يبدأ المغني والممثل المصري حمادة هلال فيلمه الأخير “مستر اند مسز عويس” بحفل مهدى لضحايا كوارث طبيعية في اليابان ويقدم لهم أغنية يقول مطلعها “شهداء أحداث اليابان ..ماتوا في أحداث اليابان راحوا وفارقوا الحياة “.

وهو بذلك يسخر من الأغنية الأكثر إثارة للضحك خلال ثورة يناير 2011 والتي كان يقول مطلعها “شهداء 25 يناير ماتوا في احداث يناير راحوا وفارقوا الحياة”. لكنه يعلم أن الجمهور المصري يتذكر جيدا أنه صاحب الأغنية الأولى.

يبدأ المغني والممثل المصري حمادة هلال فيلمه الأخير “مستر اند مسز عويس” بحفل مهدى لضحايا كوارث طبيعية في اليابان ويقدم لهم أغنية يقول مطلعها “شهداء أحداث اليابان ..ماتوا في أحداث اليابان راحوا وفارقوا الحياة “.

وهو بذلك يسخر من الأغنية الأكثر إثارة للضحك خلال ثورة يناير 2011 والتي كان يقول مطلعها “شهداء 25 يناير ماتوا في احداث يناير راحوا وفارقوا الحياة”. لكنه يعلم أن الجمهور المصري يتذكر جيدا أنه صاحب الأغنية الأولى.

هنا ولأول مرة نجد مطرب يستخدم ضحك موجه ضده ليعيد انتاجه ويطلقه مرة أخرى على الجمهور. المهم هو “النكتة” بالنسبة لصناع الفيلم وهو ما دفعهم في مشهد آخر لاستغلال هتاف “يا نموت زيهم يا نجيب حقهم” في تظاهرة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما كان يجري في التحرير.

وعندما تستمع الممثلة التي تجسد شخصية زعيم عصابة الاخيار لمعاناة فتاة من أصل فلسطيني يكون ردّ العصابة خطف سفير تل أبيب في القاهرة في أحد أكثر المشاهد فجاجة ربما في تاريخ السينما المصرية، ولولا محاصرة المتظاهرين للسفارة الاسرائيلية صيف 2011 ما تشجع صناع “عويس” على إضافة مثل هذا المشهد.

من هذه النقطة يمكن الإجابة على السؤال الأساسي لهذا المقال، وهو لماذا فشل صناع السينما المصرية في التعاطي مع ثورة يناير وصمموا في الوقت نفسه على تناولها في أحداث معظم الافلام التي قدمت بعد الثورة وحتى موسم عيد الفطر الأخير؟ الشق الثاني من السؤال إجابته بديهية، فقد كان من الصعب أن يتم عرض أفلام يكون جميعها بعيد كل البعد عن ما جرى في ميدان التحرير، لكن الشق الأول يدل على أن هناك أزمة حقيقية بين صناع السينما التجارية في مصر وثورة يناير، معظمهم لم يكونوا منتمين للثورة بالأساس، لكنهم يريدون الانحياز لها على الشاشة كل بطريقته.

أما الفنانون الذين خرجوا من ميدان التحرير فاجمعوا على أن تقديم شريط سينمائي عن يناير أمرا يحتاج للمزيد من الوقت.

وليس مستغربا أن تكون الأفلام التي تناولت الثورة بشكل مختلف قد شاهدها غير المصريين في المهرجانات أولا، بداية من فيلم “18 يوم” الذي عرض في مهرجان كان 2011 وشارك في صناعته 10 مخرجين وعدد كبير من النجوم ولم يره المصريون حتى الآن، وصولا لفيلم “بعد الموقعة” الذي عرض في كان 2012 ومن المنتظر عرضه تجاريا في القاهرة خلال سبتمبر الجاري وسط توقعات بعدم نجاحه جماهيريا، علما بأنه يركز على من نفذوا موقعة الجمل في الأول من فبراير 2011 واقتحموا ميدان التحرير بالخيول والجمال لا عن الثورة نفسها. وأخيرا فيلم “الشتا اللي فات” لعمرو واكد والمخرج ابراهيم البطوط والذي لن يعرض للمصريين إلا بعد أن ينهي جولة مهرجانات بدأها في الدورة الأخيرة لمهرجان فينيسيا.

وحتى تكثر الأفلام التي ينتجها سينمائيون عايشوا الثورة المصرية، سيظل الجمهور محاصرا بأعمال قرر أصحابها الاستفادة من الثورة وإدانتها في بعض الأحيان دون مساندة حقيقية لها تبق في ذهن المتفرج عندما يغادر الصالة المظلمة.

مخرج فيلم “مستر اند مسز عويس” أكرم فريد قدم منذ قيام الثورة ثلاثة أفلام كان “عويس” أخرها، بدأ مع هاني رمزي وفيلم “سامي أكسيد الكربون” الذي دار حول رجل عابث يقع في غرام ناشطة سياسية لكن التفاصيل التي رصدها الفيلم تؤكد أن النشطاء مدعون ويريدون الشهرة ويرفعون أصواتهم للتعبير عن أفكار جوفاء.

الفيلم الثاني هو “أمن دولت” وكان بطولة حمادة هلال الذي جسد شخصية ضابط يتم تعيينه لحراسة أسرة عالمة ذرة مهددة بالاغتيال، ووسط مغامرات مع أطفالها الخمسة مقتبسة طبعا من أفلام امريكية عديدة.

يوجه الشريط انتقادات لجهاز أمن الدولة المنحل وكيف أنه يجمع المعلومات والملفات عن البشر ولا يحميهم مع استخدام الاسلوب المباشر في توصيل الفكرة وهو الأسلوب نفسه الذي لو أعيد تصوير الفيلم الآن لن يتبعه صناعه بعد عودة الشرطة إلى قوتها.

الشرطة كانت حاضرة في فيلم محمد هنيدي الأخير “تيتة رهيبة” فعندما يدخل البطل في صدام مع الضابط الذي يعامله بعنف يقوم مجموعة من النشطاء بتصويره وتحميل اللقطات على اليوتيوب فيتلقى التعنيف من قياداته. لهذا عندما يلجأ البطل مرة أخرى للضابط يمتنع الأخير عن دعمه لأنه يجب أن يحافظ على القانون حتى لو كان مقتنع أن المواطن على حق خوفا من تجريس النشطاء الذين كانوا الهدف الاسهل لمعظم صناع الأفلام في مصر بعد الثورة.

من هؤلاء الممثل الكوميدي محمد سعد في آخر أفلامه “تيك تيك بوم” حيث قامت الثورة ليلة زفافه ليجد نفسه تاركا عروسته ليقف في اللجان الشعبية، وسط اتهامات مبطنة للثوار بأنهم ممولون واستدعاء لشخصيات قدمها سعد في أفلام سابقة وكأن الهدف هو التواجد على الشاشة واستخدام الثورة كوسيلة فقط لا غير.

 ووسط كل هذا التناول المشوه لثورة يناير لم يعد مستغربا أن يكون الفيلم الاكثر تحقيقا للايرادات منذ الثورة هو شارع الهرم للمطرب الشعبي سعد الصغير والراقصة دينا والذي يدور حول قصة مطرب وراقصة يريدان أن يصبحا نجوم شارع السهر الأشهر في مصر.