تقول الأسطورة أن جبل الشعانبي، أعلى قمة في البلاد التونسية، استمد اسمه من أحد المغامرين الحالمين، الذي قدم إلى المكان بحثا عن كنز، وفي كل مرة كان يحفر حفرة ولا يجد بها الكنز يضع مكانها شجرة صنوبر، فكان بذلك جبل الشعانبي أو جبل الصنوبر.

أهالي القصرين (200 كلم غربي تونس) لا يصدقون كثيرا هذه الأسطورة، ومع ذلك فهم كثيرا ما يقولون أنهم ورثوا عن الشعانبي حلمه ومغامرته وإصراره.

فقد بادر بعض الشباب متسلحين بالمغامرة والأمل إلى إطلاق أول إذاعة في تاريخ الجهة، وأصروا أن تستمد اسمها من جبلهم الشعانبي.

تقول الأسطورة أن جبل الشعانبي، أعلى قمة في البلاد التونسية، استمد اسمه من أحد المغامرين الحالمين، الذي قدم إلى المكان بحثا عن كنز، وفي كل مرة كان يحفر حفرة ولا يجد بها الكنز يضع مكانها شجرة صنوبر، فكان بذلك جبل الشعانبي أو جبل الصنوبر.

أهالي القصرين (200 كلم غربي تونس) لا يصدقون كثيرا هذه الأسطورة، ومع ذلك فهم كثيرا ما يقولون أنهم ورثوا عن الشعانبي حلمه ومغامرته وإصراره.

فقد بادر بعض الشباب متسلحين بالمغامرة والأمل إلى إطلاق أول إذاعة في تاريخ الجهة، وأصروا أن تستمد اسمها من جبلهم الشعانبي.

لم تمنع قلة الإمكانيات المادية والتقنية وظروف العمل الصعبة أبناء الشعانبي من الحلم. يقول همام التليلي أحد التقنيين العاملين في الإذاعة، “الانطلاقة كانت صعبة ومتعثرة، لكننا كنا مصرين على النجاح”.

ويضيف “إذاعتنا تفتقر إلى أقل المستلزمات حيث أن الفريق التقني العامل يضطر إلى قطع الإرسال عند نزول الأمطار والرعد وذلك بسبب عدم توفر مضاد الصواعق من أجل حماية الفريق العامل والمؤسسة والبيوت القريبة”.

لكن رغم محدودية الإمكانيات وظروف النشاط الصعبة التي اتسمت بالتعثر والتذبذب كسبت هذه الإذاعة بشكل سريع ومذهل ثقة “المستمع الفقير إلى المعلومة”، وأصبحت الأكثر استماعا من قبل الأهالي وحتى في الجهات وفي القرى المجاورة.

يواصل همام أن فريق العمل المتكون من مجموعة من الشباب تناضل يوميا للتغلب على المصاعب التقنية وقلة الإمكانيات.

ويقول بنبرة تحدي “رغم كل شيء نحن الآن أفضل، فقبل أشهر حين بدأنا لم يكن بحوزتنا سوى حاسوب وسيرفر (مخدّم)”. 

ويشير إلى أن فريق العامل تولى بنفسه تركيز استوديوهات الإرسال دون الاستعانة بخبراء في الاختصاص وهو ما أفضى لاحقا إلى مشكلات عدة يعمل الفريق على معالجتها، إذ إن الصوت في الاستديو على سبيل المثال يسمع خارجا خلافا لما من المفترض أن يحدث.

هبات من الأهالي

من ناحية أخرى تقول زكية جدي، صحفية بقسم الأخبار بالإذاعة، “إن قاعة التحرير لا تحتوي على أي حاسوب وان الطاولات المخصصة للصحفيين بالقسم كانت مجرد هبات من الأهالي” .

وتتنقل زكية يوميا من وسط القصرين إلى مقر الإذاعة لتقديم برنامج “نحن الأطفال” متطوعة شأنها شأن  بقية الفريق العامل في انتظار تسوية أوضاعهم المرتبطة بتوفير الموارد المالية للإذاعة.

وعبرت عن أسفها لصعوبة الحصول على المعلومات لعدة أسباب تقول أن أبرزها عدم اشتراك الإذاعة  مع “وكالة تونس إفريقيا للأنباء” مثل باقي المؤسسات الإعلامية للحصول على المستجدات اليومية وهو ما يعمق مشكل الصحافيين في الحصول على المعلومة إضافة إلى عدم امتلاك لسيارة خاصة لنقل المراسلين إلى مواقع الأحداث.

وتضيف زكية لـ “مراسلون” “نحاول التفرد بالحديث عن مشاغل الناس هنا في القصرين وفي القرى المجاورة، لكننا مازلنا نواجه مشكلة عدم تقبل بعض الأهالي في مدينة القصرين لميكرو إذاعة الشعانبي بسبب الخوف أو الخجل، فهي المرة الأولى التي يواجهون فيها ميكروفون” .

في السياق ذاته قالت ثريا القاسمي صحفية بقسم الأخبار، والتي التحقت بالفريق منذ شهرين بعد حصولها على الإجازة التطبيقية في علوم الصحافة والاتصال، إنها تواجه مثل باقي زملائها المتطوعين  في القسم المشاكل نفسها، “لكن ذلك لن يمنعنا من المثابرة والعمل من أجل إيصال صوت المواطن البسيط في الجهة إلى الجهات المسؤولة” .

وتضيف القاسمي “نجد كفريق عامل الاحترام والتقدير وكل الصحفيين أصبحوا معروفين والناس يعاملوننا بطريقة خاصة ويمدون لنا يد العون، لأن الكل يدرك أننا متطوعين”.

حلم الثورة

يقول الشاذلي التليلي مدير إذاعة “الشعانبي ف.م” إن “المشروع كان وليد حلم أهالي القصرين الذين دفع أبناؤهم من أجل مطالب الكرامة والتشغيل ونحن هنا لإيصال أصواتهم والتعريف بالمخزون الثقافي”.

عن أحداث الثورة في مدينة القصرين يقول إن الإعلام “تجاهل أصوات القتل وإطلاق الرصاص الحي”، فاكتفت القناة الوطنية بنقل أحد المباريات في كرة القدم في وقت كانت فيه القصرين تموت وتالة محاصرة وتنزف.

وقدمت القصرين 22 شهيدا لتحتل بذلك المرتبة الأولى من حيث عدد الشهداء في الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الدكتاتور بن علي .

ويضيف “شعر أهالي القصرين بعد تأسيس إذاعات في المناطق المجاورة، تحديدا في الكاف وقفصة، شعروا بالتجاهل وقلة الاهتمام بهم” مؤكدا على أن تأسيس راديو الشعانبي يعد انتصارا على الدكتاتورية وتحقيقا لحلم طالما رسمه أهالي الجهة  .

من جهته يقول باعث المؤسسة مختار التليلي (وهو صحفي من القصرين) أن هدف إذاعة الشعانبي “التعريف بمشكلات وقضايا الناس ومحاولة إيجاد حلولا لها، بعد سياسة الإقصاء والتهميش التي عانوها على مر عقود طويلة”.

ويرى التليلي أن الإعلام أصبح  يكرر نفسه بعد ثورة 14 جانفي، وأن تأسيس إذاعة الشعانبي يمثل “ولادة جديدة” على حد وصفه، “لأنها تهتم بمشاغل وهموم المواطنين الآن وهنا”.

أهالي القصرين يعتبرون إذاعة الشعانبي أف م إنجازا كبيرا ويعولون عليها في المساعدة على تغيير حياة الناس.

الطالب عماد حقي يقول في هذا الصدد “نتمنى أن تحقق إذاعة الشعانبي الأهداف المرجوة والآمال المعلقة عليها من أهالي و أبناء الجهة”.

من جهة أخرى يصف حاتم جباري، صاحب سيارة أجرة، إنشاء إذاعة مجتمعية في المنطقة “بالإنجاز الهام”، خاصة في القصرين التي تستحق أن يكون فيها إذاعة من هذا النوع تنقل هموم المواطن لدائرة أوسع من نطاق المدينة.

إذاعة الشعانبي تواصل الحلم والمغامرة فبعد أن اقتصرت انطلاقتها على حاسوب وسرفر، يمتد إرسالها، الآن إلى أكثر من 17 ساعة بث في اليوم نحو كامل مدن القصرين وبعض القرى المجاورة في الكاف والقيروان وقفصة.