في بلد لا يعرف من يعيشون فيها كم نسخة تباع من صحف الصباح كل يوم، ولم ينجح الخبراء في تحديد كم الأموال المصرية المهربة قبل الثورة ولا حتى بعدها، يصبح من العبث الوصول إلى الكلفة الحقيقية لمسلسلات رمضان المصرية لعام 2012. البعض يقول إنها تخطت حاجز المليار ونصف المليار جنيه مصري(250 مليون دولار أمريكي)، لكن مصدرا على تماس مع سوق الدراما المصرية قال لمراسلون إنها تقترب من حاجز المليار لكنها لم تتخطاه(166 مليون دولار أمريكي).

 

في بلد لا يعرف من يعيشون فيها كم نسخة تباع من صحف الصباح كل يوم، ولم ينجح الخبراء في تحديد كم الأموال المصرية المهربة قبل الثورة ولا حتى بعدها، يصبح من العبث الوصول إلى الكلفة الحقيقية لمسلسلات رمضان المصرية لعام 2012. البعض يقول إنها تخطت حاجز المليار ونصف المليار جنيه مصري(250 مليون دولار أمريكي)، لكن مصدرا على تماس مع سوق الدراما المصرية قال لمراسلون إنها تقترب من حاجز المليار لكنها لم تتخطاه(166 مليون دولار أمريكي).

 

المصدر الذي يعمل في السوق منذ سنوات أكد أنه من المستحيل عمليا معرفة الكلفة، وهي حقيقة يجمع عليها العاملون في السوق الدرامي المصري والسينمائي أيضا، وحدهم موظفو الضرائب الذين يتمكنون من ذلك لأنهم يطلعون على الأوراق الأصلية، أما المنتجين فاعتادوا المبالغة في النفقات للحصول على عائد أكبر من القنوات والوكالات الإعلامية. الخطة بسيطة، عندما يعلن في الصحف من اليوم الأول أن هذا المسلسل سيتكلف 50 مليون جنيه، يصبح من الوارد لاحقا أن يطلب المنتج من القنوات التي ترغب في الشراء مقابل مادي كبير، أما موظفي الضرائب فهم لا يأخذون بما ينشر في الصحف وإنما بالأوراق التي لا يطلع عليها غيرهم.

 

غياب تام للشفافية وصل إلى حد وقوف ممثل مثل محمد سعد – اشتهر بأداء شخصية اللمبي في السينما- وراء إنتاج مسلسل “شمس الأنصاري” لكن هذه المعلومة لم تعرف في السوق إلا قبل رمضان بأيام قليلة عندما تتدخل سعد نفسه لدى القنوات من أجل تسويق المسلسل. بالتالي يمكن الوصول إلى صفة أساسية لسوق الدراما المصرية وهي أن المنتجين الأصليين غير معروفين في معظم الأحيان، لكن الصحفيين وجامعي المعلومات يتعاملون فقط مع ما يكتب على التترات.

 

حتى فيما يتعلق بأجور النجوم لا توجد حقيقة مؤكدة، لكن الأقرب للدقة أن الحد الأدنى لأجر النجم يبدأ من 2 مليون جنيه وقد يتخطى حاجز العشرة ملايين جنيه في المسلسل الواحد، وكلما زاد تسويق العمل ارتفع الأجر في العام التالي أيا كانت ظروف البلد الاقتصادية، فمن كان يتوقع أن ينفق على دراما رمضان قرابة مليار جنيه وينتج أكثر من 50 مسلسل بينما الموسم بدأ بعد أيام قليلة من الإعلان عن اسم أول رئيس منتخب، كيف غامر المنتجون بكل هذه الأموال رغم أن الموسم كان مهددا بالانهيار في أي لحظة لو كانت التوترات قد انطلقت عقب الانتخابات الرئاسية؟

 

معادلة تحولت إلى لغز، يزيد عليها صمود نجوم القائمة السوداء في رمضان 2012 بالمقارنة برمضان الماضي، عادل إمام الممثل المقرب من نظام مبارك هو الأكثر انتشارا هذا العام بمسلسل “فرقة ناجي عطالله” ومعه معظم من عادوا الثورة علانية أو بتصريحات غير مباشرة، مثل غادة عبد الرازق، يسرا، نور الشريف. لن تجد من بين أبطال رمضان من كان في ميدان التحرير إلا في حالات نادرة مثل “اسر ياسين” الذي يقدم هذا العام مسلسل “البلطجي”، ربما يكون السبب هو تراجع الثورة ومن يناصرونها وانشغالهم بالدفاع عنها بالتالي لا يوجد وقت لمحاسبة الفنانين وحصارهم، لكن هناك بالتأكيد من كان يعرف أن جمهور التلفزيون المصري في رمضان ليس مخلصا لميدان التحرير ولن يقاطع كل هذا الكم من المسلسلات من أجل شهداء الثورة.

 

كما أن التطور التقني والموضوعي في معظم مسلسلات هذا العام نجح في أن يضع حد فاصلا بين الدراما والحكم السياسي والشعبي على من يقدمها، إذن نحن أمام صورة تتشكل من زاويا جديدة، الدراما المصرية مستمرة – عكس السينما- وهناك من يرغب في صعود هذا السوق رغم الجأر بالشكوى من غياب العدالة الاجتماعية.

 

المعلنون عادوا بقوة والحفاظ على استهلاكية المجتمع بات ضرورة قصوى، ولن يحدث هذا بدون مسلسلات، لكن هل ستعود الأموال بالأرباح إلى أصحابها؟ يبدو أن الإجابة لا تهم أصحاب المال وإلا ما خاطروا بالمليار جنيه دفعة واحدة. فهم يعرفون أن هناك من سيشتري الأعمال الناجحة ويعيد عرضها حتى رمضان المقبل. وهناك من يشير إلى دخول لاعبين جدد للسوق قريبا حتى ولو من وراء ستار. ولا يمر شهر دون إطلاق عدة قنوات جديدة عربية المنشأ حيث لا تزال الجهات الرسمية في مصر تمنع إطلاق قنوات مصرية، بالتالي هناك دفعات أكبر من الأموال تستعد للدوران في سوق المال الدرامي سيصبح تتبعها أمر عصيا وسط هذا الكم من المسلسلات وغياب المعلومات.

 

أما الجمهور فلا يهتم كثيرا بمن يمول وإنما بما يراه على الشاشة، مع بقاء الفصل بين المواقف أمرا واقعا، فقد تستاء من تصريح سياسي لفنان يدعم النظام السابق على قناة إخبارية لكنك مستعد لمتابعة مسلسله على قنوات الدراما، فلماذا إذن لا ينفق المنتجون المليار جنيه؟