من بيشاور في باكستان إلى ثورة فبراير في ليبيا مروراً بالجماعة الليبية المقاتلة وظلمات سجون القذافي، ذلك هو مسير عبد الحكيم الحصادي.

الحصادي بحسب التقارير الأمريكية الكثيرة التي تناولت سيرته كان أحد أولئك الجهاديين الذي قاتلوا ضد نظام القذافي وهربوا في منتصف التسعينات إلى باكستان. وفي 1997 قاتل ضد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، ليقبض عليه ويرسل في 2002 إلى ليبيا بتدخل من “مؤسسة القذافي الخيرية” التي كان يرأسها سيف الإسلام القذافي.

من بيشاور في باكستان إلى ثورة فبراير في ليبيا مروراً بالجماعة الليبية المقاتلة وظلمات سجون القذافي، ذلك هو مسير عبد الحكيم الحصادي.

الحصادي بحسب التقارير الأمريكية الكثيرة التي تناولت سيرته كان أحد أولئك الجهاديين الذي قاتلوا ضد نظام القذافي وهربوا في منتصف التسعينات إلى باكستان. وفي 1997 قاتل ضد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، ليقبض عليه ويرسل في 2002 إلى ليبيا بتدخل من “مؤسسة القذافي الخيرية” التي كان يرأسها سيف الإسلام القذافي.

خلال الثورة الليبية، قاد الحصادي كتيبة “شهداء أبو سليم”، الكتيبة الأكبر في درنة شرقي البلاد، وكان ينظر إليه كأحد أبرز القيادات الميدانية.

ورغم خلفيته الجهادية ومطالبته الدائمة بـ “تحكيم الشريعة” يخطو الحصادي بحذر نحو العمل السياسي ويتقرّب من محمود جبريل أحد رموز التيار الليبرالي في البلاد.

كما أن القيادي السابق في الجماعة الليبية يستنكر الهجوم على السفارة الأمريكية، ويقول لـ “مراسلون” إن “السفير الأمريكي ساعدنا أثناء الثورة وبعدها، ومن فعل هذه الفعلة لابد أن يعاقب”.  

مزيد من الأسئلة أجاب عليها الحصادي في الحوار التالي:

س- بداية كيف ترى المشهد الليبي عامة؟

ج- الآن و بعد أن قال الشعب كلمته واختار ممثليه في المؤتمر الوطني العام، نأمل من هؤلاء الأعضاء المنتخبين أن يضعوا أمامهم دين الله عز وجل، فنحن مسلمون قبل أن نكون ليبيين، ثم يضعوا مصلحة الوطن قبل مصالحهم الشخصية، وأن لا يتكلموا عن امتيازاتهم ومرتباتهم كما حصل في أولى جلسات المؤتمر، التي طالب فيها الأعضاء بمرتبات تعادل مرتب رئيس وزراء، فضلاً عن امتيازات أخرى كالسيارات والإقامة الفارهة، فلو صح هذا سيخيب ظن الناس بهم ويسيروا بليبيا إلى التهلكة.

[ibimage==2180==Small_Image==none==self==null]

“نأمل أن لا يتكلموا عن امتيازاتهم ومرتباتهم كما حصل في أولى جلسات المؤتمر”

س- نفهم من هذا أنك لا ترى أحقية أعضاء المؤتمر الوطني في الحصول على الامتيازات التي ستؤول إليهم؟

ج- المسؤولية في الإسلام تكليف وليست تشريف.. أعضاء المؤتمر الوطني ليسوا أفضل من أبي بكر الصديق أو عمر بن الخطاب أو باقي الخلفاء والصحابة – رضي الله عنهم –، وهم جميعا لم يتجاوزوا مستوى عامة الناس عند حكمهم، بل أن بعضهم كان أقل الناس مالاً.

من هذا المنطلق نتوجه إلى الأعضاء الكرام ألا يتجاوزوا عامة الشعب الذي اختارهم بكثير، حتى يشعروا بمعاناة من اختارهم ليقودوا البلاد، لا أن يطلبوا مبالغ خيالية تعود بنا إلى طبقة حاكمة غنية وعامة معوزة، يفتقر بعضها إلى أبسط مقومات الحياة، ومن يطالب بهذا فهو شخص غير وطني.

س- بالنسبة لمسألة “تحكيم الشريعة” في ليبيا التي تنادي بها دائماً، ألا ترى أنها مسألة مفروغ منها لدى الشعب الليبي كون كافة الشعب على دين ومذهب واحد؟

[ibimage==2186==Small_Image==none==self==null]

“الحدود لا تتجاوز عشرة بالمئة من مجمل الشريعة”

ج- قد تكون مفروغاً منها لدى عامة الناس، ولكن لدى بعض الساسة هي مسألة غير نهائية، مثلاً عندما يخرج علينا السيد عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي المنتهية ولايته، على إحدى القنوات التلفزيونية ويقول كلاماً استغرب منه العديد من الليبيين عن مسألة الشريعة، ووجوب فصلها عن السياسة، فهذا أمر مستهجن لدينا، لأن الله عز وجل وضح في دينه كل صغيرة وكبيرة، فما بالك بأمور الحكم والسياسة التي هي من أساسيات الحياة.

أنا أقول وأكرر دائما أنه إذا لم تحكم الشريعة في ليبيا فلن يعرف البلد الاستقرار، لأن هناك البعض يرون أن هذا واجب ولو اضطروا لفرضه بالسلاح، رغم اختلافي معهم إلا أنهم موجودون، وكذلك عامة الناس لن يرضوا بغير تحكيم الشريعة في ليبيا، فهذه المسألة مفصلية وحساسة جداً لا يجب العبث بها.

مع تعدد المدارس والمشارب الفكرية في الإسلام، كيف ترى السبيل الأمثل لضبط مسألة “تحكيم الشريعة” في ليبيا؟

ج- المقصود بشريعة الإسلام  ليس الصلاة والزكاة، بل إن موضوع التحاكم إلى الشريعة ذاتها في أمور الدنيا، أوجب شرعاً من الصلاة والزكاة “وهي تمسُّ عقيدة المسلم”، وللأسف هذه المسألة مغيبة عن الكثيرين الذين يحصرون الشريعة في الحدود، بينما في الحقيقة الحدود لا تتجاوز عشرة بالمائة من مجمل الشريعة.

أما عن ضبط  المسألة فما هو ثابت في الكتاب والسنة لا مشكلة فيه، وباقي أبواب الاجتهاد فنحن نقبل بما يتفق عليه علماء ليبيا ولن نخالفهم، ولو أتوا حتى بعلماء من خارج ليبيا لن نجد حرجاً في ذلك، المهم أن الحد الأدنى من المسألة محسوم بالكتاب والسنة.

س- طريقة تعاطيك مع تحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل كانت مختلفة عن طريقة تعاطي معظم أفراد التيار الإسلامي، الذي رأى فيه غير ما رأيت، كيف تشرح لنا هذا وهل أنت منضم لتحالف القوى الوطنية؟

ج- أولا أنا لست عضواً في تحالف القوى الوطنية كما يشاع عني خطأً، أما عن وجهة نظري في الدكتور جبريل فأنا لم أقل عنه إلا الحقيقة، فالرجل لم يقل إلا خيراً، وفتح يديه للجميع ولم يستثني أحداً من أطياف المشهد الليبي، ولكن ما كان من حملة ضده خاصة من جماعة الأخوان سببها كونه العرقلة الوحيدة أمامهم للوصول إلى السلطة، وهي التي ساهمت في انتشار الشائعات واللغط حوله، واتهامه بأنه شخص علماني وغير ذلك، لكن هذا لم يثبت.

أنا كمسلم أتعامل مع الظاهر وليس مع ما يسره المرء، وجبريل قال أنه لن يستبعد الشريعة وبالتالي هو كذلك حتى يثبت العكس، أما ما يقوله البعض عنه كونه يخاطب الداخل بلسان والغرب بلسان، فهذا لم يثبت أيضاً، ونحن مطالبون كما ذكرت بالتعامل مع الظاهر واختيار الأفضل لليبيا، ومن لا يريد تحكيم شرع الله  فهو كافر ويجب على الليبيين الحذر منه.

س- بماذا تعلق على حادثة الهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي التي أدت لمقتل السفير كريس ستيفنز؟

ج- نحن أولا نستهجن بشدة الإساءة التي تعرض إليها رسولنا الكريم  صلى الله عليه وسلم مهما كان مصدرها، ومستعدون لنفديه  بأرواحنا، ولكن في ذات السياق نستنكر مقتل السفير كريس ستيفنز، الرجل الذي ساعدنا أثناء الثورة وبعدها، ومن فعل هذه الفعلة لابد أن يعاقب كائناً من كان. ثم إن منتج الفيلم بالأساس هو مصري قبطي، وبالتالي لا ذنب للسفير أو لبلده في هذا الأمر.

س- هل ترى وجوداً حقيقياً  للقاعدة على الأراضي الليبية؟

ج- حضور القاعدة كتنظيم محكم ومنظم له قيادة معينة وغير ذلك أمر لا يوجد في ليبيا، ولكن قد يوجد بعض الشباب الذين يحملون فكر القاعدة، وهو الفكر الجهادي السلفي، تأخذهم الغيرة على الإسلام أحياناً ليظهروا بالرايات السوداء أو يحاولوا تطبيق الشريعة بمفهومهم الضيق، هؤلاء الأجدى بنا محاورتهم والأخذ بيدهم لأنهم غيورين على الدين والوطن، ولا بد من استغلال هذا للصالح العام عن طريق دمجهم في أجهزة الدولة وتوفير الإمكانيات لهم ولغيرهم من الشباب الليبي.

س- كيف ترد على من يربط دائماً مدينة درنة بتنظيم القاعدة؟

ج- مدينة درنة مهملة.. ولم يلتفت لها أحد من المسؤولين، ولا يوجد بالمدينة أي إمكانيات أو رجال شرطة وجيش، لأن الدولة لا تريد ذلك، تحدثنا معهم و كلمتهم حتى شخصياً، وقلت لهم ضعوا شروطاً ومعايير للشرطة والجيش توافق “الكتاب والسنة”، وأعطوا المدينة مالاً ولو اليسير، ونحن نقوم بالباقي ونحمي مدينة درنة، فهي مدينة الطيبة التي اشتهر أهلها بحبهم للجهاد في سبيل الله، أما بالنسبة لتنظيم القاعدة فهو كما أسلفت لا يوجد في درنة أو في غيرها.

س- ما وجهة نظرك في هدم الأضرحة والمقابر التي حصلت في الآونة الأخيرة؟

ج- أنا مع فتوى دار الإفتاء التي أخرجها المفتي الشيخ الصادق الغرياني، ومع إزالة هذا “المنكر” الذي يخالف الشريعة الإسلامية، ولكن يجب هدمها في قلوب العباد أولاً، ثم هدم بنيانها عن طريق ولاة الأمر، حتى لا تحصل الفوضى التي حصلت ونصل إلى ما وصلنا إليه.

إن تأخر المسؤولين سواء في المجلس أو الحكومة في اتخاذ إجراء حيال الأمر، أفسح المجال أمام الشباب المتحمس والمتسرع، الذين تعذروا ببطء المسئولين وغض بصرهم عن الأمر فحصل ما حصل.