوفية والجمعيات المنبثقة من الصوفية لهذا الغرض.

س: في النهاية كصوفي مصري ما هي تخوفاتك وما هي متطلباتك؟

ج: تخوفاتي من الإستمرار في صوغ الدستور بهذا الشكل وإستمرار سيطرة الإسلاميين علي مناحي الدولة وإقصاء الأخر. ومتطلباتي أن أشعر بالمواطنة مع إخواني الأقباط وكل منا يأخذ حقه في البلد دون أي إهدار.