ترك التحول السياسي أثره في المسلسلات المعروضة على الشاشة الصغيرة خلال شهر رمضان بعد هبوب أول نسائم الديمقراطية.

أعمال محليّة احتلت مكانا في جدول العروض ولفتت الأنظار منها “عنقود الغضب” على القناة الوطنية الثانية للمخرج نعيم بن رحومة، و”لأجل عيون كاترين” على قناة نسمة الخاصة للمخرج حمادي عرافة، و”مكتوب 3″ على قناة التونسية الخاصة للمخرج سامي الفهري.

ترك التحول السياسي أثره في المسلسلات المعروضة على الشاشة الصغيرة خلال شهر رمضان بعد هبوب أول نسائم الديمقراطية.

أعمال محليّة احتلت مكانا في جدول العروض ولفتت الأنظار منها “عنقود الغضب” على القناة الوطنية الثانية للمخرج نعيم بن رحومة، و”لأجل عيون كاترين” على قناة نسمة الخاصة للمخرج حمادي عرافة، و”مكتوب 3″ على قناة التونسية الخاصة للمخرج سامي الفهري.

الأعمال المنتجة تونسيا كانت بحسب النقاد نتيجة طبيعية لانفتاح المشهد الإعلامي بعد سقوط نظام بن علي، وهو ما اعتبره الصحفي والناقد خميس الخياطي “أول نتاج الثورة”، كما أن نمو الجسم الاعلامي في غضون أقل من سنة ونصف من أربع قنوات (اثنتان منها عموميتان واثنتان خاصتان) إلى أكثر من عشرة وسّع بدوره سوق العرض وأتاح انتاج أعمال بنكهة محلية.

إشارات متواضعة

على مستوى المواضيع، يعتبر الناقد الخياطي أن هامش الحرية المكتسب منذ 14 كانون الثاني (يناير) 2011 سمح بالتطرق إلى موضوعات كانت من المحرمات في ظل النظام السابق، خصوصا تلك التي تطال كبار المسؤولين مثلما فعل مسلسل “دار الوزير”.

سلسلة “السيتيكوم” الهزلية هذه صورت حياة أحد الوزراء في عهد بن علي من اولئك المتورطين والذين لم تتم محاسبتهم بشكل جدّي إلى الآن.

الوزير (يؤدي دوره وسيم بحري) صودرت أملاكه لكنه بقي يحاول أن يقنع الجميع بنظافة كفه وبأنه وفوق جميع الشبهات، من خلال تسجيله عدة فيديوهات من شأنها ان تنظف سمعته، ونشرها على “الفيسبوك”.

من جهته طرح الجزء الثالث من مسلسل “مكتوب” مواضيع ما كان لها أن تُطرح بهذه السهولة من قبل، كحق الأم الأرملة في الحب وإعادة بناء حياتها.

ويرى الخياطي أن الأعمال الدرامية لهذه السنة حملت إشارات أخرى تدل على “تحرر” الخطاب الفني والإعلامي جراء الثورة، وإن كانت هذه الإشارات “متواضعة” على حد وصفه، “لا لشيء إلا لضعف الإنتاج”.

لكن تحرر الخطاب الفني لم يمنع الممثل الحبيب غزال من القول أن “أعمال هذه السنة اكتفت بالنقد وذكر مكامن الخلل دون ان ترتقي الى تقديم بدائل أو حلول”.

رقابة ذاتية

ويرى الحبيب غزال أن القائمين على الأعمال الدرامية الكبرى لم ينجحوا في الاستفادة من هامش الحرية المحقق بعد الثورة، وانهم اكتفوا بعرض سلوكيات النظام القديم دون التعمق في الأسباب التي أدت لإنتاج ذلك النظام، ضاربا المثل بمسلسلات تناولت موضوعة الفساد لكن “من السطح” على حد تعبيره.

ويوضح غزال أن هذه الأعمال كررت التعرض الى الممارسات التي كانت سائدة خلال النظام السابق بنفس الطريقة، وقد بدا الأمر جليا في مسلسلي “من أجل عيون كاترين” ومكتوب” اللذان جسدا في بعض المشاهد تورط أقرباء الرئيس السابق والمقربين منه في قضايا استغلال نفوذ في العشرية الأخيرة في تونس.

واشار الممثل التونسي في حديث لـ “مراسلون” أن المشهد الفني “لا يزال بعيدا عن مفهوم حرية الإبداع”، واعتبر أن جلّ الناشطين في المجال الفني “تحت الرقابة الذاتية” على حد قوله.

كتّاب شباب

من جانبه يرى المخرج التلفزيوني حمادي عرافة أن النقص الكمي الحاصل في الإنتاج الدرامي مقارنة مع الإنتاج المصري أو السوري أو حتى الخليجي لم يحل دون بروز بعض النقاط المضيئة منها انخراط القنوات الخاصة في إنتاج أعمال درامية شارك في تنفيذها كتاب ومخرجون وتقنيون شباب.

ورغم جملة الانتقادات فإن جل التونسيين اختاروا هذه السنة ان يشاهدوا الأعمال المحلية في انتظار أن يجازف أهل الفن أكثر ويتخلوا عن الحذر المبالغ فيه  بتسمية الاسماء بمسمياتها، وإن كان يشفع لهم اليوم ان الفترة التي مرت على انهيار النظام السابق ليست بالوقت الكافي لتوضيح الرؤيا للجميع.