وصلت أزمة انقطاع الكهرباء في مصر هذا العام إلى حد غير مسبوق، حيث تكرر انقطاع التيار الكهربائي، أحيانا بالساعات، في الكثير من المدن والأحياء المصرية.

وامتدت الأزمة إلى مناطق حيوية وهامة مثل مترو الأنفاق والبورصة المصرية، بخلاف المصانع والقطاعات الإنتاجية، مؤديةً إلى خسائر اقتصادية كبيرة قدرها بعض أصحاب المصانع والتجار بستة مليارات جنيه شهريا.

وصلت أزمة انقطاع الكهرباء في مصر هذا العام إلى حد غير مسبوق، حيث تكرر انقطاع التيار الكهربائي، أحيانا بالساعات، في الكثير من المدن والأحياء المصرية.

وامتدت الأزمة إلى مناطق حيوية وهامة مثل مترو الأنفاق والبورصة المصرية، بخلاف المصانع والقطاعات الإنتاجية، مؤديةً إلى خسائر اقتصادية كبيرة قدرها بعض أصحاب المصانع والتجار بستة مليارات جنيه شهريا.

الخسائر الاقتصادية لانقطاع التيار الكهربائي لم تقتصر على أصحاب المصانع والمحلات بل تعدتها لتصل إلى سوق الأسهم المصرية، ففي سابقة هي الأولى من نوعها تم إيقاف التداول بالبورصة المصرية لمدة ساعة كاملة نتيجة لانقطاع الكهرباء عنها في شهر حزيران/ يوليو الماضي، وأدى إلى خسارة الأسهم نحو 1.3 مليار جنيه في ختام الجلسة.

خسائر متعددة

نبيل زكي، صاحب مصنع بلاستيك بمنطقة شبرا الخيمة، عبر عن إستيائه الشديد من انقطاع الكهرباء لأكثر من ثلاث مرات يومياً واصفاً ما يحدث “بخراب البيوت”. ويقول:”مصنعي يمر بأزمة اقتصادية صعبة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي باستمرار وهو الأمر الذي نتج عنه خسائر مادية وصلت إلى ثلاثمائة جنيه يومياً (أقل من خمسين دولار أمريكي) هذا بالإضافة إلى تلف المواد الخام”.

واتفق معه أيضا زغلول علوان، صاحب مخبز بمنطقة شبرا، قائلا: “في البداية كنا نطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والآن أصبحنا نطالب بعدم انقطاع التيار الكهربائي”. خسائر المخبز وفقا لعلوان صلت إلى ألف جنيه يومياً (حوالي 160 دولار أمريكي) وذلك بسبب تلف المواتير، هذا بالإضافة إلى حرق الخبز أثناء تواجده في الفرن بسبب انقطاع الكهرباء.

وفي الوقت ذاته تقدم أكثر من 300 من أصحاب المصانع والتجار بمذكرة إلي الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء يؤكدون تضررهم البالغ من استمرار انقطاع الكهرباء، موضحين فيها أن انقطاع الكهرباء يوميا لمدة ساعة أو ساعتين يكلفهم خسائر تصل إلى نحو 6 مليار جنيه شهريا.

سرقة الكهرباء

في معرض تفسيره لأزمة انقطاع التيار الكهربائي أشار الدكتور أكثم ابو العلا المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء إلى أن السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة هذا العام هو ارتفاع معدل الاستهلاك نتيجة شدة درجة الحرارة والتوسع في استخدام اجهزة التكييف ليصل إجمالي الاستهلاك الي 27 ألف ميجاوات، في حين لا تتعدى القدرة الانتاجية لمحطات الكهرباء الوطنية تبلغ 24 ألف ميجاوت فقط، مما يعني وجود عجز يصل إلى 3 الاف ميجاوات يصل ذروته خلال وقت الظهيرة في فصل الصيف، حسب قوله.

وأضاف أبو العلا أن سرقة التيار الكهربائي والكابلات الكهربائية نتيجة لحالة الانفلات الأمني خلال الفترة الماضية كان لها تأثير سلبي علي قدرة الشبكات الكهربائية علي العمل.

وأردف “لذلك قمنا بوضع خطة لفصل الكهرباء عن معظم أنحاء الجمهورية بالتقسيم علي ثلاث مراحل لتخفيف الأحمال علي محطات الكهرباء، وتوفير بعض الطاقة لكن مع مراعاة الأماكن الحيوية التي لايمكن قطع الكهرباء عنها كالمستشفيات وبعض المصانع الحيوية بالدولة”.

إغلاق المحلات

ومن بين الأفكار المطروحة لمعالجة الآثار السلبية للأزمة فكرة إغلاق المحال التجارية من الساعة التاسعة مساء لترشيد استهلاك الكهرباء. لكن البعض يرى أنها فكرة غير عملية. فنبيل زكي صاحب مصنع البلاستيك بشبرا الخيمة يعترض على الفكرة قائلا “إذا تم تفعيل هذا القرار سوف أغلق المصنع على الفور، فبهذه الطريقة لن نحصل على أرباح بل سيتعرض المصنع لخسائر فادحة”. ويضيف “أنا واثق بأن تفعيل هذا القرار سوف يترتب عليه غضب في الشارع المصري وسوف تندلع العديد من المظاهرات، فهو قرار عابث سوف يدمر حياة الملايين من المصريين”.

لكن الدكتور هشام ابراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة والخبير الاقتصادي أوضح أن تقنين أوقات عمل المحلات التجارية مطبق في معظم دول العالم، وأن وهذه التجربة تم تفعيلها في مصر منذ سنوات ولكنها لم تستمر طويلا، مشيرا إلى أن الموضوع له انعكاسات سلبية وايجابية تتمثل الأولى في تقليل عدد ساعات العمل وبالتالي تأثر حجم المبيعات خاصة في المحال التجارية وإن لم يكن بنسبة كبيرة، وسوف يؤدي أيضا إلى تقليل حجم العمالة نظرا لإلغاء الورديات الليلية.

ولكن التقنين له أيضا انعكاسات ايجابية تتلخص في توفير طاقة كهربائية كبيرة، لأنها صناعة مكلفة جدا علي الدولة، وفقا لابراهيم، مضيفا أنه يمكن توجيه الاستثمارات التي سوف يتم توفيرها نتيجة لترشيد الكهرباء إلى قطاعات أخرى كالصحة أو التعليم.

الحلول والبدائل

أما بالنسبة لسبل الخروج من الأزمة فيرى الدكتور هشام ابراهيم أن مصر في حاجة إلى إعادة النظر في طرق وأساليب توليد الكهرباء، والبدء في عملية ربط كهربائي موجه مع دول منطقة الشرق الاوسط لأنه سيوفر مصادر تمويل كثيرة لمشاريع توليد الطاقة وسيسد العاجز الموجود، إضافة إلى إعادة دراسة مشروع الطاقة النووية لتوليد الكهرباء.

وأضاف ابراهيم أن السد العالي، المصدر الرئيسي للطاقة الكهربية في مصر، في حاجة إلى تطويره، حيث لم يخضع لعملية تطوير منذ إنشائه، كما أن منسوب المياه انخفض خلال السنين الماضية.

يذكر أن إجمالي مساهمة السد العالي في توليد الطاقة الكهربية في مصر وصل عام ٢٠٠٩/٢٠١٠ إلى ٦٨٫٨ ٪ أي أكثر من الثلثين، وفقا لتقرير رسمي صادر عن مركز “المعلومات ودعم اتخاذ القرار” التابع لمجلس الوزراء.

نقص في التمويل

من ناحية أخرى أشار ابراهيم إلى أن الدولة في حاجة إلى بناء محطات كهرباء جديدة وإصلاح الشبكات التالفة ولكنها تحتاج إلى مزيد من التمويل لأن صناعة الكهرباء مكلفة للغاية.

وفي ضوء عجز الموازنة العامة للدولة الذي وصل إلى 140 مليار جنيه، وارتفاع حجم الدعم الموجه إلى الكهرباء إلى 6.3 مليار جنيه عام 2010/2011 مقارنة بحوالي 3.2 مليار جنيه عام 2004/2005 أي بزيادة قدرها 96.6%، فإن فالدولة تحتاج إلى مساندة من القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية كالبنك الافريقي للتنمية والبنك الدولي للتوسع في مشاريع الطاقة الكهربائية.

واقترح أيضا أن تتجه لجان متخصصة من وزارة الكهرباء بمشروعات جاهزة إلى العالم الخارجي لعرضها على مجتمع الأعمال خاصة في المؤتمرات الاقتصادية الهامة لجذب الاستثمارات إلى قطاع الطاقة، مضيفا “نحن للأسف جهودنا التسويقية في مجال الاستثمار ضعيفة جدا”.