تعمل المجالس المحلية في المدن الجنوبية على محاولة ضبط دخول العمال الأفارقة إليها وفق الإمكانيات المحدودة المتاحة، إلا أنها تعجز طبعاً عن ضمان حقوقهم المادية والإنسانية في غياب سلطة الحكومة عن المنافذ الحدودية.

يقول جمال علي اسماعيل (36 عاماً)، سوداني الجنسية، والذي يعمل فنياً في مصنع مبردات إنه عندما اندلعت الثورة في مدينة مصراتة قامت كتائب القذافي بتسفيره هو وعدد من العمال الآخرين إلى تونس.

تعمل المجالس المحلية في المدن الجنوبية على محاولة ضبط دخول العمال الأفارقة إليها وفق الإمكانيات المحدودة المتاحة، إلا أنها تعجز طبعاً عن ضمان حقوقهم المادية والإنسانية في غياب سلطة الحكومة عن المنافذ الحدودية.

يقول جمال علي اسماعيل (36 عاماً)، سوداني الجنسية، والذي يعمل فنياً في مصنع مبردات إنه عندما اندلعت الثورة في مدينة مصراتة قامت كتائب القذافي بتسفيره هو وعدد من العمال الآخرين إلى تونس.

ويصف الرحلة التي استغرقت أياماً طويلة بأنها كانت “رحلة عذاب، والمعاملة كانت سيئة جداً”، ليبقى ومن معه بعدها في تونس عشرة أيام، حيث قامت منظمة إنسانية بالتعامل معهم، حتى تم تسفيرهم كلٌّ إلى بلده.

أما عن رحلة عودته إلى ليبيا، فقد اعترف بأنه دخل البلاد بطريقة غير رسمية عبر مدينة الكفرة، ولم يجرى عليه أي كشف صحي إلا في بوابة منطقة السدادة الواقعة 60 كم شرقي مصراتة على الساحل الشمالي، حيث تبين أنه لا يحمل أية أمراض.

ويؤكد جمال أن ما دفعه للعودة إلى ليبيا هو سوء الظروف المعيشية في بلده حيث أنه من سكان إقليم دارفور غربي السودان الذي يشهد نزاعات قبلية مسلحة، تجعل من الصعب عليه إيجاد عمل يوفر من خلاله قوت أسرته.

يُعدُّ جمال واحداً من عشرات الآلاف الذين يدخلون ليبيا شهرياً عبر الحدود الجنوبية، منهم من يستقر فيها، ومنهم من يركب البحر طالباً الشواطئ الأوروبية، ويسبب هذا الزحف الكثير من المشاكل المتعلقة بتنظيم الإجراءات والوقاية من الأوبئة والأمراض.

يقول علي التواتي (41 عامًا) والذي يعمل سائقاً على الطريق بين مصراتة وسبها الواقعة جنوب غرب ليبيا، إنه وجد نفسه مضطراً في كثير من الأحيان أن يدفع من جيبه لإجراء كشوفات صحية لركابه من العمالة الوافدة الأفريقية، تفادياً لأن تتم مخالفته.

[ibimage==839==Small_Image==none==self==null]

علي التواتي

حيث يتم إجراء تحاليل طبية لهم في المدخل الشرقي لمصراتة، ويوقعون على إقرار تعهد بالتفاهم مع الكفيل في حال ثبت عدم حملهم لأية أمراض، وإلا فإنه يتم نقلهم إلى أماكن يحتجزون فيها للنظر في أمرهم.

وحتى أماكن احتجازهم التي تحولت إلى محطات توقف غير معروفة الأجل، تعتبر مشكلةً معقدةً تعاني السلطات في سبيل إيجاد سبيل لحلها، هذا عدا عن كون معظمهم لايحملون أية أوراق ثبوتية من الأساس، أو يحملون تراخيص مزوَّرة.

رمضان الرمالي رئيس قسم التشغيل والاستخدام بمكتب العمل في مصراتة يؤكد أن مُجمل العمالة الأفريقية الموجودة في المدينة تحمل تراخيص مزورة، ولا تحمل جوازات سفر.

موضحاً أن الموافقة المبدئية للعامل تُمنح من مكتب الاستخدام داخل ليبيا، ومن ثم يأتي دور إدارة الجوازات لاستكمال إجراءات الاستجلاب.

ويؤكد الرمالي الذي يدير مكتباً يتهافت عليها الكُفلاء لاستلام الأوراق المطلوبة لاستجلاب العمالة أن هناك من يستغل النقص في العمالة، ويتاجر في التراخيص.

كما أنه لا يوجد ما يضمن حقوق العمال أو الحد الأدنى لأجورهم، حيث أن قانون العمل يضع حداً أدنى لأجر من يعمل بمرتب شهري فقط، ولا يشمل أجور العمل بالمتر أو المقطوعية.

من جهة أخرى يقول العقيد صالح علي رئيس اللجنة الأمنية فرع مصراتة، أن موضوع العمالة الوافدة يحتاج إلى معالجة على مستوى الدولة، وإلى إحكام السيطرة على المنافذ، للحد من زحف المهاجرين غير الشرعيين.

ورغم أن الجهات التي كلفت بهذه المهمة لحد الآن لا تملك أية مقار أو إمكانيات تؤهلها للقيام بهذا العمل، إلا أنها تمكنت من ضبط حالات تسلل كثيرة.

أما العقيد علي أبو عود رئيس فرع مباحث جوازات مصراتة، فيُقرّ بأن الفرع لا يملك مقراً للعمل بعد أن تم الاستيلاء على مقره، ما نتج عنه صعوبة كبيرة في الرقابة على العمالة الوافدة.

[ibimage==833==Small_Image==none==self==null]

العقيد علي بوعود

وأشار أن الفرع يقوم بالتنسيق مع اتحاد الثوار ومديرية الأمن لمنع دخول أي أجنبي إلى مصراتة ممن لهم أرباب عمل إلا بعد إجراء الكشف الطبي الكامل، وقال إنه يجري العمل على إصدار بطاقات مؤقتة للعمالة الوافدة إلى حين استكمال إجراءات الإقامة الخاصة بهم عن طريق الكفيل.

العقيد محمد الرايس رئيس فرع جوازات مصراتة اختلف بدوره مع من سبقه من المتحدثين، حيث يؤكد أن العمالة الأفريقية التي دخلت بطريقة غير شرعية أعدادها بسيطة جداً لا تتعدى 5% من العدد الكلي الموجود في ليبيا.

والكفيل هو المطالب بتوفير المستندات اللازمة لإصدار شهادة إقامة، وهي تتضمن شهادة صحية للعامل وموافقة إدارة القوى العاملة على منحه ترخيصاً بالعمل.

في ظل اعتماد الليبيين الكامل على العمالة الوافدة في إنجاز الكثير من الأعمال التي تتطلب جهداً عضلياً أو أعمالاً حرفية، تبقى مشكلة البدء في تنظيم دخول هذه العمالة ومنحها تصاريح للعمل هاجساً يؤرق أصحاب الأعمال، ويدفعهم في بعض الأحيان لمخالفة القوانين واستخدام عمالة لا تملك تراخيص أو يدركون أن تراخيصها مزورة.

فيما تشكل الفوضى التي تكتنف عملية تنظيم الإجراءات جنًّة لعابري الصحراء الليبية طلباً لركوب البحر إلى أوروبا، ما يزيد الأمور تعقيداً على مستوى الحكومة الليبية المؤقتة التي عجزت عن تحقيق المأمول منها في هذا الملف وغيره من الملفات الشائكة.