في حوار مع موقع “مراسلون” قال محمد عبَو الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أحد الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، إن التشاركية في إدارة شؤون البلاد داخل الترويكا “غير كافية”. وأضاف إن حزب النهضة لم يستطع وضع وزنه الانتخابي جانبا والتعامل مع بقية الأحزاب على نحو متكافئ.

أما عن رئيس الجمهورية منصف المرزوقي الذي كان يرأس حزب المؤتمر سابقا، فقال عبو إنه يعيش في وضع أصعب من تسيير حزب. وفي ما يلي نص الحوار:

س- بعد مشاركتكم في الحكومة لستة أشهر والخروج منها ما تقييمك لتجربة الحكم الثلاثي في تونس؟

في حوار مع موقع “مراسلون” قال محمد عبَو الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أحد الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، إن التشاركية في إدارة شؤون البلاد داخل الترويكا “غير كافية”. وأضاف إن حزب النهضة لم يستطع وضع وزنه الانتخابي جانبا والتعامل مع بقية الأحزاب على نحو متكافئ.

أما عن رئيس الجمهورية منصف المرزوقي الذي كان يرأس حزب المؤتمر سابقا، فقال عبو إنه يعيش في وضع أصعب من تسيير حزب. وفي ما يلي نص الحوار:

س- بعد مشاركتكم في الحكومة لستة أشهر والخروج منها ما تقييمك لتجربة الحكم الثلاثي في تونس؟

ج- نسبيا يمكن أن نقول إنها ناجحة، وفيما يخص الشراكة والتشاركية داخل الائتلاف الحاكم في تسيير شؤون الدولة لا أعتقد أنه يوجد ما يكفي من تشاركيه، ولم تكن في المستوى المطلوب وهذا لا علاقة له باستقالتي.

س- ما الذي تقصدون بعدم وجود شراكة كافية داخل الترويكا؟

ج- عندما دخلنا الائتلاف، مع حزبي النهضة والتكتل كنا ننتظر أن تكون التشاركية في إدارة شؤون الدولة في المستوى المطلوب. وهذا ما لم يحصل لأن حزب النهضة لم يستطع وضع وزنه الانتخابي جانبا، ويكون المشاركون في الترويكا على سفينة واحدة هدفها النجاح. وكنا قد اتفقنا منذ البداية على عدم الدخول في حملات انتخابية سابقة لأوانها وهذه هي الروح التي تحليت بها طيلة عملي داخل الحكومة ولا أعرف إن كان باقي الوزراء ومكونات الترويكا يتحلون بها أم لا.

س- سُجَل مؤخرا تباين في المواقف بين رئيس الجمهورية وكتلة حزبه في المجلس التأسيسي في بعض المسائل منها تعيين محافظ البنك المركزي الجديد المتهم بؤلائه للنظام السابق، لماذا هذا التباين؟

ج- رئيس الجمهورية في وضع أصعب من تسيير حزب، لأنه يشرف على تسيير شؤون التونسيين من جهة ومن ناحية ثانية يحاول البحث عن الوفاق والتوازنات الداخلية. فرئيس الجمهورية لا يتخذ أي قرار بمفرده بل في إطار الائتلاف الحاكم وعلى هذا الأساس صدر القرار الجمهوري القاضي بتعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي خلفا لكمال النابلي.

وفيما يخص حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وما أبداه من مواقف رافضة لتعيين الشاذلي العياري بسبب مواقفه ودوره في دولة الاستبداد. وسنواصل المطالبة بفتح الملفات القديمة والمحافظة على إستقلالية البنك المركزي.

س- ألا ترون أن هناك تناقضا بين تأكيد قيادات حركة النهضة انه لا مجال لعودة مساندي النظام السابق ورموزه وبين الواقع الميداني كتعيين الشاذلي العياري مثلا ؟

ج- لا وجود لرموز التجمع في المناصب الكبرى وأيضا من تحمَلوا مسؤوليات صلب دولة الاستبداد وفيما يخص المناصب الإدارية الحساسة نحن ضد تعيينهم بالتأكيد ووقع استبعاد العديد منهم ولكن للأسف لا يزال البعض منهم يتواجد في الإدارة التونسية.

س- مشروع قانون استبعاد المنتمين لحزب الرئيس السابق من الحياة السياسية الذي تقدم به حزبكم لاقى عديد الانتقادات من قبيل مخالفته لحقوق الإنسان. ما تعليقكم ؟

ج- نحن قمنا بتحديد  الأخطر والأكثر قدرة على جمع الأموال الفاسدة وتزييف الإنتخابات وشراء الذمم لأنهم يمثلون خطرا على الحياة الديمقراطية وقلنا إنه يجب استبعادهم من الحياة السياسية لمدة 5 أو 10 سنوات وهي ليست مدة كبيرة مقارنة مع ما حدث في بلدان أخرى شهدت ثورات. ونحن لا نبحث عن الانتقام بل هي إجراءات تحفظية حتى لا يعود الاستبداد بأي شكل.

س- نعود لاستقالتكم، يرى البعض أنها نتيجة لعدم جدية الحكومة في معالجة ملفات الفساد من جهة وانفراد حركة النهضة بالقرار داخل الائتلاف الحاكم، فهل هذا صحيح؟

ج- الثابت ان قرارات الحكومة وخطواتها ليست كلها إيجابية لكن عندما استقلت لم أتكلم عن الأخطاء فقد كنا نتوقعها ولم تكن سبب استقالتي، فما دفعني إلى الخروج من الحكومة هو أساسا الإخلال بالتزام سابق. وهو يخص الجانب الذي بدونه لا يمكنني الإيفاء بتعهداتي تجاه الناس الذين وعدتهم بجديتي في مقاومة الفساد وأعني الصلاحيات والإمكانيات الموجودة، فلم يكن بإمكاني القيام بمهامي على أكمل وجه. وأذكر ان النقاشات بهذا الخصوص بدأت منذ الشهر الأول لتسلمي المسؤولية وقد ابتعدت عن الحكومة ولكنهم اتصلوا بي وعدت بناءا على وعودهم بتمكيني من الصلاحيات اللازمة ولكنهم تراجعوا عن ذلك مما دفعني للانسحاب من الحكومة حفظا لكرامتي ولمصداقيتي.

س- في تقديركم لماذا تراجع رئيس الحكومة عن وعوده بتمكينك من الصلاحيات الكفيلة بمقاومة الفساد؟

ج- هذا السؤال يطرح على الطرف الذي تراجع عن وعوده والتزاماته فأنا لدي فقط بعض التخمينات والتحليلات ولا اريد الإفصاح عنها.

س- ما حدث مؤخرا في سيدي بوزيد من مظاهرات واحتجاجات اعتبره محللون إنذارا لحكومة الترويكا، فما تعليقكم؟

ج- طبعا هناك أزمة في المناطق الداخلية لا أحد ينكرها، ونحن في حزب المؤتمر قلنا، خلال حملتنا الانتخابية (لانتخابات المجلس التأسيسي في أكتوبر 2011)، إن سنة 2012 لن تحمل حلولا نهائية للبطالة ولكن وعدنا بأننا سنبذل ما في وسعنا للتخفيف منها وهذا ما يحصل.

س- ما تقييمكم لعمل الحكومة منذ تسلمها مقاليد الحكم في تونس؟

ج- ما يمكن أن أؤكده هو أن الحكومة جادة والوزراء يعملون بجد لتحقيق النجاح . وبالنسبة للأخطاء موجودة، فبعض الوزراء لم ينجحوا في تسيير الشؤون الموكولة إليهم كما أن هناك تردد في اتخاذ القرارات أتمنى أن تتجاوزه الحكومة.

س- ما رأيكم في مقترح المعارضة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتكون من تكنوقراط وبعيدة عن التجاذبات السياسية؟

ج – المشكل في المعارضة أنها لم تقدم لنا تعريفها للتكنوقراط وحسب علمي هو شخص ليس بسياسي ويكون مختصا في مجال معين واعتقد أن هذا الأمر فيه مغالطة كبيرة فالوزراء الحاليون يتمتعون بكفاءة عالية تخول لهم إدارة شؤون الدولة بالإضافة إلى إرادتهم في تحقيق إصلاحات جذرية. إذا الجانب الإيجابي في الوزير السياسي انه قادر على خلق روح جديدة داخل الإدارة وبالتالي أنا ضد فكرة حكومة إنقاذ وطني تتكون من التكنوقراط.

س- ماهي تحفظاتكم على أداء المعارضة في تونس بعد انتخابات 23 أكتوبر؟

ج- كما تحدثنا عن أخطاء الحكومة التي يجب إصلاحها، المعارضة كذلك لديها أخطاء تدفع أحيانا المواطن العادي للتساؤل إن كانت تبحث عن المصلحة العامة أم لا. فالمعارضة ليست بالضرورة دفع الاحتقان والتحريض على الحرق والإضرابات…فعرقلة عمل الحكومة القائمة لا يمكن أن يكون شعار معارضة في ظل حكم ديمقراطي وهنا أقول ان صناديق الاقتراع القادمة ستكون الفيصل.

س- على ذكر صناديق الاقتراع، ألا تعتقد أن عدم تحديد تاريخ دقيق للانتخابات المقبلة يثير تخوفات من إطالة المرحلة الانتقالية وتفجير أزمة شرعية في تونس؟

ج- حزب المؤتمر من أجل الجمهورية دعا إلى الالتزام بتاريخ 20 مارس 2013 الذي حدده رئيس المجلس التأسيسي لإجراء الإنتخابات، وطبعا هناك صعوبات ولكن يمكن تجاوزها عبر سن قانون الهيئة العليا للانتخابات وهو المشروع موجود وأتمنى المصادقة عليه قريبا وإعداد قائمة الناخبين في انتظار أن تجهز المجلة الانتخابية، وفي تقديري إذا فكرنا بهذه الطريقة العملية يمكننا الالتزام بموعد الإنتخابات خاصة ان المصلحة الاقتصادية لتونس تستوجب المرور من هذه المرحلة الانتقالية.

س- الحديث عن المرحلة المقبلة، يجعلنا نتساءل عن طبيعة النظام السياسي الذي سيقع اعتماده والذي من المنتظر أن يثير جدلا بين حركة النهضة وبقية الأطراف السياسية، ما رأيكم بهذا الخصوص؟

ج- موقفنا في حزب المؤتمر قريب من بقية الحساسيات السياسية الموجودة في المجلس التأسيسي والتجربة أكدت أن النظام البرلماني ليس الأنسب لتونس، فالاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل نظام مختلط تتوزع فيه السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

س- في الختام، ألا ترى أنه كان من الجدر أن يحذو الرئيس المرزوقي حذوك ويستقيل حفاظا على مصداقيته ومصداقية الحزب؟

السيد المرزوقي كان مخيرا بين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس التأسيسي او يبقى على رأس حزب المؤتمر، وقد اخترنا في الحزب أن يكون رئيسا للجمهورية، صحيح ليس بصلاحيات واسعة ولكن نحن في نظام برلماني وطبعا التونسيون ليس لديهم الثقافة السياسية الكافية لفهم هذا ومحاسبة كل طرف حسب الصلاحيات التي يسندها له النظام السياسي المعتمد.